info@suwar-magazine.org

خمسة تحوّلاتٍ رئيسيةٍ طرأت على نمط حياة السوريّين بسبب الحرب

خمسة تحوّلاتٍ رئيسيةٍ طرأت على نمط حياة السوريّين بسبب الحرب
Whatsapp
Facebook Share

 

ليليا نحاس

 

بعد سنواتٍ من الحرب يُجمع السوريون على أن شيئاً في حياتهم لم يعد كما كان، بما في ذلك عادات الفرح والحزن وأسلوب الطعام واللباس وتقاليد الزواج.

 

المسكن

 

دفعت حالة الحرب الدائرة في سوريا ملايين السكان إلى تغيير أماكن سكنهم بحثاً عن الأمان، وانتقلت آلاف العائلات إلى الإقامة في خيامٍ وشققٍ صغيرةٍ تحوّلت إلى بيوتٍ بديلة.

 

 

تقول السيدة جمانة، النازحة من منطقة القابون إلى قلب العاصمة دمشق، لمجلة صوَر: "كان بيتي ثلاث غرفٍ وصالة، أما اليوم فأسكن وزوجي وأولادي مع أبي وأمي في بيتٍ مؤلفٍ من غرفتين وصالة. تغيّرت كلّ عاداتي وأشعر بعدم الاستقلال الكامل. ليس لدينا خيارٌ آخر، قُصف بيتنا ونجونا بأعجوبة".

 

أما كمال، وهو شابٌّ ثلاثينيٌّ مقيمٌ في أنطاكية، فيقول لصوَر: "في حلب كنت مستقلاً عن أهلي وأسكن في بيتٍ بمفردي، واليوم اضطررت إلى السكن معهم مجدّداً بعد 10 سنوات".

وفي ريف حلب الشماليّ، ونتيجة القصف المستمرّ من الطيرانين السوريّ والروسيّ، لجأ السكان إلى إنشاء خيامٍ في محيط القرى والبلدات التي يسكنونها، ليلجأوا إليها عند اشتداد القصف.

 

 

تقول أم جمال، من تل رفعت، لمجلة صوَر: "حصلنا، عن طريق إحدى المنظمات الإنسانية، على خيمةٍ كبيرةٍ نصبها أولادي في مزرعة الزيتون. نخرج إليها في الصباح الباكر ونعود في المساء للنوم في بيتنا، هرباً من قصف الطيران. هذه هي حالنا منذ أكثر من عامٍ ونصف". وتضيف: "قمت بنقل جزءٍ من فرش البيت إلى هذه الخيمة التي تحوّلت إلى بيتٍ بديل، أشعر فيها بأمانٍ أكثر من بيتي الأساسيّ".

 

الطعام

 

هناك اثنا عشر مليون سوريٍّ في حاجةٍ إلى مساعداتٍ إنسانيةٍ، تبعاً لأرقام الأمم المتحدة، ما يعني أن أكثر من نصف السوريين في حاجةٍ إلى العون. يعكس هذا التغيّرات التي طالت الحياة وعاداتها، فآلاف الأطفال باتوا يعانون من نقص التغذية.

 

يقول علي عمراني من مضايا: "العديد من سكان المناطق المحاصرة باتوا يقتاتون على الأعشاب، ويأكلون لحوم القطط والكلاب".

 

 

وتقول السيدة أم أحمد، من سكان حيّ ميسلون في الجزء الواقع تحت سيطرة النظام بحلب: "زوجي طبيبٌ بيطريٌّ وأنا معلمة. بعد ارتفاع الأسعار بشكلٍ جنونيٍّ أعدت تنظيم عادات بيتنا؛ نتناول وجبتي طعام: الأولى في الساعة الثانية عشرة صباحاً، والثانية في السابعة مساء. كلّ شخصٍ له مخصّصاتٌ محدّدةٌ، في الغداء أطبخ بمعدل ثلاثة صحونٍ لكلّ فردٍ من عائلتي".

 

وتتابع أم أحمد: "إعادة الترتيب هذه وفّرت علينا مبلغاً جيداً استطعنا الاشتراك من خلاله بالأمبيرات لتأمين الكهرباء للبيت".

 

وتضيف بلهجةٍ حزينة: "منذ خمس سنواتٍ لم يكن أحدٌ يفكر في الطعام والشراب، حتى الفقراء من السوريين. كنت أمضي فصل الخريف في تحضير مؤونة الشتاء، وفي هذا العام لم أستطع أن أحضّر شيئاً، فالأسعار خيالية، وأخاف أن أضطرّ إلى النزوح من بيتي وأخسر الأموال التي دفعتها لتحضيرها. اليوم نشتري كمياتٍ قليلة".

 

الزواج

 

تتمّ العديد من خطوات الزواج اليوم من خلال العالم الافتراضيّ. تحكي ريما من حلب تجربتها: "أحببت زوجي، وكنا نخطّط لإجراء حفلةٍ للخطوبة بحلب، لكن اعتقاله لمدة 7 أشهرٍ دفعه إلى السفر مباشرةً إلى تركيا بعد خروجه. بعد قرابة 7 أشهرٍ اتصل بأبي متقدّماً لخطوبتي. اعترض أبي في البداية فهو لا يعرفه ولم يره من قبل، ولكن ضغط أعمامي جعله يقتنع. تحدث أبي وأمي مع خطيبي لمرّةٍ واحدةٍ عبر السكايب، وكانت الصورة غير واضحة. أقمت مع إخوتي حفلاً عبر السكايب ولبست فستاناً وشغّلنا أغاني ورقصنا واحتفلنا، وعلى الجهة المقابلة احتفل مع رفاقه في البيت الذي يسكنه معهم، ولبسنا المحابس. لم يصدق أحدٌ أنني أقمت حفل خطوبتي حتى يشاهد الفيديوهات". وتتابع: "سافرت من حلب إلى لبنان فتركيا. أقمنا هناك حفل زواجٍ صغيرٍ جمع رفاقنا المقرّبين بعيداً عن الأهل والأقارب. رفاقي اليوم هم أهلي فالحرب شتتت عائلتي؛ أبي وأمي يعيشان في طرطوس، وإخوتي يتابعون دراستهم في جامعة دمشق". وتضيف: "يشعر الكثيرون بغرابة طريقة خطوبتي وزواجي، لكنني سعيدةٌ بذلك. أشعر أنني ألتقط لحظة الفرح من وسط الدمار والحرب".

 

تغيّرت تقاليد الزواج بشكلٍ كبير، فمدينة حلب التي اشتهرت بكثرة التحضيرات والاحتفالات باتت الأمور فيها اليوم أقلّ تعقيداً. تتحدث قمر من حلب لمجلة صوَر: "كان الحلبيون يطلبون من الشابّ، إضافةً إلى الذهب والبيت، مبلغاً مالياً يدفعه العريس ثمناً لثياب العروس. لم تعد غالبية العائلات تطلب شيئاً، حتى البيت لم يعد شرطاً، فالحرب جعلت سكان المدينة يتنقلون كثيراً".

 

 

وتضيف: "حتى حفلات الخطوبة والزواج لم تعد تقام في الأماكن العامة، وأصبحت تقام في البيوت. تبدأ في الواحدة ظهراً وتنتهي في الخامسة عصراً، في السابق كانت تنتهي في الخامسة صباحاً. تستعير العروس اليوم فستانها أو تستأجره من المحلات الخاصّة. الكثيرات أيضاً يشترين محبس الخطوبة فقط ويستعرن الحليّ الذهبية من أقاربهنّ، أو يلبسن الذهب الخاصّ بأمهاتهنّ خلال الحفلات".

 

الإنفاق

 

يحاول السوريون، ممن حالفهم الحظّ باستمرار عملهم، أو أسعفهم في إيجاد فرصة عملٍ بدول الجوار، توفير المال لمساعدة أنفسهم والمقرّبين منهم في حال تطلب الأمر.

جميل، وهو شابٌّ من حماة، يقول لمجلتنا: "في السابق كنت أنفق نصف راتبي ثمناً للملابس التي أشتريها من الوكالات ولا أفكر كثيراً، اليوم بتّ أشتري من محلات الألبسة المستعملة (البالة) وأكتفي بالقليل منها. أحاول أن أوفر جزءاً من راتبي فلا أعرف ماذا تخبّئ الأيام لي".

 

 

أما نور، التي تعمل في إحدى الشركات الخاصّة بحمص، فتقول لصوَر: "أحاول التوفير كثيراً لكن الغلاء لا يترك مجالاً لذلك، فالأسعار تضاعفت خمس مرّاتٍ ولا زيادة في الأجور. عندما أحاول أن أوفر قليلاً من المال ليساعدني في حال فكّرت في السفر إلى خارج سوريا، أصطدم بأن الدولار يعادل 400 ليرةٍ سورية وراتبي 30 ألف ليرة. إن استطعت توفير 8 آلاف شهرياً فهذا يعني أني أوفر20  دولاراً فقط".

 

أما ماهر، وهو شابٌّ يعمل في منظمةٍ إنسانيةٍ بمخيم الزعتري بالأردن، فيقول لصوَر: "أعيش حياة تقشفٍ لأرسل مبلغ 200 دولارٍ لأهلي في دمشق، وأوفر 300 دولارٍ لنفسي لتأمين أجرة العبور إلى أوروبا في حال توقف عملي هنا".

 

ويضيف: "هكذا هي حياتنا، تفكيرٌ دائمٌ في تأمين متطلباتنا اليومية، ومخاوف مستمرّةٌ من المستقبل وماذا يخبّئ لنا. كلّ شيءٍ تغيّر في حياتي، حتى أبسط اهتماماتي".

.

.

اقرأ المزيد للكاتبة.. 

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard