info@suwar-magazine.org

الحرب في سوريا والظواهر الاجتماعية التي ترافقها

الحرب في سوريا والظواهر الاجتماعية التي ترافقها
Whatsapp
Facebook Share

       

       الحرب في سوريا والظواهر الاجتماعية التي ترافقها

      انتشار التسول بفقدان المعيل، وقلّة فرص العمل

 

تحاول السيدة الثلاثينية "مريم"  وأم لطفلين أن تخفي وجهها حتى لا يعرفها أحد من أبناء مدينتها "أريحا" شمالي إدلب، وهي تجلس على باب أحد الجوامع تستعطف الناس وإلى جابنها تُجلس طفليها، ومريم لم تكن لتمد يدها للناس لو لم تجبرها الأوضاع المعيشية الصعبة بعد أن فقدت المعيل.

 

تزوجت مريم برجل لديه خمسة أولاد ومنفصل عن زوجته، وأنجبت منه طفلين لكن سوء الأوضاع المالية والمعيشية دفعت بالزوج للذهاب إلى حلب، وبقي عالقاً هناك تاركاً زوجته وأطفاله بلا معين أو سند تقول مريم " لم يبقَ أمامي سوى هذا الخيار، لا يمكنني رؤية أطفالي يموتون جوعاً بعد كل هذه السنوات، حاولت البحث عن عمل دون جدوى". 

 

مريم واحدة من آلاف النساء والرجال في سوريا الذين دفعتهم الحاجة للتسول وطلب المساعدة من الناس، ولا تقتصر وجود هذه الظاهرة على مناطق الشمال السوري، وإنما تنتشر في كل سوريا وبكثافة رغم عدم وجود رقم دقيق متفق عليه حول أعداد المتسولين، وبالنظر إلى الأرقام الموجودة والتي نشرتها عدة جهات غير رسمية نجد أن هناك فجوة كبيرة بينها.

 

نشرت صحيفة تشرين الحكومية إحصائية قالت إنها وردت في إحدى الدراسات الاجتماعية، وتقدِّر عدد المتسولين بشكل تقريبي، بحوالي 250 ألفاً في مختلف المحافظات السورية 51,1% إناثاً و 48,9% ذكوراً، 62,4% يمارسون التسول الاحترافي، ويشكل الأطفال منهم نسبة 10% بمجموع 25 ألف طفل متسول. 

 

اقرأ أيضاً:

 

السوريون بحاجة لمعجزة اقتصادية تنقذهم من المجهول

 

فيما رصدت حملة (فيك تساعد) التي أطلقتها شركة خاصة بالدراسات والبحوث لرصد التسول بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة السورية إنّ حوالي 1700 حالة تسول جرى رصدها ضمن الحملة بحسب جريدة الوطن السورية، وتوزعت هذه الحالات بين 868 رجل وامرأة و 832 طفل وطفلة تم رصدهم يمتهنون التسول في مدينة دمشق وريفها.

 

وأصدر مؤخراً رأس النظام بشار الأسد مرسوماً حول ظاهرة التسول في سوريا نص القرار رقم 8 للعام 2019م، والقاضي بتعديل 4 مواد من قانون العقوبات الصادر عام 1949، المتعلقة بمعالجة ظاهرة التسول، لتصبح الغرامات متراوحة بين 10 آلاف حتى 100 ألف ليرة سورية، والحبس من شهرين حتى ثلاث سنوات كحد أقصى، أما في مناطق الشمال السوري لا توجد عقوبات بحق المتسولين.

 

وحسب الأستاذ "إبراهيم حميجو" عضو المجلس المحلي في مدينة أريحا أن ظاهرة التسول انتشرت بكثافة مؤخراً بسبب البطالة وفقدان المعيل للأسر بسبب الحرب في سوريا، وعن دورهم كمجلس في مواجهة هذه الظاهرة قال "نتواصل مع العائلات الفقيرة، ونحاول تقديم المساعدة بالتعاون مع المنظمات الإنسانية المتواجدة أو عن طريق تقديم الدعم للعائلات مباشرة أو معالجة حالات تسول الأطفال بمراكز حماية الطفل، والنساء بمراكز تمكين المرأة. وأضاف "أن أعداد المتسولين قليلة في أريحا مقارنة ببعض المدن مثل إدلب وغيرها".

 

وعن كيفية الحد من حالات التسول أجاب حميجو "لا يمكن حل المشكلة إلا من خلال تأمين فرص عمل للعائلات، وانتهاء الحرب وأيضاُ وضع برامج توعية وتقديم المساعدة لهم إما عن طريق راتب شهري أو سلل إغاثة، ويحتاج هذا الأمر تعاون بين المؤسسات الموجودة والمنظمات حتى يُنفَّذ بشكل دقيق".

 

 

السيدة "أم سامر" صاحبة محل تجاري في مدينة أريحا تقول: يتردد إلي الكثير من المحتاجين أطفال ومسنين أحياناً أعطيهم حسب استطاعتي، قلبي يعطف عليهم عندما يقولون لي "أعطيني حق ربطة خبز أشعر أنهم محتاجون فعلاً".على الرغم من اعتقاد أم سامر أن العديد من هؤلاء عبارة عن شبكة مرتبطين ببعضهم وبمجرد إدراكهم أن أحداً ما يقدم المساعدة يتردد الجميع عليه.

 

لكن جارتها "أم حسن" لها رأي مختلف لأنها التقت سيدة عجوز تبيع علبة من البسكويت أعطتها مبلغاً من المال لكنها رفضت، وطلبت منها أن تشتري منها فهي تريد أن تجمع المال من تعبها وعملها، ولا تريد التسوّل، وطلب المال من الناس.

 

أما السيدة "إيمان" من مدينة أريحا تقول: "يزداد يوماً بعد يوم عدد المتسولين، بالأمس خرج ابني إلى المدرسة لكنه لم يغلق الباب، ولم أشعر سوى بسيدة مسنة تنادي أين أنتِ استغربت دخولها المفاجئ على المنزل، قالت لي: أعطني مئتي ليرة أريد شراء ربطة خبز، ومن ثم طلبت الكنزة التي أرتديها، وأنا سيدة فقيرة وأرملة لا معيل لدي، شربَتْ كأس من الشاي وانصرفَت".

 

ويرى كل من التقيناهم في هذا التقرير حول سبل التخلص من الظاهرة أنه لا بد أولاً من وقف الحرب التي تعتبر السبب الأول والرئيسي لانتشار هذه الظاهرة وتفاقمها بالمجتمع، وإن كانت ظاهرة التسول قديمة ومنتشرة في كل بقاع العالم، وهي متربطة بالعديد من العوامل يأتي في مقدمتها الفقر.

 

ينشر هذا التحقيق بالتعاون بين مجلّة صُوَر وشبكة (أنا هي)

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard