info@suwar-magazine.org

عن الحرِّيــَّة والأســى

عن الحرِّيــَّة والأســى
Whatsapp
Facebook Share

 

 يُقال باللغة العامية: الأسى ما بينتسى. كما الظلم والقهر والعسف، فهل هذا صحيح؟

 

وهل هنالك أسىً أكثر من أنْ يظلم المرء نفسه؟ ومن منا لا يظلم نفسه حين ينغلق على ذاته، ويتشبث بصورته الذهنية؟ ومن منَّا لا يظلم نفسه عندما يبقى عالقاً بالماضي أو لاهثاً، بنظره وعقله وقلبه، نحو المستقبل؟ ومن منَّا لا يظلم نفسه عندما لا يسعى لاكتشاف إمكانياته كلها، وتوظيفها لتحقيق هدفه في الحياة؟

 

ربَّ قائلٍ سيدلو بدلوه ويقول: ما علاقة كل ذلك بالحرية؟

 

وهل هنالك سعادة ورضى من دون حرية؟

 

إذاً لنبدأ منها، فما هي الحرية أساساً؟ ما الذي تعنيه بالنسبة لك؟ كيف تعرفها، وتفهمها، وتمارسها؟

 

لأسباب عدة، ثقافية ودينية ورمزية، يرى الكثير من الناس أنَّ الحرية مسألة مادية وقانونية بالدرجة الأولى. أنا حر لأنني خرجت من السجن، ولا أغلال حول معصمي، وأنا حر لأنني أستطيع التعبير عن آرائي كما أريد بلا خوف أو وجل من حساب أو عقاب، وأنا حر لأنني أستطيع أن أشتم وأسب وألعن، أو أنا حر لأنني أستطيع أن أدخن وأشرب وأمارس الجنس على سبيل المثال، وليس الحصر.

 

إنَّ كل ما تقدم يدل على تعلق العالم المادي، بالعالم الخارجي، حيث المكان الذي أعيش فيه، والمجتمع الذي أتعامل معه، ولكن ماذا عن العالم غير المادي، عالم النفس والروح واللاوعي؟

 

أمْ أنك ما زلت من أصحاب ذلك الاعتقاد الساذج حيث العالم مجرد مادة ولا شيء آخر؟

 

ترى مدرسة التحليل النفسي أنَّ الحرية، من حيث المبدأ، مسألة داخلية، وأنَّ الإنسان لا يولد حرٌّ تماماً، بل مقيد ومبرمج سلفاً إلى حد بعيد، فلا حرية مع سيطرة المكبوتات التي تفعل فعلها ما دامت خارج وعينا ومداركنا، ولذلك تعمل تلك المدرسة، من خلال تقنيات تفسير الأحلام، والتداعي الحر، على توسيع الوعي على حساب اللاوعي.

 

كما في البوذية التي ترى أنَّ الحرية لا تكون إلاَّ بالتحرر من " الكارما " التي تنتقل عبر الأجيال كما تنتقل الصفات الشكلية من الأجداد إلى الآباء، وبدورهم إلى الأبناء وهكذا دواليك. ولا تختلف نظرة المدارس الصوفية كثيرا عما تقدم، فهي ترى الحرية بالانعتاق من " الأنا" حيث التكبر، والنرجسية، والغرور، والجهل، والانفصال.

 

أمَّا أنت، فماذا عنك؟ بل لعلّ أنَّك حرٌ تماماً، ولذلك لا تبحث عنها؟

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard