info@suwar-magazine.org

ماذا ينتظر النازحين في شمال شرقي الفرات؟

ماذا ينتظر النازحين في شمال شرقي الفرات؟
Whatsapp
Facebook Share

 

 

"مشاعر الخوف والقلق والرعب هي ما يسيطر علينا في هذه اللحظات لا أستطيع أن أقول غير ذلك؛ عندما ترى الناس نيام في الطرقات والمدارس بماذا تشعر؟" هذا ما قالته جيهان الموسى لـ مجلَّة صُوَر حين التقتها في مدينة الحسكة التي كانت قد نزحت إليها مع عائلتها من مدينة سري كانيه/ رأس العين السورية المتاخمة للحدود التركية التي تتعرض للقصف التركي منذ 7 أيام.

 

تضيف الموسى نزحنا منذ اليوم الأول لأننا فوجئنا بالقصف في قلب البلد. الخوف والرعب سيطر علينا، خرجنا في منتصف الليل، مشينا مع أطفالنا مسافة 2كم حتى الطريق الدولي، وكنا نستقل السيارات الذاهبة باتجاه الحسكة، وبدلنا أكثر من سيارة حتى وصلنا هنا.

 

بدأ القصف التركي على المدن المحاذية لحدودها في سوريا منذ 7 أيام ولا زال مستمراً بحجة حمايتها من الإرهاب، وتأمين منطقة "آمنة للسوريين" لإعادة اللاجئين لديها إليها.

 

بعد اتفاق حصل بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب ورئيس تركيا رجب طيب أردوغان، اتفق الطرفان على سحب القوات الأمريكية من بعض القواعد التي تؤمن للقوات التركية الدخول إلى سوريا لتأمين حدودها، بشرط تحييد المدنيين في هذه المنطقة، لكن القصف بدأ باستهداف المدنيين الذين "فروا بخوف ورعب شديدين" من بيوتهم في منتصف الليل للحفاظ على حياتهم بحسب تعبيرهم لـ مجلَّة صُوَر.

 

الوضع الإنساني

 

نزح للآن أكثر من ربع مليون مدني من بيوتهم بسبب القصف التركي بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان . يقول جوان يوسف لـ صُوَر "كان النزوح باتجاه مدينة القامشلي ثم ازداد باتجاه الحسكة عندما اشتد القصف على مدينة القامشلي".

 

وأوضح أن النزوح كان بداية من رأس العين وتل أبيض ثم أصبح من الدرباسية وعامودا وكوباني، "حالياً تشهد المناطق موجة نزوح كبيرة، والقامشلي هي الأخف في استقبال النازحين باتجاه عمق المدينة، فبعض الناس خرجوا من المدينة إلى الحسكة، كما تشهد المناطق الشرقية كعامودا نسبة نزوح أكبر أما الدرباسية فقد نزح 70 بالمئة من سكانها، وفي رأس العين وتل أبيض لم يبق أحد إلا الرجال لتحرس البيوت".

 

يضيف جوان أن الحركة تكون شبه طبيعية خلال النهار لأنّ لا قذائف ولا قصف على الناس، أما في ساعات المساء، فتبدأ القذائف بالنزول عليهم ثم يشتد القصف في ساعات الليل.

 

وقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان فقدان 71 لحياتهم من الضحايا المدنيين منذ بداية الحملة العسكرية، نتيجة استهداف القصف التركي للأطفال والنساء الفارين من نيران القصف، بالإضافة إلى الصحفيين إما بواسطة القصف الصاروخي أو الضربات الجوية أو القناصة.

 

تكررت التهديدات التركية عدة مرات وبنفس الزخم ولم تنفَّذ التهديدات، وهذا ما أعطى الأمان لأهالي المناطق بأن هذا التهديد سيكون كغيره، لكن المدنيين فوجئوا بجديته في هذه المرة، وبدأت المدافع، والقذئف تنهال عليهم في منتصف الليل، فانقطعت الكهرباء عنهم مع تواتر القصف، وخرجوا "بهلع وخوف" بثيابهم لا يحملون شيئاً غير أملهم بسلامة أرواحهم، وأرواح أطفالهم من القصف التركي، بحسب ما أفادته جيهان الموسى لـ مجلَّة صُوَر.

 

ترافقاً مع استهداف المدنيين تم استهداف ما يغذيهم، ويغذي أساس استمرارهم على قيد الحياة إذ لا مياه ولا غذاء.

 

صرح خالد إبراهيم مسؤول مكتب شؤون المنظمات الإنسانية لإقليم الجزيرة في مؤتمر صحفي اليوم تابعته مجلَّة صُوَر أن جميع أفران المناطق الحدودية قد استُهدِفت وخرجت عن الخدمة، كما استُهدف الفرن الآلي في مدينة قامشلو / القامشلي ما أدى لإصابة 7 مدنيين بجروح، وتم استهداف محطة مياه علوك، وهي المحطة الرئيسية التي تغذي مدينة الحسكة بمياه الشرب حيث يتجه إليها غالبية النازحين.

 

السيدة روجين مصطفى قالت لمجلة صور "بعد ضرب محطة علوك التي تغذي مدينة الحسكة في بالمياه، أهم احتياج للنازحين اليوم هو المياه. أعداد النازحين كبيرة جداً، ولا مياه ولا أغذية تكفي، هناك أطفال ونساء وكبار السن كيف سنتعامل مع هذه الأزمة، والقصف لا يستهدف إلا المدنيين وخدماتهم؟".

 

قصف ونزوح وخروج مراكز الخدمات الأساسية عن الخدمة، واستهداف كامل السبل التي تبقيهم على قيد الحياة لم يكن كاف، بل بدأت التفجيرات من الخلايا النائمة لداعش بعد أن استهدفت ضربات القصف التركي السجون التي تحوي أسرى داعش، وخروج العديد منهم أثناء انشغال القوات الكردية بالرد على القصف التركي، ومنع قواته من التقدم في الأراضي السورية، حدث تفجير لسيارة مفخخة بين المدنيين في مدينة القامشلي، قتل فيها 4 مدنيين وجرح 9 آخرون، لتظهر بعد ساعات قليلة داعش وتتبنى التفجير، ما زرع القلق أكثر بين المدنيين من ازدياد عمليات محتملة لداعش.

 

 

الوضع الطبي

 

مع استمرار سقوط الضحايا من جرحى وقتلى، استمر استهداف المشافي والمراكز الصحية حتى خرجت كامل مشافي تل أبيض ورأس العين عن الخدمة بسبب القصف، أما في القامشلي فقد تم استهداف مستوصف وإخراجه عن الخدمة أيضاً.

 

المتطوعة الايطالية سيسيليا، التي تعمل مع الهلال الأحمر الكردي في قامشلو/ القامشلي و رأس العين (سري كانيه)، تؤكد في شهادتها قصف الجيش التركي لمشفى رأس العين. كما تؤكد سقوط ضحايا مدنيين نتيجة القصف التركي على مدينتي القامشلي ورأس العين، بينهم طفلة بترت ساقها خلال القصف على قامشلو. وتؤكد المتطوعة الايطالية أن القصف التركي خلف دمارا كبيراً في رأس العين التي هجرها غالبية سكانها.

 

وكان قد أعرب المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل في مؤتمر صحفي في جنيف اليوم عن الاستياء الشديد من الهجمات التي استهدفت منشآت طبية والتي تُعدّ عنصراً أساسياً مهمّاً في تقديم الخدمات الطبية، ومساعدة السكان خلال الصراع في سوريا، وقال "وصلتنا تقارير تفيد بوقوع خمس هجمات، إحداها في 11 تشرين أول/أكتوبر تضررت على إثرها أربع منشآت طبية بسبب قصف جوي ومدفعي على ما يبدو مصدره القوات التركية والقوات المسلحة الموالية لها في مناطق رأس العين وعين العرب وتل أبيض والمالكية، وفي اليوم التالي، تعرّض مركز طبي يديره الهلال الأحمر الكردي لأضرار بسبب قصف مباشر عليه." وقد تلقى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان معلومات تفيد بأن الأكراد نقلوا الأجهزة الطبية من الحسكة والرّقة بسبب القصف المكثف.

 

اقرأ المزيد:

 

 " مجزرة مروِّعة بحقِّ المدنيين في مدينة رأس العين جَرَّاء استهدافهم بالطيران التركي"

 

الوضع التعليمي

 

قال خالد إبراهيم إن العملية التعليمية قد تعطلت تماماً في المناطق الحدودية المتاخمة لتركيا، بالإضافة إلى مدارس الحسكة بشتى أقسامها الابتدائية والإعدادية والثانوية، إذ يبلغ عدد المدارس التي تعطلت في الحسكة 30 مدرسة، وفي تل تمر 25 مدرسة بالإضافة إلى مدارس الطبقة وريفها والرقة وريفها بسبب استقبالها للنازحين.

 

فيما قالت قدرية محمد التي تعمل مع منظمة غاف، وهي منظمة محلية في الحسكة إن التربية أوقفت الطلاب عن الذهاب للمدارس لتصبح مراكز إيواء للمدنيين في الحسكة رغم عدم اتساعها لجميع النازحين، فقد كانت ملاذاً لعدد لا بأس به منهم.

 

دور المنظمات

 

في المؤتمر الصحفي لمسؤول شؤون المنظمات الإنسانية لإقليم الجزيرة ناشد خالد إبراهيم باسم المنظمات المحلية المجتمع الدولي للتدخل لوقف القصف وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لمساعدة النازحين، وتأمين العودة لهم لمنازلهم بعد أن هَجَرت أكثر من 15 منظمة من المنظمات الدولية المنطقة خوفاً على حياتهم بسبب القصف.

 

وأضاف بأن كافة النازحين جاؤوا إلى المناطق الجنوبية كالحسكة وتل تمر والرقة وديرالزور والقرى المتاخمة لها، وإن أغلب الجمعيات المحلية تعمل بتمويل ذاتي ومن أهالي المنطقة، وموجة النزوح كبيرة يلزمها الكثير من الاحتياجات كالأدوية والأغذية وحليب الأطفال.

 

تقول قدرية محمد مديرة عمليات منظمة غاف لـ مجلّة صُوَر لا منظمات دولية تدخلت حتى الآن الناس تكاتفت فيما بينها لتجمع تبرعات، وتساعد بعضها البعض أما المنظمات المحلية في الحسكة، وبرغم محدودية الإمكانات فقد تعاونت مع شؤون المنظمات التي قامت بتوزيع الأدوار بين المنظمات المحلية حتى لا تحدث فوضى بعملية المساعدة، فهناك من يعمل على المسح وتحديث الإحصائيات للنازحين، وهناك من يقوم بتأمين مواد غذائية ومنظمة أخرى تقوم بجمع أغطية للنازحين الآتين من المناطق الحدودية كرأس العين والقامشلي وعامودا والدرباسية، مراكز الإيواء كانت المدارس فقط.

 

أما روجين مصطفى فتقول "نحن كمنظمات مجتمع مدني نتواصل مع بعض للتنسيق لنعرف ماذا سنقدم لأن الأعداد هائلة خاصة في مدينة الحسكة، والآن المياه مقطوعة منذ أول يوم في القصف، احتياجات المدنيين أكبر من طاقتنا لكن نحاول أن نقدم قدر إمكاناتنا نحتاج إلى دعم المنظمات الدولية التي لم تقدم أي شيء حتى الآن".

 

يوضح جوان يوسف أن المنظمات المحلية قامت بانشاء غرف عمليات عبر الإنترنت "بعض الغرف تجاوز أعضاؤها 130 فريقنا يحاول استهداف المناطق التي لم تستهدف، تم لمّ تبرعات من قبل المنظمات، فهم يعملون على هدفين رئيسيين الهدف الأول يعمل على مسح ميداني، وتحديث لعدد النازحين وتصنيفاتهم أطفال - نساء - كبار السن.. إلخ، وآخر على الاحتياجات من أدوية حليب أطفال فوط .. إلخ".

 

لا زال الوضع الإنساني في حالة تقهقر للمدنيين الذين تعرضت مناطقهم للقصف، والمنظمات الإغاثية المحلية تناشد جميع المنظمات الدولية بالتدخل للمساعدة، وسد احتياجات النازحين بسبب محدودية إمكاناتهم، وانعدام الإمدادات.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard