info@suwar-magazine.org

في الصراعات السياسية العرقية

في الصراعات السياسية العرقية
Whatsapp
Facebook Share

 

 

 

*ريناس سينو

 

يزداد الوضع في سوريا سوءاً مع استمرار العنف الذي تجاوز كل المقاييس من كل أطراف الصراع في سوريا بعد  فشل المحاولات السياسية المتتالية الهادفة إلى إيجاد تسوية بين تلك الأطراف  المتنازعة وخلق نوع من التوافق بين القوى الإقليمية والدولية التي تقف خلفها.

 

 ومع كل ذلك، تزداد مخاوف المكونات السورية من مصير مجهول ينتظرها في المستقبل في الوقت الذي لا تخفي الأكثرية خوفها من أن تذهب كل تضحياتهم أدراج الرياح مع استمرار شعوروهم بالظلم  وحشرهم في الحرب الطائفية التي بشّرَ بها حاكم دمشق ومساعدته بثينة شعبان قبل خمس سنوات.

 

كل هذا خلق نوع من التحالفات االبراغماتية الغريبة والمعقدة بين المجموعات العسكرية، تدعمها دول إقليمية ودولية لتحقيق مصالحها بحيث أصبحت كل دولة من هذه الدول تدعم مكون على حساب اَخر، مما نقل حالة العداء بين هذه الدول إلى حلفائها العسكريين المحليين و ما زاد الوضع سوءاً، هو تقوقع كل مكون من هذه المكونات خلف قوة عسكرية نتيجةً لفقدان الثقة والشعور بالأمان؛ الأمر الذي انعكس بطبيعته على الأوساط السياسية والنشطاء مما خلق فجوات وشروخاً وصلت إلى حدّ اتهام الجميع للجميع باللاوطنية وبالأنانية، وهذا صحيح بالمطلق اذا ما أخدنا وجهة نظر كل طرف والزاوية التي انطلق منها في التحليل ليبني وجهة نظره بعين الاعتبار، ولكن اذا ما وضع أي طرف نفسه مكان الطرف الاَخر، وحاول أن يستشعر مخاوفه، سيدرك تماماً أن الصورة ليست كما تبدو، وأن الجميع لهم مطالب وهي محقة بمجملها اذا ما وضعناها في سياقها الحقوقي والتاريخي.

 

دون أن ننسى وجود الخلافات التاريخية والاضطهاد والتهميش الذي عاشه الشعب في ظل الحكومات التي حكمت باسم مكونات معينة، خُلق نوع من أنواع الصراعات العرقية الخفية رغم محاولات البعض إخفاء هذه  الحقيقة المرة.. نعم يوجد في سوريا صراع عرقي (عربي كوردي) خفي، أو لنقل إنه تتوفر كل عوامل هذا الصراع، وهو قابل للانفجار في أي لحظة إذا ما أرادت بعض الدول تحريكه كورقة أخيرة.

 

فالعرب السنة نتيجة لكل العنف الممارس ضدهم بشكل طائفي واضح، كان من الطبيعي أن يتولّد لديهم شعور بالظلم، مع استشعارهم أن مؤامرة كونية تحاك ضدهم، و أن ليس العالم فقط قد تخلى عنهم، بل حتى شركاؤهم في الوطن، والشيء ذاته ينبطق على الكورد الذين ينتظرون منذ مئات السنين أن يتحقق حلمهم في بناء دولتهم، أو على الأقل الحصول على نوع من الحكم الذي يجعلهم يشعرون بأنهم يمتلكون عنصر السيادة فوق أرضهم التي ولدوا عليها، أما فيما يتعلق بالمكونات الدينية الأخرى، فقد كان أمراً حتمياً أن يتوجسوا من الخطاب الديني الذي يتصاعد يوماً بعد يوم، ليس فقط عند داعش وجبهة النصرة، بل عند الكثير من الجماعات الإسلامية الأخرى التي أدت طبيعة الصراع إلى أن تتحول الى الحامي الأساسي لحقوق السنة.

 

 

كل ما سبق ذكره له أسبابه الموضوعية التي تنطبق مع أسباب تراجع وضبابية مواقف الكثير من الدول التي تسمى أصدقاء الشعب السوري ومن هذه الأسباب:

١- سياسية النظام القائمة على الدفع باتجاه الطائفية من خلال التركيز على استخدام العنف بحق مكون أساسي، ومحاولة  استغلال مخاوف المكونات الأخرى، لبناء تحالفاته.

٢- الخطاب الديني المتصاعد من بعض المجموعات العسكرية والسياسية التي لم تجد سوى في الخطاب الديني اَلية لاستقطاب عامة الناس مستغلةً العنف الممارسة ضدهم.  

٣- غياب الهوية السورية الجامعة بين مختلف المكونات العرقية والدينية، وما زاد الوضع سوءاً، هو عدم امتلاك المعارضة لاستراتيجية واضحة لبناء سورية جديدة.

٤- الخلافات العميقة بين الدول الداعمة للفصائل والأطراف المختلفة حول شكل سوريا المستقبل بسبب تضارب مصالحها.

 

إن البحث عن حلول لكل هذه الأسباب هو أمر في غاية الصعوبة، ولكن هناك ثلاث نقاط محورية يجب التركيز عليه:

الأولى: هي ضرورة الاعتراف بحقوق المكونات جميعها بدون استثناء، وأيضاً الاعتراف بالظلم الذي طال كل طرف بشكل صادق وحقيقي، لأن هذا هو جوهر العدالة الانتقالية الذي يقتضي الاعتراف بحقوق الضحايا، فكل الشعب السوري كان ضحيةً لنظام دكتاتوري.

 

ثانيا: نحن بحاجة إلى تيار ليبرالي جديد جوهره ثقافة حقوق الإنسان والحرية والعدالة لإعادة بناء الهوية السورية المدمرة، ويجب على هذه الثقافة أن لا تكون مجتزئة، أي أنه لا يجوز أن نقر  مثلاً أن من حق الجميع التنقل ولكن ليس من حقهم التعبير عن الرأي و هذا يقتضي أن تبدأ هذه الثقافة من حق الإنسان في الحصول على حياة اَمنة وكريمة إلى حق تقرير المصير…

 

ثالثا: فصل الدين عن الخطاب السياسي والعسكري والتركيز على بناء دولة مدنية تقف على مسافة واحدة من الجميع.

.

.

.

اقرأ المزيد للكاتب ..

 

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard