info@suwar-magazine.org

السوريات والزواج.. فوضى الوثائق، وتضارب «الشرعيات »

السوريات والزواج.. فوضى الوثائق، وتضارب «الشرعيات »
Whatsapp
Facebook Share

عقود الزواج في سوريا: صعوبات كبيرة، دفع رشاوي وغياب الاعتراف القانوني

 

(1)

 

كمال سروجي

 

تسبّب استمرار الصراع في سوريا، في حرمان آلاف السوريين من الحصول على وثائق زواج نظامية، الأمر الذي أدى لتعطيل حياة الكثيرين، وتوقف أحلامهم بمتابعة حياة عائلية معترف بها قانونياً، ويزيد حرمان النظام السوري سكان المناطق المنتفضة من جميع أشكال الخدمات، من تعقيد الأمور القانونية، ويسبب انتشار الرشاوى والإتاوات في الدوائر القضائية في مناطق سيطرة النظام، أعباءً إضافية تثقل كاهل السوريين.

تقول (سماح.خ) لمجلة صور: "للحصول على أي وثيقة اليوم في دمشق، عليك دفع رشاوى للموظف عن طريق السماسرة، من أجل غض الطرف عن غياب صاحب الوثيقة، والذي في الغالب سافر خارج سوريا بحثاً عن حياة أفضل".

 

 

وتضيف: "الطابع المالي الذي كنا نضعه على أي ورقة رسمية، كان ثمنه عشر ليرات، اليوم يباع أمام القصر العدلي بدمشق بخمسٍ وعشرين ليرة، معاملات الزواج صعبة، يشترط القاضي وجود الزوجين، وأغلب الشباب خارج سوريا أو لا يستطيع التوجه لدمشق خوفاً من اعتقاله على حواجز النظام". 

 

في مناطق سيطرة المعارضة

 

يعيش سكان المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة حياةً بعيدة عن مؤسسات النظام السوري، وكأنهم في بلدٍ آخر، هذا وقد استُبدلت مؤسساته بأخرى بديلة تابعة للمعارضة باختلاف أشكالها، لكنها لم تنل اعترافاً دولياً حتى اللحظة، فالمحاكم تحولت لمحاكم شرعية ومكاتب توثيق مدنية تتبع لمجلس القضاء الحرّ، تجري معاملاتها بهدف التوثيق وحفظ حقوق الناس مستقبلاً.

يتحدث أحمد السعيد، من بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي، لمجله صور: "انشققت عن الجيش في العام 2012، تزوجت بعدها، وكتبت عقداً لدى شيخ البلدة، بعد عام ونصف رزقت بطفلة، لا أملك سوى شهادة ولادة من المشفى في تركيا يثبت نسبها لي".

 

 

ويضيف: "حاولت كثيراً تسجيل ابنتي على سجلاتي ولكني لم أنجح كوني منشقاً عن الجيش، ولا أملك هويةً شخصية".

أما فاطمة من مدينة الرقة، والتي كانت تعمل محاميةً، فقد نجحت في تسجيل طفليها في دمشق وتقول لصور: "بمساعدة من زملائي الذين مازالوا يمارسون المحاماة في دمشق، تمكنت من تسجيل أطفالي بالسجلات المدنية الخاصة بزوجي، لكن الأمر استغرق حوالي السبعة أشهر، مع دفع رشاوى وصلت لحوالي المئة ألف ليرة سورية".

وتضيف: "كنا مضطرين لدفع هذه المبالغ، لأننا ننوي السفر إلى السعودية، ونحن بحاجة لهذه الوثائق لاستصدار جوازات سفر لهم".

 

ويلجأ الكثير من السوريين إلى الائتلاف الوطني لتثبيت زواجهم، حيث يمنح الائتلاف وثيقة زواج صادرة عن مكاتبه القانونية، لكن غياب الاعتراف القانوني بوثائق الائتلاف، يجعلها "حبراً على ورق" كما يقول عمر كعكة لصور، ويضيف: "ليس هناك أي بلد في العالم يعترف بعقد الزواج الصادر عن الائتلاف ولا الوثائق الأخرى".

 

ويتابع عمار: "حتى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لا تعترف بهذا العقد، ذهبت لأسجل عائلتي من أجل إعادة التوطين في أحد دول العالم، فلم أستطع ذلك بسبب عدم اعترافهم بهذا العقد".

وينتقد عمار الأمم المتحدة قائلاً: "حتى الأمم المتحدة التي من المفترض أن تكون المعين الأول للسوريين في حياتهم بعد تخلي العالم عنهم، لا تراعي ظروفهم وما يقاسونه من صعوبات يومية".

 

أما من لا يملك جواز سفرٍ في تركيا وهم غالبية السوريين، فهم محرومين من مراجعة المكتب القنصلي التابع لحكومة النظام.

وفي باقي دول اللجوء كلبنان والأردن، يخضع السوريون لقوانين محلية في غالبها، تحرمهم من حقوقهم، نتيجة غياب الوثائق الرسمية لديهم، فمعظمهم فرّ خلال زمن، ولم يصطحب معه شيئاً.

 

تكاليف مادية تثقل كاهل حملة جوازات السفر

 

 

ينقسم السوريون في تركيا، إلى أشخاص يحملون جوازات سفر سارية المفعول، يستطيعون الحصول على بعض الوثائق الرسمية، وإلى غالبية لا تحمل جوازات سفر، محرومة من أي حق في استخراج وثائق رسمية، ورغم تساهل الحكومة التركية في بعض الأمور، إلا أن أغلب الوثائق لا يُعترف بها خارج تركيا.

 

يتحدث القاضي المنشق إبراهيم حسين، نائب رئيس مجلس القضاء الحرّ المستقل لصور: "في وقائع الزواج والولادات بمخيمات اللجوء، تقوم إداراتها بالإحصاء والتسجيل، وتعترف الحكومة التركية بالأوراق الثبوتية كإخراج القيد المدني دون تصديقٍ من وزارة خارجية النظام".

 

في حين، يروي معتصم الحسن معاناته في عقد قرانه لمجلة صور، ويقول: "أسكن في مدينة غازي عينتاب، وخطيبتي بحلب، وعندما نويت الزواج بعقد نظامي في المحكمة، سافرت ثلاث مرات للمكتب القنصلي التابع للنظام بإستنبول، وبعد مضايقات كثيرة من موظفي السفارة، استطعت أن أحضر وكالة خاصة بتثبيت الزواج باسم والدتي، أرسلتها إلى لبنان ثم إلى سوريا، فلا بريد من تركيا إلى سوريا".

 

وعند ذهاب أمي للقصر العدلي برفقة خطيبتي لكتابة العقد، طالبوها بإرسال الوكالة الخاصة إلى فرع المخابرات العامة بدمشق وتصديقها، استغرقت العملية حوالي الشهرين، وأنا في حالة تخوف من عدم الموافقة كوني مطلوباً للكثير من الأفرع الأمنية، وفي النهاية استطعت الحصول عليها، بعد دفع مبلغ 50 ألف ليرة، رشوةً لضابط في الأمن".

 

 

ويتابع معتصم: "بعد استشارة عدة محامين في سوريا، تبين أنني لا أستطيع إقامة عقد زواج نظامي لأنني مطلوب للخدمة الإلزامية، ولا يمكن أن أجلب الأوراق المطلوبة من شعبة التجنيد، فلجأ المحامي لرفع دعوى تثبيت زواج، استمرت حوالي 4 شهور، كحل بديل عن عقد الزواج".

ويعلق معتصم: "بعد حوالي 6 أشهر استطعت أن أحصل على هذا العقد، كلفني الموضوع حوالي 1200 دولاراً، منذ خمسة أعوام حصل أخي على عقد الزواج خلال ساعتين".

أما هبة، فتتحدث لصور: "طلبوا من أجل عقد الزواج ورقة صحية مني ومن خطيبي، وهو مسافر في بيروت، قمت برشوة اللجنة الطبية بخمسة الألاف ليرة لكي يغضوا النظر عن سفره".

 

 

المحاكم التركية

 

 تعامل المحاكم التركية السوري كمعاملتها لأي أجنبي مقيم على أراضيها بالنسبة لأمور الزواج، ويستطيع السوري الحامل لجواز سفر صالح، أن يعقد قرانه فيها وفق عقد زواج مدني معترف به دولياً، بشروط صعبة أهمها توافر إقامة نظامية.

 

يروي كمال دعبول الذي حاول أن يتم زواجه في تركيا، عن طريق البلدية في مدينة أنقرة، حكايته لصور قائلاً: "أجرينا أنا وخطيبتي جميع الفحوص الطبية المطلوبة في المشافي التركية العامة مجاناً، ثم طلبت بلدية أنقرة منا، أن نجلب إخراج قيد من سوريا مصدق من وزارة الداخلية والخارجية، وبعد ثلاثة أشهر، أمنّت الأوراق عن طريق أحد السماسرة في دمشق، لقاء 40 ألف ليرة سورية، وبعد أن جهزنا الأوراق وذهبنا للبلدية، خرجوا لنا بشرط إضافي، وهو أن نكون حاملين لإقامات نظامية في تركيا".

 

ويضيف: "لا أملك المال الكافي من أجل الحصول على الإقامة، فهي تكلف حوالي 6000 آلاف دولار، لذلك عدلت عن الفكرة، ودفعت لأحد المحامين في سوريا مبلغ 500 دولار، والذي بدوره رشى أحد القضاة، واستطاع بعد طول معاناة، الحصول على عقد زواجٍ نظامي".

 

 

معاناة عناصر الجيش التابعين للنظام

 

لا تقتصر معاناة الزواج على سكان المناطق المنتفضة في وجه النظام السوري، بل تتعدى إلى الشباب الذين يؤدون الخدمة الإلزامية، والمتطوعين مع قوات النظام، فقانون الجيش السوري يحتم على الشاب الراغب بالزواج، أن يأتي بموافقة من وزارة الدفاع، كما يلزم الشاب الذي لم يؤد الخدمة الإلزامية، بجلب موافقة زواج من شعبة تجنيده.

 

يروي محمد.ن، ضابط برتبة ملازم لمجلة صور "ذهبت للخدمة الإلزامية منذ عام 2011 وحتى اللحظة لم يسرحوني من الجيش، أخدم في قلب العاصمة دمشق، منذ ثلاثة أعوام أحاول كتب كتابي لدى المحكمة، لكن وزارة الدفاع لا تمنحني الموافقة، ما دفعني لكتابة عقد شرعي عند أحد المشايخ سراً وبحضور شاهدين، دون تسجيله في المحكمة".

 

ويضيف محمد: "هذا العقد لا يمنحني أي حقوق وعندما أرزق بطفل، لا أستطيع تسجيله على قيودي المدنية، فأنا لا أملك دفتر عائلة، لذلك قررت مع زوجتي تأجيل الأمر حتى تهدأ الأوضاع في سوريا، أو يتم تسريحي من الجيش وأصبح حراً طليقاً".

 

في مناطق حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وداعش

 

يستمر عمل المحاكم التابعة للنظام في أغلب المناطق الخاضعة لسلطة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، ومازال أغلب القضاة على رأس عملهم، وعلى تواصل مع وزارة العدل، ما يجعل الأمر أكثر سهولة للكثيرين، حيث يلجأ الشباب من ريفي حلب وإدلب إلى محكمة عفرين لعقد زواجهم.

 

يقول محمد عزو لمجلة صور: "يسافر الكثير من شباب قريتي لعفرين، والتي تبعد حوالي 50 كم، ويقومون بإجراءات تثبيت الزواج والولادات، في حال توفر الأوراق الثبوتية، وخصوصاً الهوية الشخصية، أما المنشقين عن الجيش فوثائقهم الرسمية متوقفة إلى أجل آخر".

أما في مناطق سيطرة داعش، قام التنظيم مؤخراً في محافظتي الرقة ودير الزور، بافتتاح دائرة أمانة سجل مدني لتسجيل الزواج والمواليد، ولكن أغلب الأهالي يقاطعون التعامل مع هذه الدائرة كجزءٍ من محاربة التنظيم.

 

 

يقول الناشط الإعلامي محمد مصارع لمجلة صور: "من يتعامل مع السجل المدني في الرقة هم من المؤيدين للتنظيم، وبعض العشائر التي بايعت التنظيم".

 

ويضيف مصارع: "أصبح بعض موظفي السجل المدني أيام النظام، يعمل في السجل المدني التابع لداعش، من أجل استمرار رواتبهم التي أوقفها النظام، وقد باتوا يستلمونها اليوم من التنظيم".

ويتابع مصارع حديثه: "يلجأ الشباب لعقد قرانهم عند المشايخ بحضور الشهود، كما يرسل بعضهم الأهل، لتثبيت الزواج في المحاكم التابعة للنظام بمدينة دير الزور، الواقعة تحت سيطرة النظام، لكن الحصار المستمر على المدينة منذ أكثر من شهرين، حرم الأهالي من السفر".

 

تبقى الحالة القانونية للسوري رهينة السلطات التي تحكم المنطقة التي يقيم بها، حيث تمنح هذه السلطات وثائق غير معترف بها دولياً، فيما تلقى الوثائق الصادرة عن النظام، الاعتراف من السفارات ووزارات الخارجية.

 

يقول القاضي إبراهيم الحسين: "يشكل غياب الاعتراف القانوني بالائتلاف والحكومة المؤقتة، من طرف المجتمع الدولي، حجر عثرة تجاه استمرار حياة قانونية طبيعية لملايين السوريين المشردين حول العالم في المنافي ودول اللجوء، على أمل حلٍ قريبٍ للمسألة!". 

***

 

شبح الزواج من "المهاجرين" يخيم على مناطق "داعش"

 

(2)

 

ليليا نحاس

 

منذ إعلان تنظيم داعش محافظة الرقة عاصمة له مع بدايات 2014، وتمدده شمالاً وشرقاً في سوريا، جرت عادة التنظيم بعد سيطرته عسكرياً على كلّ منطقة يدخلها، أن يحاول أن يتقارب ويندمج في المجتمعات التي يحكمها، ساعياً لتزويج عناصره من بنات هذه المناطق، وكسب ودّ المجتمع ذو الطابع العشائري، وخصوصاً في ريفي دير الزور والرقة، وغالباً ما تترافق هذه المساعي مع حالة تضييق على حريات النساء، بدءاً من فرض اللباس الشرعي (حسب زعم التنظيم) والمؤلف من العباءة الطويلة والخمار الذي يغطي الوجه والعيون، وصولاً لمنع النساء من التنقل إلا بوجود محرم، أو السفر الا لدواعي صحية وحالات خاصة.

 

 

تقول الناشطة هلا الديري لمجلة صور: "زاد إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات، والنوادي العامة والمقاهي، من شدة التضييق على النساء، حتى باتت أغلبهن يلتزمن البيوت".

وتضيف الديري: "تخشى النساء في الرقة التجول منفردات في الشوارع العامة، خوفاً من حالة التحرش التي يتعرضن لها من عناصر داعش، فكثيراً ما توقف دوريات التنظيم الفتيات في الشارع، ليوجه عناصرها كلاماً خادشاً للحياء، ويعرضوا عليهن الزواج مقابل مهورٍ كبيرة، ما يثير حفيظة المجتمع ذو الطابع المحافظ، ولكن لا يمكن فعل أي شيء، فسياسة الأمر الواقع هي المفروضة".

 

الفقر، السبب الأهم للزواج من "المهاجرين"

 

زاد الجفاف الذي يضرب المناطق الشرقية، إلى جانب توقف الأعمال والوظائف من حالة الفقر الذي أصبح مستشرياً في هذه المناطق، خصوصاً الريفية منها، كما أن منع داعش الجمعيات الإغاثية من العمل، أدى لإيقاف أغلب المساعدات الإنسانية، وبقاء المئات من العائلات في حالة فقر شديد، خصوصاً النازحة من مختلف أنحاء سوريا للرقة ودير الزور، كونها كانت منطقة آمنة قبل نحو عامين.

 

 

تقول السيدة أم أحمد من منطقة الميادين لمجلة صور: "الفقر سبب كل علّة، يدفع العائلات لتزويج بناتها من أول عريس يتقدم لبناتهم، من أجل تخفيف المصروف، كما أن ثقافة المجتمع القائمة على العادات العشائرية، تدفع بهم لتزويج بناتهن المطلقات والأرامل خوفاً من قصص العار".

كما تلعب الأهداف السياسية دوراً مهماً لبعض العشائر في تزويج بناتهن من مقاتلي داعش، رغبة بكسب الودّ والتقرب منهم واتقاء شرّهم، وهذا الأمر يحمل مصلحة مشتركة للطرفين: داعش وبعض العشائر".

 

يقول الناشط عمران محمد لمجلة صور: "دفعت المجازر التي ارتكبها داعش بعشيرة الشحيل، إلى تغير سياسات الكثيرين تجاه التنظيم والتقارب إليه اتقاءً لشره، عن طريق الزواج من التنظيم وتطويع بعض أبنائهم في صفوفه".

ورغم انتشار حالة الكراهية والرفض من الكثير من شرائح المجتمع في تلك المناطق تجاه التنظيم، فإن هناك الكثير من العائلات السورية باتت مقتنعة بأفكار التنظيم، وتعتبر أن الزواج من أفراده هو الخيار الأفضل لبناتهم.

 

 

تقول أم أحمد: "هناك نسبة ولو كانت قليلة، من المتشددين ديناً، قبل اندلاع الثورة السورية، واليوم ازداد تطرفهم، كانت بناتهم قبل الثورة مخمرات ولا يخرجن من البيوت ومحرومات من التعليم، واليوم بايعوا التنظيم وأصبحوا جزءاً منه يتزوجون ويزوجون من عناصر التنظيم".

 

غياب النسب

 

اعتاد سكان هذه المناطق سماع لغات لم يألفوها من قبل، يقول عمران الديري لصور: "أصبحت تسمع الإنكليزية والفرنسية والأفغانية والروسية مثل سماعك للغة العربية، إضافة للكنات عربية متعددة مغربية وخليجية وأردنية، واعتدنا العربية (المكسرة)، أغلب المقاتلين الاجانب يتحدثون العربية،  معظمهم مجهولي الهوية، يحملون أسماء مستعارة كأبو حفص التونسي وخطاب الأفغاني والمئات من الأسماء الاخرى، وغالبيتهم يدخلون بأوراق ثبوتية مزورة، الأمر الذي يجعل عقود الزواج غير حقيقية، حيث يعقد القران عند شيخٍ تابع للتنظيم وبوجود شهودٍ منهم، ما يحرم الزوجة من أي حق لها في المستقبل، ويجعل المواليد الجدد مجهولي هوية من ناحية الأب".

 

 

فيما تقول أم أحمد: "أغلب هؤلاء العناصر متعددي الزوجات، في كل منطقة ينزلون بها، يتزوجون منها، لا أحد يعرف عدد زوجاتهم السابقات".

وتضيف: "سمعت ذات مرة حواراً بين عناصر دورية تابعة لهم، يشجعون بعضهم على الزواج والانجاب بكثرة من أجل رفد الدولة الإسلامية بمقاتلين جدد".

وتحذر أم أحمد من خطورة زواج البنات منهم، لأن غالبيتهم يقتلون في المعارك التي يخوضونها، فهم أتوا ليستشهدوا وفقاً لقناعاتهم، أو ينتقلوا لمناطق أخرى من سوريا أو العراق.

 

رأي الاختصاصيين

 

عن موضوع زواج السوريات من عناصر داعش، سألت مجلة صور الأستاذ رياض درار، أحد الخطباء السابقين في مساجد دير الزور، فأجاب: "من حيث المبدأ، هم بشر ولهم الحق بالزواج، الزواج هو اتفاقٌ في حال قبول الطرفين".

 

وأضاف: "طريقة حياتهم وتنقلهم المستمر، يجعل المرء لا يثق بهم من ناحية تكوين إسرٍ يحمونها ويقومون على رعاية شؤونها وتربية أطفالهم، وبالتالي أحذر من هذا الزواج".

 

وفي الشهور الماضية، تناقل النشطاء قصصاً عن محاولات انتحار، وهروبٍ لفتيات صغيرات، يحاول أهلهن إجبارهن على الزواج من عناصر مهاجرة وسورية، مع فارق في العمر قد يتجاوز عشرات السنين.

كما تروي إحدى الممرضات السابقات، في مشفى بريف دير الزور لصور، عن "حالات عنفٍ جنسي وجسدي ونفسي، سببّها عناصر لزوجاتهن، نتيجة العنف في المعاشرة الزوجية".

وتضيف: "تتناقل النساء بشكل سري حكاياتٍ عن شذوذ ورغبة غرائزية كبيرة، لدى هؤلاء المقاتلين، غريبة عن مجتمعنا ومستهجنة".

 

 

عن أسباب هذه السلوكيات، تتحدث أخصائية علم النفس فاتن الحمصي لمجلة صور: "تلعب الجنسيات المتعددة لهؤلاء المقاتلين واختلاف عاداتهم وثقافاتهم، دوراً مهماً في انتشار هذه الظواهر، كما أنّ حياتهم غير الطبيعية واللامستقرة لاعب أساسي في شخصياتهم وتصرفاتهم، فالكثير منهم أمضى سنواتٍ في أكثر مناطق العالم وعورة بأفغانستان، هذه الظروف تفرض عليهم سلوكاً مختلفاً عن سلوك مجتمعنا وتقاليده، ربما تراه الكثيرات أمراً غريباً، ولكن هذه القصص موجودة وشائعة، خصوصاً في أثناء الحروب، فبعد دخول القوات الأمريكية للعراق، تناقلت الكثير من وسائل الإعلام قصص شذوذٍ جنسي واضحة عند جنود قوات التحالف".

 

وتضيف: "إن الفتاوى الدينية لمشايخ داعش تجعل من الزواج أمراً سهلاً عليهم، كما أن وفرة المال والسلطة تجعلهم أكثر قدرة على الأمر، خصوصاً في ظروف سفر الشباب خارج سوريا، وحالة الأمية والفقر التي تزيد من تعقيد الأمر".

 

وتزيد قائلة: "للأسف لم يبقِ داعش على منظمات مجتمع أو جمعيات، تحمي هؤلاء الفتيات والنساء من وحشية المقاتلين التي تتربص بهن، ولكن على المجتمعات المحلية محاولة نشر الوعي ولو شفهياً من خلال الأحاديث بين النساء".

 

وتقترح الحمصي حلولاً بديلة وتقول: "لاحظت انتشار الإنترنت الفضائي ووسائل التواصل الاجتماعي بكثرة، لذلك أرى أن على النشطاء والفتيات اعتماد حملات توعية منظمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، علّها تجلب نتيجة، وتكون بديلة عن تواجد المنظمات في هذه المناطق".  

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard