عام على انطلاق مجلة صور
«صور» الواقع السوري.. وطموحات الإعلام البديل
عامٌ مضى على صدور العدد الأول من مجلة «صور»، في إطار مشروع «مركز المجتمع المدني والديمقراطية» لمواكبة عملية التغيير التي قرر السوريون خوض غمارها، للتخلص من إرث الدكتاتورية والاستبداد، والتأسيس لدولة القانون والديمقراطية.
ومضى العام ونحن شهودٌ على حالة الحرب الأهلية التي يعيشها هذا البلد الممزق، والذي يعاني سكانه المدنيون من أبشع الانتهاكات التي ترتكبها مختلف الأطراف المشاركة في الحرب، فكان القتل والتهجير، والتطهير الطائفي والعرقي، والاقتتال الأهلي والفوضى، والانتهاكات بحق المرأة والطفل، ومشاهد العنف والتوحش، هي ما فرض نفسه على المجلة، باعتباره «صور» الواقع السوري.
حاولنا خلال سنة كاملة، رصد المشهد السوري بكل تفاصيله بموضوعية، ودون الانحياز إلا للسوريين الذين أنهكتهم النزاعات وحروب الآخرين على أرضهم، بعد أن كانوا يحلمون بانجاز مشروعهم الخاص ببلد جميل بتنوعه البشري، تقوم فيه دولتهم العصرية التعددية، والقائمة على عقدٍ اجتماعي ودستور يعترف بكل المكونات والفئات والشرائح.
أمام هول الأزمة السورية، وحجم الدمار ومشاهد القتل اليومي الذي يتعرض له السوريون، تحاول مجلة صور أن تحيط بالمشهد السوري، لتنقل أهم التفاصيل التي تساهم بتكوين رؤية أوضح لدي السوريين. وفي خضم كل ذلك لا تنسى المجلة أن تكون منبراً للرأي الحر، ومشروعاً معرفياً يستهدف رفع وعي السوريين بواقعهم أولاً، وبمفاهيم الفكر المدني والديمقراطية ثانياً، بكل ما تتطلبه هذه المفاهيم من إضاءة على الحقوق والمبادئ الأساسية التي تساهم بتحسين شروط حياة كافة فئات المواطنين، وخاصة الفئات النوعية التي تعيش الظروف الأسوأ على الصعيد الوطني، وتدفع الثمن الأكبر، كالنساء والأطفال والشباب والأقليات الدينية والقومية.
كانت بوصلتنا في مجلة صور منذ تأسيسها المواطن السوري الذي يعيش داخل البلاد، ويعاني بين مطرقة الحرب بكل عبثيتها وجنونها، وسندان الواقع المعيشي والظروف الاقتصادية والمادية الصعبة المرافقة للحرب، دون أن ننجر إلى الاصطفافات المطروحة سياسياً على الساحة السورية، والمتمثلة في ثنائية المعارضة والنظام، محاولين فقط نقل هموم ومشاكل الناس بمهنية وموضوعية، دون إغفال نقل وجهات النظر المختلفة المتداولة في سوريا، لأننا نعتبر ذلك حقاً من حقوق الجمهور علينا، حتى يكون على دراية ومعرفة بما يجري من حوله، وبناءً عليه يتمكن من اختيار ما يناسبه، ويصبح مسؤولاً عن قراراته.
شاب عملنا في المجلة، ككل الصحافة البديلة في سوريا، عدد من النواقص والثغرات، بحكم تعقيد الوضع ومحدودية الإمكانات، والصعوبات والتهديدات التي يعاني منها الصحفيون والمواطنون الصحفيون في ظل الحرب، إلا أن «صور» حاولت دائماً أن تتجاوز كل هذه المعوقات، وأن تطور من أدائها المهني والصحفي، وتتجاوز كل الثغرات التي تضعف هذا الأداء.
ورغم ذلك نؤمن أن الطريق مازال طويلاً أمام الصحافة البديلة لتصل إلى المستوى المرجو، لتكون (كما يفترض من اسمها) بديلاً حقيقياً لما هو سائد إعلامياً، ولتشكل القاعدة الضرورية لأي مشروع ديموقراطي شامل في البلاد، إذ لا دول ومجتمعات حرة بلا إعلام حر، وربما كان العكس صحيحاً. وبناء عليه فإننا في «صور» نرحب بكل الانتقادات ووجهات النظر المختلفة، والأفكار والمبادرات الجديدة، التي من شأنها أن تصوّب عملنا وتطوره باتجاه تحقيق الغاية المنشودة لكل إعلام حر.
تنتهج المجلة حالياً أسلوب الصحافة الاستقصائية، بنشرها العديد من التحقيقات والتقارير والقصص الصحفية التي تعالج الواقع السوري بكل جوانبه، كما أنها تنشر مقالات الرأي والمقالات الثقافية والحقوقية، وإذا كانت المدنية «تتأصل بالوعي» كما يؤكد شعار المجلة، فإن مجلتنا مفتوحة لكل أشكال التعبير والكتابة والعمل الصحفي، التي تساهم في تأصيل الوعي وترسيخه، وتعمل على تطوير الحالة المدنية بين السوريين، رغم كل الظروف القاسية والتحديات الصعبة.