info@suwar-magazine.org

في شمال شرقي سوريا ... تجارب قيادياتٍ كرديّات في العمل السّياسيّ

في شمال شرقي سوريا ... تجارب قيادياتٍ كرديّات في العمل السّياسيّ
Whatsapp
Facebook Share

 

استطلاعٌ للرأي: تمثيل المرأة بالمؤسّسات الخدميّة أعلى من مشاركتها السّياسيّة

 

 

في الوقت الذي تشهده بعض المناطق والدّول العربيّة من تغييرٍ خجولٍ في مجال مشاركة المرأة في العمليّة السّياسيّة والوصول إلى مناصب صنع القرار، تتمتع المرأة في المنطقة الكرديّة بحيّزٍ أكبر ومتقدّمٍ إذ فتحن أبواب العمل في كافّة المجالات الاجتماعيّة والثّقافيّة والاقتصاديّة وأهمّها السّياسيّة، واستلمت مناصب تمثيليةٍ كشريكٍ للرجل في إدارة المؤسّسات والهيئات السّياسيّة والإداريّة والعسكريّة أيضاً.

 

وتُعتبر المنطقة الكرديّة في سوريا نموذجاً رائداً في تحقيق المساواة النّوعيّة وتمكين النّساء مقارنةً بباقي المناطق الأخرى، إضافةً إلى الدّول المجاورة لها وبشكلٍ أكثر ظهوراً بعد سنواتٍ من الثّورة السّوريّة التي اندلعت شرارتها ربيع 2011، حيث برزت ناشطاتٌ وقيادياتٌ كرديّاتٌ في المضمار السّياسيّ من بينها "هفرين خلف" السّياسيّة الكرديّة التي اغتيلت على أيدي الفصائل السّوريّة الموالية لتركيا على الطّريق الدّوليّ M4 نهاية العام الفائت، وهي متوجهةٌ نحو عملها، كانت تشغل منصب الأمين العامّ لحزب سوريا المستقبل بعد تشكيله في 18 آذار عام 2018.

 

ومن بين التّجارب لنساء كرديّاتٍ شاركن في صناعة القرار السّياسيّ، القيادية فصلة يوسف سكرتير حزب الوحدة الدّيمقراطيّ الكردستانيّ وعضوة الهيئة الرّئاسيّة بـ(المجلس الوطنيّ الكرديّ) والتي انتسبت لأوّل تنظيمٍ سياسيٍّ بالعام 1987، فيما ترعرعت دلاف حاجّ درويش عضو اللّجنة المركزيّة في حزب الدّيمقراطيّ التّقدميّ الكرديّ، في منزل الرّاحل حميد حاجّ درويش أحد مؤسّسي الحركة الكرديّة.

 

أما بالجانب النّسويّ، أطلقت الدّكتورة والنّاشطة ميديا محمود أوّل منظّمةٍ نسويّةٍ قبل عام 2011، وتمّ وأد نشاطها آنذاك لأسبابٍ أمنيّةٍ، بينما تعمل جيان حسين عضو منسقية مجلس المرأة، وقياديةً في اتّحاد ستار، ويعدّ من بين أكبر التّنظيمات النّسائيّة العاملة بالمنطقة وساهمت بتأسيس الإدارة الذّاتيّة.

 

المرأة الكرديّة بمراكز صنع القرار

 

تقول فصلة يوسف سكرتيرة حزب الوحدة الديمقراطي الكردستاني وعضوة الهيئة الرّئاسيّة بـ(المجلس الوطنيّ الكرديّ)، لدى حديثها لمجلّة (صور): "إنّ وجود المرأة داخل مجتمعٍ ذكوريٍّ ونظرته الدّونيّة على أن مستواها أقلّ من الرّجل وليس باستطاعتها القيام بالعمل السّياسيّ، باعتقادي هذا غير صحيحٍ، فالمرأة تفوّقت على الرّجل بالكثير من المجالات وتحصيلها للشهادات العلميّة وممارسة عملها كطبّيّبةٍ ومهندسةٍ ومعلمةٍ يبرهن على قدرتها على التّفوّق في ممارسة العمل والحراك السّياسيّ".

 

وانتسبت يوسف إلى أوّل تنظيمٍ سياسيٍّ آنذاك سنة 1987، وكانت أوّل امرأةٍ تَشغل منصب رئيس حزبٍ بالانتخاب قبل سنتين، وترى بأنّ المرأة يجب ألّا يكون وجودها عبر تقاسم الحصص والنّسب حتّى يحفظ مكانتها لشغل كرسيٍ فقط، وأضافت: "بل أن تلعب دوراً إيجابيّاً في المراكز التي تشغلها أيّاً كان نوعه، فدور المرأة داخل المجلس الوطنيّ جيّدٌ ومهمٌّ، وأصبح لها بصمةٌ واضحةٌ في اتّخاذ القرار السّياسيّ، كما تتصدّر مقاعداً في الهيئة الرّئاسيّة والأمانة العامّة وهي مراكز صنع واتّخاذ القرارات بالمشاركة".

 

وفصلة يوسف من بين أعضاء الوفد المفاوض بالمباحثات الكرديّة– الكرديّة، نوّهت إلى العمل بشكلٍ حقيقيٍ على زيادة نسبة حضور المرأة داخل الهيئات وبشكلٍ أكبر فعّاليّةٍ داخل المجلس، وتؤكّد بأنّ المرأة الكرديّة بشكلٍ عامٍّ ذكيةٌ ومجتهدةٌ ومحبّةٌ لقضيتها، والقضية الكرديّة ليست محصورةً بالرّجل فقط، بل هي قضية مجتمعٍ بأكمله ومن ضمنه المرأة.

 

أما دلاف حاجّ درويش والتي ترعرعت في بيت السّياسيّ الكبير الرّاحل عبد الحميد حاجّ درويش وكان أحد مؤسّسي الحركة السّياسيّة الكرديّة في سوريا التي انبثقت سنة 1957، انخرطت بالعمل السّياسيّ منذ نعومة أظافرها، كونها ورفقةً مع والدتها قاموا بدورهنّ إلى جانب حاجّ درويش.

 

تقول: إنّها انتسبت إلى صفوف الحزب الدّيمقراطيّ التّقدميّ الكرديّ منذ سنٍّ مبكرةٍ، وناضلت في منظّمات الحزب المختلفة، وفي المؤتمر 15 للحزب منحها رفاقها في الحزب عضوية اللّجنة المركزيّة توافقياً عبر الانتخاب.

 

ولدى حديثها مع مجلّة (صور) عن تقييمها لدور المرأة في الحياة السّياسيّة، وضمناً العمل التّنظيمي في أحزاب الحركة الكرديّة تقول: حتّى الآن لا يرقى إلى المستوى المطلوب بالمقارنة مع نسبة تواجدها في المجتمع الكرديّ وأهمّيّتها وانخراطها في مجالات العمل والتّعليم ودورها المهمّ في الدّفاع عن مناطقها.

 

وتضيف: "على الرّغم من الدّور الذي لعبته المرأة خلال الأزمة السّوريّة والتّضحيات الكبيرة التي قدّمتها وتَحمُلها النّصيب الأكبر من نتائج الأزمة اقتصاديّاً واجتماعيّاً ونفسيّاً، يبقى دورها السّياسيّ ضعيفاً ويعود إلى إهمال وتهميش دور المرأة في المجتمع، خاصّة وأنّ النّشاط أو النّضال السّياسيّ الكرديّ اقتصر على الرّجال كفهمٍ عامٍّ"، ولفتت درويش في حديثها إنها تستطيع القول اليوم وبكلّ ثقةٍ: "بأنّ مشاركة المرأة على قلّة نسبة تمثيلها فعليّةٌ في العمل السّياسيّ، حيث تحتل أماكن قياديةً في بعض الأحزاب، والمرأة التي تمتلك امتيازاتٍ فكريّةً وثقافيّةً، وتتمتع بإمكانياتٍ تؤهّلها لتولي هذا المكان، ففي حزبنا هناك أربع رفيقات في اللّجنة المركزيّة، إلّا أنه يبقى دون مستوى طموحنا".

 

وككلّ مجتمعٍ خاضعٍ لحركة التّطور التّاريخيّة وللصيرورة الاجتماعيّة والمدنيّة والفكريّة التي تتطلّب مساهمةً فعّالةً من المرأة في عمليّة التّغيير والبناء، والمرأة الكرديّة كفردٍ من المجتمع لم تصل لهذه المرحلة من نيلها لحقوقها ومشاركتها في صناعة القرار، إلا بعد نضالٍ طويلٍ بدءاً من تأكيد الهويّة الثّقافيّة، ومن بين الأسماء القيادات بالمنطقة السّياسيّة إلهام أحمد الرّئيسة التّنفيذيّة لمجلس سوريا الدّيمقراطيّة. تقود الجهود السّياسيّة للدفاع عن حقوق وقضايا أبناء شمال وشرق سوريا. شاركت في مفاوضاتٍ مباشرةٍ مع النّظام الحاكم منتصف 2018 لانتزاع اعترافٍ دستوريٍّ بحقوق الشّعب الكرديّ بسوريا.

 

اقرأ أيضاً:

 

المرأة السّوريّة أوّل من حصلتْ على حقّ الانتخاب.. ما زال حضورها السّياسيّ ضعيفاً

 

والأميرة والكاتبة روشن بدرخان؛ هي مثالٌ ونموذجٌ لإحدى النّساء اللاّتي ساهمن في مقدّمة النّضال الوطنيّ والتّقدميّ، فكان لها دورٌ قويٌّ وفعّالٌ كممثّلةٍ للكرد في المحافل الدّوليّة في القرن العشرين لإثبات الوجود الكرديّ في ظلّ السّياسات الهادفة لوأد القضية الكرديّة وإزالتها من الذّاكرة السّياسيّة العالميّة، وبين الأوساط الثّقافيّة الكرديّة في دمشق ويعود لها شهرة ولقب أوّل امرأةٍ تقرأ وتكتب باللّغة الكرديّة-الأبجدية اللاتينية- ووقوفها المتواصل إلى جانب زوجها الأمير جلادت بدرخان خلال مسيرته الثّقافيّة، وكانت روشن من المؤسّسات لجمعية (إحياء الثّقافة الكرديّة) في دمشق 1954، ومن أقوالها المأثورة: "أعطني وحدة الكرد أعطيك كردستان مستقلّةً".

 

دور المنظّمات النّسويّة

 

بعد انسحاب النّظام السّوريّ من المناطق الكرديّة بشكلٍ تدريجيٍ، وانحصاره ضمن نقاطٍ ومربعاتٍ أمنيّةٍ، شكّل حزب "الاتّحاد الدّيمقراطيّ" (pyd) الإدارة الذّاتيّة عام 2013، كما أسّس ثلاث مقاطعاتٍ (مقاطعة الجزيرة والفرات والشّهباء بحلب)، وفي صيف 2018 أُعلن عن الإدارة الذّاتيّة لشمال وشرق سوريا، ومنحت الأخيرة المرأة أدواراً مهمّةً، ووضعتها في مركزٍ مسؤولٍ كشريكٍ في إدارة المؤسّسات المدنيّة والعسكريّة وأنشأت رئاسةً مشتركةً بين الرّجل والمرأة، كما شكّلت "وحدات حماية المرأة" (ypj) وتشكّل ثلث قوّات سوريا الدّيمقراطيّة، وأسّست تنظيماتٍ نسائيّةٍ مدنيّةٍ مثل "اتّحاد ستار" قبل 2011، الذي يعدّ من أبرز التّنظيمات السّياسيّة النّاشطة في المنطقة، ويضمّ جميع التّنظيمات والشّخصيات النّسائيّة العاملة مع الإدارة الذّاتية، وحركة المجتمع الدّيمقراطيّ (TEV-DEM) وحزب الاتّحاد الدّيمقراطيّ.

 

ولدى حديثها مع مجلّة (صور) عبر خدمة (واتس آب)، أفادت جيان حسين عضو منسقية اتّحاد ستار وقياديّةٌ بمجلس المرأة في شمال وشرق سوريا: "إنّ مشاركة المرأة في العمل السّياسيّ حقيقيٌ ويجب ألّا تقلّ عن 40% لأنها تعتبر ركيزةً أساسيّةً في هذا المجتمع، ولها الدّور الأكبر في العمليّة السّياسيّة" وهو ما نطمح إليه"، على حدّ تعبيرها.

 

وتؤكّد بأنّ ثورة روجآفا وهي التّسمية الكرديّة للمناطق الكرديّة شمال شرق البلاد،"سميت بثورة المرأة؛ لأنها شاركت في بناء مجتمعها، وساهمت في كلّ مجالات الحياة، ومنها السّياسيّة والعسكريّة وتطبيق نظام الرّئاسة المشتركة والحياة المشتركة النّديّة وتشكيل نظامها الخاصّ بالمرأة"، وشرحت بأنّ المجلس يسعى للحفاظ على مكتسبات المرأة ومكوّنات الشّعوب: "وذلك بالعمل الدّؤوب من أجل تطويرها كثقافةٍ وتحقيق ضمانٍ دستوريٍّ لها في سوريا المستقبل".

 

في حين شكّكت الباحثة والنّاشطة الحقوقيّة الدّكتورة ميديا محمود لدى حديثها مع مجلّة (صور) عن مدى فعّاليّة دور المرأة وقدرتها على المشاركة في صنع القرار السّياسيّ بقولها: "أشكّ بذلك"، ولفتت أنّ الأحزاب والأطراف السّياسيّة: "تأخذ النّساء كمزهريةٍ جميلةٍ توضع على مناضِد الحوارات"، وكانت محمود من بين أوّل من أسّسنّ منظّمةً نسويّةً مستقلّةً قبل 2011 في مدينة القامشلي، وشغلت منصب عضوة لجنة أمناء منظّمة داد لحقوق الإنسان وقياديّةٍ سابقةٍ في حزب آزاد الكرديّ.

 

وترى محمود أنّ: "في الحياة السّياسيّة غالباً يتمّ صنع القرارات في الغرف المغلقة، وليس على منصّة المؤتمرات"، واعتبرت بأنّ الحرب عُكست سلباً على جميع شرائح المجتمع: "سيّما الرّجال الذين هم مغلوبٌ على أمرهم لأن الوضع السّوريّ عامّة أصبح فيه الإنسان عاجزاً، ودور المجتمع الدّوليّ أصبح أكثر فعّاليّة في القضية السّوريّة من الأحزاب السّياسيّة سواء كانت كرديّةً أو غير ذلك".

 

وفي مسعىً لإيجاد آلية تغييرٍ لبعض عادات المجتمع وانفتاحه فكريّاً وسياسيّاً، تقول محمود عن أوّل تجاربها في العمل النّسويّ في كتابة مقالة عن الحاجة إلى جمعيةٍ نسويّةٍ مستقلّةٍ عن الأحزاب في المجتمع الكرديّ، وأنّ نسبة الإقبال على العمل في التّنظيمات النّسويّة أكبر من الإقبال على الأحزاب السّياسيّة وتعزو محمود ذلك إلى: "لا زال مجتمعنا هو ذات المجتمع الذي غالبيته يُنكر خروج المرأة من المنزل والعمل في الشّأن العامّ"، أما العامل المادّي والرّواتب المشجّعة بحسب محمود: لعبت دوراً مهمّاً في منح بعض النّساء مساحةً من الحرّيّة وسماح الأهل لأخواتهم وبناتهم أو زوجاتهم للالتحاق بالعمل المجتمع المدنيّ والمجال السّياسيّ".

 

وأضافت أنّه حين يكون المجتمع ديمقراطيّاً ويجد الرّجل مكانه الصّحيح في الحراك السّياسيّ وتطبيق مثال: (الرّجل المناسب في المكان المناسب)، حينها النّساء بشكلٍ تلقائيٍّ سيتبوّأن الكفاءات والمناصب المناسبة لهنّ، وشدّدت ميديا محمود بأنّ الحروب الدّائرة منذ تسع سنواتٍ والظّروف الاقتصاديّة القاسية ورحيل فئتي الشّباب والرّجال: "كانت من الأسباب التي وجدت النّساء أنفسهنّ مضطرّاتٍ لقيادة المجتمع، والقيام بأدوارٍ لم تكن نمطيةً لهنّ، ومن ضمنها الحياة السّياسيّة، وبذلك استطاعت المرأة أن تغيّر حياتها الخاصّة، سيّما النّساء الكرديّات هناك بعض التّطورات الإيجابيّة في حياتهنّ من ناحية الجرأة والانخراط في العمل".

 

وهناك العشرات من المنظّمات النّسوية العاملة في شمال شرق البلاد تأسّست في أعقاب الثّورة السّورية، ومنها: منظّمة الاتّحاد النّسائيّ الكرديّ في سوريا وتعدّ أوّلى المنظّمات الكرديّة النّسويّة بعد الثّورة، اتّحاد نساء كردستان-سوريا، شبكة الصّحفيات السّوريّات ومبادرة نساءٍ سوريّاتٍ من أجل السّلام والدّيمقراطيّة.

 

والجدير ذكره أنّ عدد سكّان سوريا قبل الحرب كان بحدود 21 مليون نسمةٍ بحسب المكتب المركزيّ للإحصاء، ويشكّل الكرد 13 بالمائة نسبة للتعداد السّكّانيّ العامّ، وأنّ النّسبّة بين عدد الرّجال والنّساء كانت متساويةً تقريبياً، لكن بعد ظروف الحرب باتت نسبة النّساء تساوي 60 بالمائة مقابل 40 بالمائة من الذّكور، وانخفاض عدد السّكّان إلى 18 مليون نسمةٍ، نصفهم أصبح لاجئين في دول الجوار وهاجروا إلى الدّول الغربيّة والأوربيّة.

 

آراء المستَطلَعين

 

وفي استطلاعٍ لآراء الشّارع في مدينتي الحسكة والقامشلي من شمال شرق سوريا، خاصّ بمجلّة (صور)، نجد أن نسبة تمثيل المرأة في المؤسّسات والهيئات المجتمعيّة تتفوّق على تمثيلها في اللّجان والهيئات السّياسيّة ومراكز اتّخاذ القرار السّياسيّ. وبشكلٍ كبيرٍ تتشابه الآراء بأنّها تخطو بخطواتٍ سريعةٍ قبل تمكينها سياسيّاً بالشّكل المطلوب، لذلك يبقى دورها بروتوكوليّاً، أي أنّ العمل السّياسيّ للمرأة في المنطقة الكرديّة جاء أشبه بمولودٍ ولدٍ قبل أوانه (خديجاً) أقلّ وزناً واكتمالاً.

 

وعزى معظم المشاركين والمستطلعين ضمن التّحقيق عموماً أنّ صعوبة العمل السّياسيّ والسّرّيّة المحاطة به والنّتائج المرعبة التي كان يعاني منها العامل في الحراك السّياسيّ والتّواري عن أنظار الأجهزة الأمنيّة لدى السّلطة القائمة في الحكومة السّورية والتي وصفها الغالبية "بالاستبدادية"، ويضاف إلى ذلك العادات والتّقاليد المتوارثة في المجتمع الكرديّ، واقتصار مسؤوليّات المرأة على تربية الأولاد والاهتمام بالمنزل، من أهمّ الأسباب التي أضعفن دور ومشاركة المرأة في الحياة السّياسيّة.

 

"ميديا حاجّ موسى" (37عاماً) موظفةٌ في هيئة الشّباب والرّياضة في عامودا، تقول لمجلّة (صور): "هناك غيابٌ كبيرٌ لدور المرأة في العمليّة السّياسيّة، حيث يتمّ استغلال وجودها بروتوكوليّاً كشماعةٍ كاذبةٍ في إظهار مساواةٍ وهميّةٍ تنخدع بها المرأة، حقيقةً لا يمكنها الوصول إلى مراكز القرار كما في الدّول الغربيّة".

 

وتصف تمثيل المرأة في لجنة صياغة الدّستور، "بالضّعيف جداً"، لأنها لا تملك تجارب سابقةٍ في مشاركة العمليّات الدّستوريّة.

 

وتضيف: "عدم مشاركة المرأة في السّياسات العامّة يؤدّي إلى ضعف العمليّة السّياسيّة ونقصٍ في الحلول الممكنة في سبيل الوصول لتسوياتٍ سياسيّةٍ كون المرأة لديها أفكارٌ وقادرةٌ على مجاراة أفكار الرّجل".

 

أما "ناظم درويش" (41 سنة)، مدرس مهارات قيادة الحاسوب في المعهد الأمريكيّ للغات، كان رأيه مختلفاً عن آراء المستطلعين، يقول لمجلّة (صور): "للمرأة دورٌ إيجابيٌّ في صُنع السّياسة العامّة، وذات أهمّيّة وكانت بمثابة السّند الأساسي لقيام الإدارة الذّاتيّة"، يعزو درويش ذلك، "بسبب رفض أغلب الرّجال الانخراط في مؤسّسات الإدارة بسبب قلّة المردود المادّي"، بحسب وصفه.

 

ويُحمّل ضعف دور المرأة داخل التّنظيمات الحزبيّة "للقيود المجتمعيّة في مرحلة ما قبل نشوء الإدارة الذّاتية، فيما بعد أدركت الأحزاب ضرورة انخراط المرأة ومشاركتها في العمليّة السّياسيّة تقليداً لنظام كوتا المعمول به في كثير من البلدان".

 

وما يجدر ذكره أنّ الإدارة الذّاتيّة أصدرت العديد من القوانين الخاصّة بحقوق المرأة، ومنها حقّ العمل والمشاركة السّياسيّة، شبيهةً بتلك القوانين المدنيّة المعمول بها في الدّول الغربيّة، وفي استغرابٍ أوّليٍ لهذه القوانين بين مؤيّدٍ ومعارضٍ ومستهزئٍ إلّا أنه أصبح أمراً واقعيّاً تقبله الرّجل والمجتمع، فما شهدته المنطقة من حراكٍ سياسيٍّ ودمويٍّ استوجب استنفار كلّ الطّاقات البشريّة لإرساء الاستقرار فيها، بما في ذلك الحاجة لدور المرأة التي شاركت في التّحركات السّياسيّة كداعيةٍ ومفاوضةٍ أساسيّةٍ للحوار.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard