info@suwar-magazine.org

أنجلينا جولي تغرق في أرض الدم والعسل

أنجلينا جولي تغرق في أرض الدم والعسل
Whatsapp
Facebook Share

 

في أول تجاربها الكتابية والإخراجية

أنجلينا جولي تغرق في أرض الدم والعسل


علي سفر


فيلم (في أرض الدم والعسل) إنتاج 2011، ليس أول فيلم يتحدث عن مأساة الحرب في البوسنة والهرسك، فقد جرى العمل على الكثير من الأفلام الوثائقية والدرامية الخاصة بهذه الحرب سابقاً، غير أن هذا الفيلم يكتسب أهمية خاصة لكونه شهادة ووجهة نظر خاصة تقدمها الممثلة الأمريكية (أنجلينا جولي) ككاتبة ومخرجة، قامت بزيارة البلقان مراتٍ عديدةٍ بوصفها سفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة.

 

يروي الفيلم حكاية الفنانة التشكيلية البوسنية المسلمة (أيلا زانا ماريانوفيتش) التي ارتبطت عاطفياً برجل الأمن البوسني الصربي (دانيال غوران كوستيتش) قبل بداية الحرب، ولكنها ومع اندلاع القتال تؤسر مع مجموعة نساء مسلمات في معسكرٍ صربيٍ يتولى دانيال قيادته، فيحاول مساعدتها على الهروب من المكان الذي ترتكب فيه الفظائع بحق النساء، ولكن أيلا ترفض الهروب وتفضل البقاء تحت حمايته، وحين ينتقل إلى سراييفو تحاول أيلا الهروب، ولكنها تفشل ثم تعيد الكرة وتنجح في الوصول إلى منطقة يسيطر عليها البوسنيون المسلمون، حيث تلتقي بأختها ومجموعة من المقاومين الذين يقنعونها بأن تستغل علاقتها العاطفية بدانيال من أجل خدمة قضيتهم، وهكذا يتم فبركة عودتها إلى دانيال الذي يأسرها ويبقيها في مركز قيادته لتكون محظيته، غير أن والده الجنرال الصربي (رادة شربجيا) يستاء من علاقة ابنه بفتاة مسلمة ويحاول أن يرغمه على التخلص منها محذراً إياه من أنها ستخونه في وقتٍ ما. لكن دانيال لا يرضخ لقرار والده ويستمر في علاقته مع أيلا، ومع تطور الأحداث في الحرب يخبرها بأنه سيختبئ في إحدى الكنائس، حيث يقوم المقاومون البوسنيون بتفجير المكان ولكن دانيال الذي ينجو من الموت يرى أخت أيلا في المكان فيدرك أن سره قد كشف بسبب عشيقته، فيمضي إلى حيث تركها ليقوم بقتلها، ولنراه في نهاية الفيلم يقوم بتسليم نفسه لقوات حفظ السلام معترفاً لهم أنه مجرم حرب..!

 

 

كاية الفيلم المتخيلة، وربما تبدو مستحيلة الحدوث في ظلال ما عرفناه وشاهدناه من تاريخ الحرب الأهلية في البوسنة، غير أن ما هو صعب الحدوث يبدو مساراً محتملاً لإعادة طرح المشكلة السياسية والعرقية التي عبرت عنها الحرب، فهنا حيث تكون العاطفة وسيطاً للعلاقة بين المتنازعين، يمكن لكلٍ منهما أن يقول ذاته، البوسني الصربي الذي يختزن كرهاً عالياً للتاريخ الذي قمعه وظلمه، مما يجعله يعيد إنتاج الظلم عبر تطبيقه على الآخرين، والبوسنية المسلمة التي لا تريد أن تغادر فكرتها عن أن البوسنة وطن للجميع.

 

تصادم المنطقين مع بعضيهما في معادلة (الجلاد والضحية) وكما قدمتها أنجلينا جولي ما كان ليستمر لولا تقاعس المجتمع الدولي - غير البريء - عن التدخل للفصل بين المتحاربين ولحماية المدنيين، ولكنه وبغض النظر عن هذا الأمر، استمر في الحكاية بسببٍ من الارتباط العاطفي بين الشخصيتين بشكلٍ أساسي، وبسبب من ضرورات أن تدافعا عن قضيتيهما في ساحة العلاقة ذاتها..، وهنا تهزم العاطفة بكل تأكيد إذ لا يمكن لها أن تقف في وجه طوفان الدم.

 

تجربة أنجلينا جولي الإخراجية تبدو وكأنها تسير على وراء خطابها وليس بالتوازي معه، فقد بدا الفيلم ساكناً وغارقاً بإيقاعٍ بطيءٍ جرى من خلالها إغفال السياق العام، فزمن الحكاية الذي يمتد إلى ثلاث سنوات جرى تحجيمه ضمن مسارات الشخصيتين، ولم ينفع المشاهد أن يرى المجازر وعمليات الاغتصاب والاشتباكات كي يمضي في سياق المأساة الكلية، وبدلاً من أن تكون هذه القصة العاطفية الحزينة في مركز الحكاية الأكبر، فإنها قد ظهرت وكأنها قصة هامشية تجري على حواف المأساة..!

 

وقبل كل هذا فإن السؤال الأهم الذي يطرحه المشاهد إزاء الفيلم هو؛ هل يمكن للعاطفة أن توجد بين المتحاربين في زمن المجازر والجرائم ضد الإنسانية؟ الضرورات الدرامية لإنشاء الحكاية والفيلم لا تلغي الأسئلة التي تحظى بمنطقية عالية، حتى وإن جاءت المحاولة بعد عقدين من الزمن.

 

 

 

 

 مشاهد من الفيلم؛
الترجمة غير متوفرة

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard