info@suwar-magazine.org

في سوريا.. هناك من يعيش لحظة وهم

في سوريا.. هناك من يعيش لحظة وهم
Whatsapp
Facebook Share

 صور 

 

منذ بدء الأزمة السورية، وحتى يومنا هذا، لم تفتر همّة الواهمين في سوريا، ولم يحيدوا يوماً عن أوهامهم بأنّ القوة العسكرية وحدها سوف تحقّق لهم السيطرة على البلاد، وتسحق خصومهم؛ فمن جهةٍ لدينا النظام السوريّ الذي توهّم بنجاعة الحلّ العسكريّ عندما واجه المظاهرات السلمية المناهضة له، وآمن بأن قوّته وجبروته وتسلطه قد تنفعه في مواجهة خصومه من المعارضين، فاستخدم كلّ ترسانته من الأسلحة الثقيلة والمحرّمة دولياً ضد المدنيين من مواطنيه، ودمّر المدن، وهجّر الناس من ديارها، وحوّل سوريا إلى سجنٍ كبيرٍ لكلّ من يخالفه.

 

 واليوم نرى النظام يتهاوى بالرّغم من القوّة التي كان يتوهّم أنه يمتلكها، ويفقد السيطرة على أكثر من نصف البلاد، وما زال مجال نفوذه يتقلّص يوماً بعد آخر، غير أنه لا يزال يعيش حالة الوهم بأنه بالقوّة سيستعيد ما فقده، وما زال مستمرّاً في حربه وتدميره لسوريا، مغلقاً كلّ أفقٍ ممكنٍ للحلّ السياسيّ، غير آبهٍ لما يحدث من تقسيمٍ في البلاد.

 

 

ومن جهةٍ أخرى، تعيش المعارضة ذات الوهم، منذ أن تحوّل الحراك في سوريا إلى حراكٍ مسلحٍ، ولم تكفّ المعارضة عن ترديد الوهم ذاته، الذي يقول بأنه يمكن أن يسقط النظام بقوّة السلاح، وبدعمٍ من الدول الإقليمية، إلى أن وصلنا إلى هذا الكمّ من الخراب والدمار. وقد رأينا كيف خرجت الأمور من يد المعارضة المسلحة، فسيطرت القوى المتطرّفة على أجزاء واسعةٍ من سوريا، وحوّلتها إلى إماراتٍ بقوانين لا تصلح ولا تمتّ إلى الحضارة بصلة.

 

لقد أثبتت السنوات الخمس التي مرّت على سوريا، منذ اشتعال الأزمة، أنه لا يوجد مكانٌ سوى للحلّ السياسيّ بين جميع الأطراف المتحاربة. والكثير من القوى الدولية تجمع على هذه الحقيقة، ناهيك عن أغلبية الشعب السوريّ الذي أرهقته هذه الحرب الطويلة، وتبعاتها المهولة، فهو من يدفع ثمن أوهام النظام والمعارضة على حدٍّ سواء، من دمه وممتلكاته، ويعاني الفقر وشظف العيش داخل البلاد، ناهيك عن صعوبات الحياة والاستمرار في بلدان اللجوء. لذا فإن العمل من قبل منظمات المجتمع المدنيّ على تعزيز فكرة الحلّ السياسيّ ضمن المجتمعات السورية، أو ما تبقى منها، قد يشكّل أفقاً جديداً لحلّ الأزمة السورية، وضغطاً من الداخل على أطراف الصراع. يضع في حسبانه آمال وقضايا الفئات الأكثر هشاشةً في المجتمع، والتي غُيّب صوتها حتى الآن وسط أزيز الرصاص ودويّ المدافع.

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard