(Selma) مسيرات الحالمين بالحرية والمساواة
يوسف شيخو
على مدى ثلاثة عشر عاماً من حياته النضالية، حرّض زعيم حركة الحقوق المدنية، القس مارتن لوثر كينغ، مئات الآلاف من الأمريكيين الأفارقة على ترديد أحلامهم في المسيرات السلمية؛ إلى أن تمكنوا من كسر طوق التمييز العنصريّ الذي ارتدوه قسراً. وهي الفترة المظلمة التي طويت بعضٌ من صفحاتها بمساعي ناشطين بارزين، على رأسهم كينغ، أصغر حائزٍ على جائزة "نوبل" للسلام.
في العام 1964، أطلقت منظمات الحقوق المدنية حملة تسجيلٍ للناخبين في"سيلما"، وهي مدينةٌ صغيرةٌ بولاية ألاباما، تبعد 50 ميلاً تقريباً إلى الغرب من مقاطعة مونتغومري. كان يقطن سيلما حوالي 15 ألفاً من السود، ولكن لم يتمكن سوى 350 فرداً منهم من تسجيل أسمائهم للتصويت. وخلال تجمعٍ شعبيٍّ حول حقوق التصويت بمدينة ماريون، في شباط 1965، أقدمت الشرطة على قتل شابٍّ أسود يدعى جيمي لي جاكسون.
جاء ردّ القس كينغ على حادثة مقتل جاكسون بالدعوة إلى مسيرةٍ من سيلما إلى مبنى كونغرس ولاية ألاباما في مونتغومري. وهناك واجه المتظاهرون، الذين بلغ عددهم حوالي 525 شخصاً، قوّات الشرطة على جسر "بيتوس". وحينها قمعت المسيرة، بعد هجومٍ عنيفٍ للشرطة. وعُرف ذاك اليوم (7 آذار 1965) بيوم "الأحد الدامي".
لم يستسلم كنغ، بل أعلن عن تنظيم مسيرةٍ ثانيةٍ من سيلما إلى مونتغومري. ودعا القادة الدينيين من كافة أنحاء البلاد إلى الانضمام إلى المسيرة "السلمية اللاعنفية للحرية". وفي 9 آذار، قاد كنغ حوالي ثلاثة آلاف متظاهرٍ سلميٍّ من السود، انضمّ إليهم المئات من رجال الدين البيض. واجه المتظاهرون الشرطة عند جسر بيتوس، وحينها طلب كنغ من الحشد العودة. خيّب قراره آمال البعض، لكنه برّر القرار بالقول: "كمناهضٍ للعنف، لم أكن قادراً على تحريك الناس إلى وضعٍ من المحتمل أن يصبح عنيفاً".
في 15 آذار، أصدر الرئيس ليندون جونسون قانون حقوق التصويت. وقال جونسون في خطابٍ إلى الشعب: "ليست هناك مشكلةٌ زنجية. ليست هناك مشكلةٌ جنوبية. ليست هناك مشكلةٌ شمالية. هناك فقط مشكلةٌ أميركية.. ونجتمع هنا الآن في هذه الليلة كأميركيين... لحلّ هذه المشكلة.. يقول الدستور إنه لا يجوز حرمان أيّ شخصٍ من حقّ التصويت بسبب عرقه أو لونه. لقد أقسمنا جميعاً اليمين أمام الله بأن ندعم ذلك الدستور وندافع عنه.. علينا أن نعمل الآن لإطاعة ذلك اليمين".
يتناول فيلم سيلما (Selma)، إخراج آفا دوفرناي، دور كينغ (ديفيد ايلوو) في تنظيم المسيرة التاريخية من سيلما إلى مونتغومري للضغط على الحكومة لتغيير قانون التصويت. ويحاول العمل، ومدته 128 دقيقةً، إلقاء الضوء على تفاصيل تلك التطوّرات، منذ بدء الاحتجاجات وحتى خطاب الرئيس جونسون الشهير. وكذلك يتناول جانباً من حياة كينغ الشخصية، ولا سيما الخاصّة بعلاقته الزوجية، بعد تسريب تسجيل علاقاته الغرامية مع عشيقاته في الفنادق التي كان يرتادها.
عُرض العمل لأوّل مرّةٍ في مهرجان معهد الفيلم الأمريكيّ في 11 نوفمبر 2014، ورُشّح لأربع جوائز "غولدن غلوب"، منها أفضل فيلمٍ وأفضل مخرجٍ وأفضل ممثل، وربح جائزة أفضل أغنيةٍ أصلية. كما رُشّح لأفضل فيلمٍ وأفضل أغنيةٍ أصليةٍ في حفل توزيع جوائز الأوسكار في الدورة (87).
وأعرب ديفيد ايلوو عن خيبة أمله لتجاهل فيلمه في ترشيحات جوائز "بافتا" البريطانية. ومع إعلان ترشيحات جوائز أوسكار، اتُّهمت الأكاديمية المانحة للجائزة بسياسة "التمييز العنصريّ"، لتجاهلها ممثلين ومخرجين سوداً "يستحقون التكريم". وانسحب التجاهل على ترشيحات نقابة الممثلين، إذ لم يحصل ايلوو على ترشيحها، كما لم يظهر اسم المخرجة دوفيرني، وهي أميركيةٌ من أصولٍ أفريقيةٍ، ضمن قوائم نقابة المخرجين، فضلاً عن أن الفيلم لم يُرشّح لجائزة نقابة المنتجين.
شاهد نبذة عن الفيلم ؛
الترجمة غير متوفرة