توكل كرمان .. بلقيس الثانية

سومر العبد الله 

أم الثورة أو بلقيس الثانية، هكذا لقب اليمنيون الكاتبة والصحفية توكل كرمان التي كانت أول امرأة عربية تحصل على جائزة نوبل للسلام. ترأست كرمان منظمة صحفيات بلا حدود وعرفت بجرأتها في الوقوف بوجه الفساد الإداري وانتهاكات حقوق الإنسان، والمطالبة بالإصلاح السياسي في بلدها اليمن، والذي لم تتوقف عند حدوده، حيث شاركت بالعديد من المؤتمرات والبرامج الهامة حول حوار الأديان والتجديد الديني، والإصلاحات السياسية في العالم العربي، ومكافحة الفساد، وحرية التعبير، الأمر الذي جعلها عضواً فاعلاً في العديد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية والصحفية داخل اليمن وخارجه.

قبل أن تبدأ رياح الثورة في العالم العربي، كانت توكل من أوائل المطالبين بإسقاط الديكتاتورية ابتداءً من النظام اليمني الذي طالبت بإسقاطه عبر مقالة لها في موقع "مأرب برس" في عام 2007، كما قادت العديد من الاعتصامات والتظاهرات السلمية والتي كانت تنظم أسبوعياً للمطالبة بالحد من قمع حرية الصحافة وإغلاق الصحف الحرة. وحين انطلاق الاحتجاجات في اليمن في عام 2011 كانت توكل كرمان قيادية بارزة في تلك الاحتجاجات، وتعتبر أول من دعا إلى يوم الغضب في 3 شباط، وهو يوم مماثل للثورة المصرية في العام 2011.

عملها المتواصل في تنظيم الاحتجاجات وفضح الفساد والعمل على إسقاط الأنظمة القمعية، عرضها للعديد من المضايقات والتهديدات، فقد تعرضت للاختطاف في 23 يناير 2011 من قبل مجموعة من عناصر الأمن بلباسهم المدني، وأودعت في سجن النساء بتهمة إقامة مظاهرات وتجمعات غير مرخصة والتحريض على ارتكاب أعمال شغب وتقويض السلم الاجتماعي العام، لكن اختطافها أثار موجة غضب عارمة في الشارع اليمني تمثلت باحتجاجات جديدة في العاصمة صنعاء، الأمر الذي اضطر السلطات الأمنية أن تفرج عنها في 24 يناير 2011، لكن الأمر لم يقف هنا حيث هددت بالقتل من الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح. إلا أن توكل كرمان بعد خروجها من سجنها واصلت تنظيم المظاهرات وحشد الساحات للاحتجاج.

المرأة المتحدرة من أسرة ريفية من منطقة "مخلاف شرعب" في محافظة تعز، اختيرت كأكثر النساء ثورية في التاريخ بحسب مجلة التايم الأمريكية، واختارها قراء التايم في المرتبة 11 في تصويت قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم عام 2011، كما تم تصنيفها ضمن أقوى 500 شخصية على مستوى العالم، وتم اختيارها كأحد سبع نساء أحدثن تغييراً في العالم من قبل منظمة مراسلون بلا حدود، بالإضافة إلى حصولها على العديد من والجوائز من قبل منظمات ومؤسسات مجتمع مدني يمنية وعالمية، وربما كان أهم جائزة تحصل عليها توكل كرمان هي جائزة نوبل للسلام للعام 2011 بالتقاسم مع الرئيسة الليبيرية إلين جونسون سيرليف والناشطة الليبيرية ليما غوبوي، وبهذه الجائزة أصبحت توكل رابع شخصية عربية وأول امرأة عربية تحصل على جائزة نوبل.

كتبت العديد من المقالات في الصحف اليمنية والعربية والدولية، وكان أهمها بين عامي 2006 و2007، دعت في مقالاتها إلى الخروج من عباءة الديكتاتور. كما ساهمت في إعداد تقارير عديدة حول ظاهرة الفساد في اليمن لمنظمة "صحفيين لمناهضة الفساد"، والشبكة اليمنية لحقوق الانسان. وأعدت تقارير حول حرية التعبير وحرية الصحافة في اليمن، أيضا ساهمت في وضع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.

لم يقتصر عملها على الكتابة وانما عملت في مجال التوثيق، حيث أخرجت العديد من الأفلام حول حقوق الانسان والحكم الرشيد في اليمن منها فيلم "دعوة للحياة" حول ظاهرة الانتحار في اليمن، وفيلم «المشاركة السياسية» للمرأة اليمنية، وفيلم «تهريب الأطفال» في اليمن.                                       .