info@suwar-magazine.org

كيف تتحايل الأُسر السّوريّة على العيش مع أجورٍ مُتآكلة؟

كيف تتحايل الأُسر السّوريّة على العيش مع أجورٍ مُتآكلة؟
Whatsapp
Facebook Share

 

 

كيف تتحايل الأُسر السّوريّة على العيش مع أجورٍ مُتآكلة؟

أعلى راتبٍ لا يتجاوز 80 ألف ليرةٍ والحاجة إلى 300 ألف ليرةٍ

خطّ الفقر في سوريا أعلى من الخطّ العالميّ!

خروج اللّحوم بكلّ أنواعها من الاستهلاك.. وشدّ الأحزمة إلى أقصاها

هناك من يطلب اللّحمة بـ 500 ليرةٍ، نحتاج ميزان الذّهب كي نحدّد ما يقابلها بالضّبط من اللّحمة

 

 

النّتائج هنا لا تشبه غيرها من علوم الحساب..  فعندما نتحدّث عن الهوة السّحيقة بين متوسط الدّخل الّذي يحصل عليه السّوريون، وتكاليف المعيشة، تصل إلى معادلةٍ لا يمكن حلّها!

 

الهوة لم تردم يوماً، ولكن الفارق في مدى اتّساع تلك الهوة وعمقها، وقد وصلت إلى أشدّها خلال السّنوات الأخيرة، رغم الزّيادة الأخيرة للأجور وارتفاع الحدّ الأدنى للدّخل؛ ليصبح بحدود 52 ألف ليرةٍ، في حين وصل سقف أعلى راتبٍ إلى 80 ألف ليرةٍ، والحقيقة أن هذا المبلغ لا يُغطّي سوى نسبةٍ ضئيلةٍ من تكاليف المعيشة اليوميّة الّتي يقدّرها المكتب المركزيّ للإحصاء في أحدث دراساته بمبلغٍ يفوق 300 ألف ليرةٍ.

 

حاجياتٌ بالحدود الدُّنيا، خسارة الموائد السّوريّة لغالبية مصادر البروتين الحيوانيّ، وإقبالٌ كبيرٌ على استهلاك الخبز، ما سبب أيضاً زيادةً في الزّحام أمام الأفران، وبوادر أزمةٍ في تأمين الرّغيف، سرعان ما تمّ تفسيرها بأنّها ناجمةٌ عن زيادة استهلاك الخبز، بعدما زاد اعتماد النّاس على ما يتمّ تخزينه عادةً، كالزّيت والزّيتون والزّعتر، كما قال مدير المخابز جليل إبراهيم في تصريحٍ صحفيٍّ.

ومع اتّساع تلك الفجوة يبرز السّؤال: كيف تتدبر الأُسر السّوريّة حاجاتها الضّروريّة للاستمرار في الحياة، وكيف يُمضي أفرادها أيامهم في ظلّ تقتيرٍ كفيلٍ بقتل إنسانيّة الإنسان؟!

 

"أشتري المغشوش بعلمي"

 

اعتادت نجاة عبد الله، (40) عاماً العاملة من الفئة الأولى، في مؤسّسة حكوميّة وزوجها عماد أن يشتريا الحدود الدُّنيا من أيّ شيءٍ، فراتبهما لا يتجاوز المئة ألف ليرةٍ، ولديهما ثلاثة أولادٍ جامعيين.

 

تقول نجاة إنّها تستطيع خلال الأسبوع الأول من الشّهر أن تشتري اللّبنة الطّبيعيّة مثلاً، لكنها بعد ذلك تعود لشراء اللّبنة المصنّعة من الكريمة أيّ المغشوشة "لأن سعرها أقلّ، ورغم معرفتي أنّها مغشوشةٌ" تقول بابتسامةٍ.

 

مع الأيام تعود لفتح حسابٍ عند السّمان تقرّر كلّ شهرٍ أن يُغلق، دون أن تتمكّن من ذلك، فهناك ضرورياتٌ لا يمكن الاستغناء عنها.

لدفتر الدّيون في كلّ بقاليةٍ الكثير من القصص الّتي تشي بحجم المعاناة، فالسّمان يضطّر للبيع بالدّين رغم استيائه من هذه الطّريقة، لكنه بالمقابل يعرف أنه لن يتمكّن من بيع ما لديه إن لم يبع بالدّين، وهكذا تستمر قصص المطالبة بالدّين بين السّمان وسكّان الحيّ.

 

عبثاً تحاول سكينة حسن( 35 عاماً) توزيع دخل أسرتها الشّهريّ الّذي لا يصل إلى 100 ألف ليرةٍ سوريّةٍ، هي وزوجها لأنها تعمل على الفئة الرّابعة، كمُستخدمةٍ في مؤسّسة حكوميّة، ولديها أربعة أولادٍ، تشتري بعضاً من الأساسياّت مطلع كلّ شهرٍ( الزّيت، السّكر، الشّاي، المتة ...الخ) وبعد بِضعة أيامٍ من إغلاق بعض المبالغ المتراكمة عند السّمان؛ تعود لسحب حاجياتٍ جديدةٍ بالدّين، تحفظ أم علي سعر كلّ السّلع الّتي تشتريها، وتفصل في طريقة توزيع كيلو البندورة عندما تشتريه، أما الفاكهة فنادراً ما تدخل المنزل، وتتأهب كما كلّ العائلات لـ "شهر المونة" من عامٍ إلى عامٍ، ولأنه يتزامن مع شهر افتتاح المدارس حيث يشكل عبئاً إضافيّاً حتّى أن البعض يتحدّث متندّراً عن ضرورة توفير "قرض مونةٍ" من المصارف العامّة، لتأمين الحاجيات المطلوبة، خاصّة أن تأمين المونة عادةً لا غنى عنها عند السّوريين لتخفيف التّكاليف في فصل الشّتاء.

 

لا لحمة.. ولا سمك

 

ارتفعت أسعار اللّحوم بكلّ أنواعها إلى أسعار غير مسبوقةٍ، وأصبح سعر كيلو لحم العواس يشكّل نسبةً لا بأس بها من أجر الموظف، إذ وصل إلى نحو 12 ألف ليرةٍ، ولهذا صارت اللّحوم غائبةً تماماً عن موائد الشّريحة الأكبر من المواطنين، كذلك السّمك الّذي كانت أسعاره أصلاً مرتفعةً، وكمياته قليلةٌ، وقد وصل وسطيّ سعر كيلو السّمك إلى نحو 4 آلاف ليرةٍ. أما الفروج فقد بدأ ينافس السّمك خاصّة في الفترة الأخيرة الّتي سجّل فيها ارتفاعاً كبيراً، إذ تجاوز سعر الكيلو الحيّ 1500 ليرةٍ.

 

"فوجئت حين قال لي البائع إن ثمن تلك السّندويشة الصّغيرة يعادل 700 ليرةٍ"، تقول ساميا يوسف (30 عاماً) تعمل في شركةٍ خاصّةٍ لتصنيع الأجبان،  والّتي أرادت أن تلبي رغبة ابنها بالشّاورما، وتضيف بعد صمتٍ: "أصعب ما يمكن أن تشعر به الأم هو العجز عن تأمين طلبات الأولاد، خاصّةً ما يتعلّق بالأكل، الباقي مقدورٌ عليه"، وتقول بما يشبه الاعتراف أنّها تحاول مضطّرة أن تقنعهم بفوائد "المجدرة" رغم أنّه حتّى المجدرة لم تعدّ كما كانت "كلفتها لا تقلّ عن ألفي ليرةٍ، لكن تبقى حتماً أرخص من الأطعمة الدّسمة واللّحوم" تختتم، ثم تضيف بنوعٍ من الاعتياد على تكرار العبارة "وأكثر فائدةً أيضاً".

 

غياب اللّحوم الحمراء والبيضاء، خاصّةً السّمك، يترك كثيراً من الآثار الصّحيّة المتعلقة بالتّغذية، فغياب السّمك يؤدي إلى زيادةٍ في الأمراض ذات الصّلة بنقص اليود، خاصّةً أن الحرب الّتي تعيشها البلاد منذ سنواتٍ حالت دون توافر "الملح الميودن" الّذي كان يؤمّن نسبةً كبيرةً من الحاجة إلى اليود، وتمّ ابتكاره سابقاً للحدّ من أضرار نقص اليود الموجود في الأسماك، كذلك صار الحصول على بدائل السّمك الطّازج كالطّون والسّردين صعباً نتيجة ارتفاع أسعارها إذ أنها خارج قائمة دعم المستوردات بـ "الدّولار المدعوم" لاستيراد المواد الغذائيّة.

 

اقرأ أيضاً:

 

السوريون بحاجة لمعجزة اقتصادية تنقذهم من المجهول

 

صاحب ملحمة الهدى في منطقة المزة يؤكّد أن مبيعاته انخفضت إلى النّصف، ويقول إن هنالك من يشتري  اللّحمة بالغرامات، وأن من كان يشتري كيلو من لحم العجل أصبح يشتري أوقيةً، أما في ملحمة البتول فالطّلبات تختلف، إذ يكثر الطّلب على " التّعضيمة" وهي العظام الّتي تمّت تشفيتها من اللّحمة، لكنها تعطي نكهة للطبخات وأسعارها منخفضةٌ، يضيف صاحب الملحمة أنه يجد صعوبةً في تلبية كثيرٍ من الطّلبات، قائلاً: "ثمّة من يريد أن يشتري لحماً بألف ليرةٍ، بل هناك من يطلب بـ 500 ليرةٍ، تلك المبالغ تحتاج ميزان الذّهب كي نحدّد ما يقابلها بالضّبط من اللّحمة".

 

غير آمنٍ غذائيّاً

 

الإحصاءات الرّسميّة تقدّم صورةً مقلقةً لحالة الفقر، وخاصّةً ما يتعلّق بالوضع الغذائيّ، ويُظهر آخر مسحٍ ديمغرافيٍّ أجراه المكتب المركزيّ للإحصاء عام 2018 أن نحو 33% من الأُسر فقط آمنةً غذائيّاً، بينما بلغت نسبة المعرّضين لانعدام الأمن الغذائيّ نحو 38% وسجّلت نسبة غير الآمنين غذائيّاً مستوىً مرتفعاً إذ بلغت نحو 29%.

 

بالة البالة

 

بالنسبة للألبسة، صار للبالة "بالة" فحتى أسواق الألبسة المستعملة بدأت أسعارها تحلّق عالياً: "كلّ ما هو مستوردٌ يخضع لتذبذب أسعار الدّولار" كما يقول أحد باعة البالة، ويؤكّد أنّ التّجار في تلك الأسواق يريدونها أن تبقى ملاذاً للفقراء، وأن من مصلحتهم أن تكون الأسعار منخفضةً، لكن أسعارها من المصدر ارتفعت، لهذا صار في البالة أقسامٌ للبيع بأسعارٍ أقلّ تضمّ الألبسة الّتي لم تسوّق أو الأقلّ جودةً، ويضيف أنه أحياناً تكون من "بالة البالة" وهي ألبسة البالة الّتي يعود أصحابها لبيعها في السّوق، بعد استخدامها.

 

سوسن أحمد (45) عاماً ربّة منزلٍ، دخلُ أسرتها يقتصر على راتب الزّوج المتقاعد. تقف أمام "كومة" ثيابٍ على بسطةٍ وسط سوق البالة تقول: "يمكن من عشر سنين ما اشتريت قطعة ثيابٍ واحدةٍ جديدةٍ، سواءً لي أو لأولادي"

 

 

كارثةٌ حقيقيةٌ

 

أما كارثة الكوارث بالنّسبة لغالبية الأُسر؛ فهو حصول أيّ عطلٍ في أجهزة البيت الكهربائيّة خاصّةً، عندها ستهتز ميزانيّة المنزل لأشهرٍ، ويتضاعف الخلل والكسر فيها، تقول نهلة سلامي (29 عاماً) تعمل في حضانة خاصّةً للأطفال إنها عادت للغسيل باستخدام يديها كما كان يحصل منذ عقودٍ خلت حين تعذّر إصلاح الغسالة الكهربائيّة، كما أنّ استبدالها بأخرى جديدةٍ مستحيلٌ إذ أن ذلك يتطلّب أكثر من أربعة أضعاف راتب زوجها.

 

تتحدّث عن الأسى الّذي يصيبها أكثر من التّعب الجسديّ، وهي تشعر بعجزٍ، وتختم بالقول "إن الرّوح قد تعبت".

 

أعباءٌ جديدةٌ

 

الواقع التّدريسي  في حالة تراجعٍ لأسبابٍ كثيرةٍ، منها دخل المعلمين المتدنّي، لذا أصبحت الحاجة ملحّةً لتكاليف جديدةٍ، وهي الدّروس الخصوصيّة، تقول نهلة إنّها تضطّر لتقتير مخصصات الطّعام مقابل  تخصيص مبالغ للدّروس الخصوصيّة، بعدما أصبحت عاجزةً عن متابعة أولادها في المناهج الحديثة، وإنّها تشعر بالصّدمة عندما تجد أن هنالك من يستطيع تدريس أبنائه في المدارس والجامعات الخاصّة، بينما  تعجز هي عن الاستجابة لطلب ابنتها والسّماح لها بتلبية دعوات صديقاتها لحفلات عيد الميلاد أو الذّهاب إلى "كفتيريا" لأن تكاليفها ليست ضمن مخطّطاتها نهائياً، "لذلك أقول لهم بشكلٍ دائمٍ: سيطروا على رغباتكم، وارحموني من  ترديدها على مسامعي لأنّي عاجزةٌ عن تلبيتها"! كما تقول.

 

كذلك لأعباء المرض الماديّة فصولٌ أخرى، إذ تشيع عادةً الاقتصار على الصّيدلانيّ لتشخيص الدّواء المطلوب بُغية التّهرب من دفع مُعاينة الطّبيب الّتي ارتفعت إلى أرقامٍ تنوء بأعبائها غالبية الأسر، في حين يتمّ التّغاضي عن مرض الأسنان حتّى النّفس الأخير لأن علاجاته مكلفة كثيراً بالنّسبة للسّوريين، ولهذا يمكن أن تجد الأسنان المشوهة لشرائح في عمر الشّباب، لعدم الاهتمام بها من جهةٍ، ولسوء التّغذية من جهةٍ أخرى.

 

أما مواد التّجميل المغشوشة والسّيئة فثمّة من فتيات يشترينها، وهنّ يعلمنَ أنّها قد تترك آثارها على بشراتهنّ لكن ليس هنالك من حلولٍ أخرى، فلا رغبةٌ لديهنّ في الإقلاع عن استخدام مواد التّجميل، وليس هنالك من خيارٍ آخر لشراء أنواعٍ أفضل ولو بقليلٍ، تقول سارة إنها تشتري القليل من مواد التّجميل عن البسطات، رغم علمها بأنّها قد تضرّ ببشرتها لاحقاً، ولكن لا خيارات أمامها.

 

مشاكل "العزابية"

 

من لم يتزوج قبل هذه الحرب أصبح من الصّعب عليه الإقدام على هذه الخطوة إلا بشروطٍ صعبةٍ، إذ أن سعر البراد والغسالة يقارب المليون ليرةٍ، يقول مجد ديوب العامل من الفئة الأولى في مؤسّسةٍ حكوميّةٍ أيضاً إن راتبه 43 ألف ليرةٍ، والبيت الصّغير الّذي يستأجره في صحنايا يصل إلى 40 ألف ليرةٍ، نسأله: ما الّذي تفعله بالثلاثة آلاف الباقية؟!

 

يضيف مجد إنه لا يفكر أبداً بالزّواج رغم أنه قارب الأربعين عاماً، وأنه يعتمد على السّندويش خاصّةً الفلافل كوجباتٍ يوميّةٍ، وأنه قد يطبخ مرّةً في الأسبوع طبخاتٍ غير مكلفةٍ، ويؤكّد أن الاعتماد كان كبيراً على المساعدات الغذائيّة، لكن الأعباء بعد إلغائها أصبحت أكبر.

 

يوجع القلب والرّوح

 

تقول نجوى الشّيخة (50) عاماً ممرضةً في مشفى حكوميٍّ إن تحايل الأسرة على الدّخل لتمرير الشّهر هو حديث الأسر والجارات، عن قدرة كلّ سيّدةٍ على التّدبير قبل القفزة الأخيرة في الأسعار، إذ أصبح الحديث بعدها يوجع القلب والرّوح، فهو يوجع القلب لأنك لا تستطيع أن تلبي حاجة أحبّ النّاس إلى قلبك: أبناؤك، وذلك من أبسط ما يشتهونه، ويوجع الرّوح لأن الرّوح فقدت رونقها بالمحبّة الّتي تساعها على مداواة وجع الأيام.

 

أما وجع العقل فلأنها عطّلت قدرته وشلّتها، وليس أضعفتها على التّفكير.

 

وتسأل أين التّحايل؟ هل سنتحايل بنوعية الطّعام الّتي تنعكس نتائجها عند الطّبيب أو لنقل الأطباء، وإذا احتاج طالبٌ جامعيٌّ محاضرةً، فالجواب (ما فيه مصاري)

 

وتتحدّث كغيرها عن تراجع العلاقات الاجتماعيّة نتيجة ما قد تسببه من زيادة في الأعباء، وعدم القدرة على القيام بالحدّ الأدنى من الواجب: "نتجاهل زيارة مريضٍ أو المباركة لولادةٍ، أو نجاحٍ لعدم القدرة على أداء الواجب. وكذلك واجب العزاء لعدم القدرة على السّفر؟!

 

فقر في الإحصاء

 

لا تتوافر أرقامٌ حديثةٌ عن وسطيّ تكاليف المعيشة، مقارنةً بالدّخل، وكذلك عن مؤشرات الفقر بشكلٍ عامٍّ، وما زالت أحدث الإحصاءات تعود لعام 2018، ولذلك عوامل عدّةٍ أبرزها حالة عدم الاستقرار والمخاطر الكبيرة في العمل الميدانيّ.

 

تشير إحصاءات المكتب المركزيّ للإحصاء لعام 2018 إلى أن متوسط الإنفاق التّقديريّ للأسرة السّوريّة بلغ 325 ألف ليرةٍ، في حين يتراوح وسطيّ الرّواتب بين 35 – 70 ألف ليرةٍ بين القطاعين العامّ والخاصّ، فمن أين تعيش الأسرة السّوريّة وكيف تتدبر أمرها في ظلّ هذا الغلاء المعيشيّ الكبير؟

 

الخبير في البحوث العلميّة الزّراعيّة الدّكتور أمجد بدران يقول في تدوينةٍ نشرها على صفحته إنّ خطّ الفقر في سورية اليوم هو أعلى من الخطّ العالميّ المقدر بنحو 1,9 دولارٍ للفرد، وذلك لأن هذا المبلغ لا يكفي لتأمين الحاجات الخمس اليوميّة المحدّدة لهذا المبلغ في الظّروف الحالية في سورية: "الغذاء- والسّكن- واللّباس- والصّحة- والتّعليم"، وذلك لأن أسعار الغذاء والسّكن مرتفعةً بشكلٍ قياسيٍّ، لأنها مصدر ربحٍ أساسيٍّ حالياً للقادرين على الاستفادة من ظروف الحرب، والحاجة الطّبيعيّة للغذاء والمأوى. ففي سوريا لا تستطيع أسرة بمبلغ 150 ألف ليرةٍ سوريّةٍ شهريّاً، أن تؤمّن غذاءً لخمسة أشخاصٍ، وأجار منزلٍ، ولباساً ضروريّاً، وتعليماً وصحةً! بل لا تستطيع أن تؤمّن الغذاء والمأوى فقط!

 

 

ويقول بدران إنّ خطّ الفقر الحاد وفق الحاجات الخمس الضّروريّة، الّتي يحدّدها البنك الدّوليّ، يبلغ للأسرة السّوريّة 213 ألف ليرةٍ سوريّةٍ، (وسطيّ عدد أفراد الأسرة محدّدٌ بـ 5 أشخاصٍ) ما يعادل: 2.6 دولارٍ يومياً، وهو أعلى من خطّ الفقر المطلق الدّوليّ بمقدار 37%.

 

وكانت الأمم المتّحدة أصدرت تقريراً العام الماضي ذكرت فيه أن 83% من السّوريين يعيشون تحت خطّ الفقر.

 

بين الماضي والحاضر

 

مصدرٌ في المكتب المركزيّ للإحصاء أشار إلى أن آخر دراسةٍ عن إنفاق الأسر تعود لعام 2010، وأظهرت الدّراسة أن نسبة الإنفاق على المواد الغذائيّة والمشروبات في سلّة المستهلك كانت تعادل 40%.

 

ويضيف أنه في حال احتساب سنة الأساس 2010، فإن تغيّر الرّقم القياسيّ للتّضخم نحو 880% لعام 2019

 

ويقول: إنه وضمن متغيرات الواقع الحاليّ فإن النمط الاستهلاكيّ للأسر تغيّر، ومع ارتفاع الأسعار المتسارعة والقفزات السّعريّة غير المضبوطة، فإنها تؤثّر على القدرة الشّرائيّة للأسرة.

 

ولا توجد دراسةٌ أو بياناتٌ حديثةٌ حول هذه المعدلات وكيفية قياس معدل الاستهلاك ليتمّ عكس الواقع الفعليّ وقياس التّضخم بشكلٍ أكثر دقةٍ.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard