info@suwar-magazine.org

الأب باولو دالوليو (بولص)

الأب باولو دالوليو (بولص)
Whatsapp
Facebook Share

 

 

 

" أفكر في هذا البلد المقسم، المتألم، الجريح حتى الموت. أفكر بالشبان الكثر المسجونين، بالأشخاص المعذبين الكثيرين، بالشبان المسلحين في مختلف الخنادق، الذين يستحقون العيش في بلد يعيش بسلام، متعدد وديمقراطي." بهذه الكلمات وغيرها ودع الأب باولو سوريا بعد أن طلب النظام السوري والكنيسة مغادرتها، حيث قضى في سوريا ثلاثين عاما في دير مار موسى متنسكا، وبعد أن قام بترميمه والذي أصبح محجا للمسيحيين وقام أيضا بتجديد دير آخر بالاضافة الى بعض الكهوف القديمة التي كان الُنسّاك يستخدمونها قديما كملجأ. الى جانب تنسكه، جعل الأب باولو من حوار الأديان ونشر التسامح فيما بينها شغله الشاغل أيضا، وقد قام بنشر كتاب حول ذلك تحت عنوان: (الإيمان بيسوع، وحب الاسلام). كما شارك مع شيوخ الدين الاسلامي مشاريع تعليمية وبيئية وإقامة مؤتمرات في اللاهوت.

 

 

لم يقم الأب باولو بالتدخل في السياسة  على الرغم من طول المدة التي قضاها في سوريا ولم يقم بتقديم الولاء والطاعة للسلطة الحاكمة، كما فعل بعض رجال الدين من السوريين والعرب للحصول على الحظوة والعطايا، وانما زاد من التصاقه بالناس وهمومهم والدعوة للمحبة كما علمه اياها رسول المحبة والتسامح. ولكن مع انطلاق  المظاهرات في سوريا والتي تركت أثرها عميقا فيه وفي مواقفه والذي رأى بأن( الشعب السوري لم يعد يريد العيش تحت وطأة ديكتاتورية استبدادية)، وزاد ثقلا في نفسه ما شاهده من عنف السلطة وتمسكها بالحكم على حساب أرواح مئات وآلاف السوريين، ما جعله يطرح رؤية للمصالحة يحقق عبرها وفاق يرضي مطالب كل الأطراف، كان قد اطلق عليها "مبادرة الديمقراطية التوافقية".

 

الى جانب مساعيه لايقاف رحى الحرب السورية وعنفها، اهتم أيضا بما تركته الأزمة من مآس انسانية كالقتل والاختطاف، حيث سعى عبر حضوره ومكانته أن يبدأ في مدينة القصير القريبة من حمص والذي حرر فيها مختطفين وشارك ثوارها عشاءا وتبرع لهم ببعض من دمه عله يساعد في سد حاجة مصاب، من هنا بدأ صبر النظام السوري ينفذ وخصوصا بعد أن وجه رسالة الى الأمم المتحدة يطالبها بايقاف القتال وحل الأزمة السورية بأسرع وقت وتغيير في هيكلية الحكم، حينها طلب منه مغادرة البلاد وجاء الطلب من النظام السوري والكنيسة على السواء بحجة (الخروج عن نطاق مهمته الكنسية)، فغادرها مثقلا بالأسى مع وعود منه لأصدقائه وأحبائه بالعودة الى سوريا. ثم ما لبث أن عاد اليها بعد فترة وجيزة، زار فيها مناطق التي انسحب منها النظام ، لقي فيها حفاوة كبيرة وأجرى حوارات ونقاشات مع قيادات في الكتائب الاسلامية، وجمع كل ما سبق في كتاب صدر باللغة الفرنسية تحت عنوان (الغضب والنور، راهب في الثورة السورية).

 

قادما من مدينة تل أبيض بعد أن حاول إقامة صلح أو تسوية بين الأطراف المتعاركة فيها والتي فشل بها، جاء الأب باولو الى مدينة الرقة بعد خروجها من سيطرة النظام  على أمل لقاء قادة تنظيمات ونشطاء في المدينة ليقيم معهم حوارات ويساهم في اطلاق سراح صحفيين فرنسيين اثنين كانوا قد اختطفوا سابقا، إلا ان دولة الاسلام في العراق والشام قامت باختطافه بعد أن قام بطلب لقاء مع البغدادي والى تاريخ الساعة تتضارب الأنباء حول مصيره ولا توجد معلومات مؤكدة حول بقائه حيا أم قتل.

 

تختلف الآراء حول الأب باولو من مشكك بعمله ونعته بالجاسوس الى من يدعوه بأيقونة الثورة السورية، ولكن يؤكد كل من قد تعامل معه بأنه شخص لا يكرر مثله كما وصفه الفيلسوف الفرنسي المعاصر ريجيس دوبريه بأنه "المسيحي الاستثنائي".

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard