info@suwar-magazine.org

منظمات حقوق الإنسان(4)

منظمات حقوق الإنسان(4)
Whatsapp
Facebook Share

 

                  

     من كتاب بوصلة الصراع في سوريا (السلطة- الشارع-المعارضة)

 

 

في دراسة عن واقع منظمات حقوق الإنسان في سوريا وآفاقها، لـوائل سواح نشرها في موقع الأوان 2008[1]، يقدم لنا رؤية بانورامية لهذا الجانب المغيّب عن واقعنا السوري.

 

يعيدنا وائل السواح إلى البدايات في ستينات القرن الماضي الذي تم فيه تأسيس أول جمعية لحقوق الإنسان وهي "رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان" ضمّت مجموعة من المحامين الأطباء السوريين، وحازت هذه الجمعية على ترخيص رسمي لها بالعمل، وكان هدف الجمعية "إرساء مبادئ حقوق الإنسان في نفوس المواطنين"، إضافة إلى "تطوير هذه المبادئ ونمائها وضمان حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والدفاع عنها عملاً وقولاً".

 

وفي آذار من عام 1978، نشطت مجموعة من محامي نقابة دمشق محاوِلةً صياغة مشروع حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ووضع مجلس نقابة محامي دمشق على رأس جدول أعمالهم، في جلسته المنعقدة بتاريخ 22 حزيران/ 1978، حالة الطوارئ والأحكام العرفية في البلاد، ونال شبه إجماع. وعلى إثرها صدر قراراً يعتبر التزاماً من النقابة: "برفع الظلم وإزالة الحيف، والدفاع عن المواطن".

 

وسعياً منها (نقابة محامي دمشق) لربط القول بالفعل، رفعت جملة من المطالب إلى المؤتمر العام، تركزت على رفع حالة الطوارئ، وتعديل قانون الطوارئ بأضيق الحدود، لا قانونية الأحكام العرفية وعدم التقيد بها. مساءلة أي محامي يستند للأحكام العرفية، السعي لإلغاء المحاكم الاستثنائية. مقاطعة المحاكم الاستثنائية. إدانة كل أشكال التعذيب الجسدي والنفسي المنافية للكرامة الإنسانية، والتركيز على تطبيق مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء. مواجهة ورفض كل أشكال وأنواع الاعتقالات التي تمارسها جهات غير قضائية. اعتماد مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كدستور أساسي للمواطن وتقديمه على أي نص تشريعي محلي عند تعارض أحكامهما.

 

وعلى إثر ذلك شكلت لجنة الحريات العامة، واستمرت في العمل من صيف 1978، ولمطلع عام 1980.

 

وتعتبر البداية الحقيقية لانطلاق الحركة الحديثة لحقوق الإنسان في سوريا في 10-11- 1989، ولكن هذه التجربة حملت بداخلها بذور تفتتها، من خلال الخلط بين التجربة الحقوقية والسياسية الناتجة عن الأرضية التي أتى منها بعض الناشطين، وانعدام الخبرة في هذا الحقل لديهم بالذات.

 

العهد الجديد   

 

في 15 أيلول/ سبتمبر 2000، تم الإعلان عن تأسيس لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان، ضم مجلس الأمناء ثلاثة عشر عضواً الذي انتخب أكثم نعيسة رئيساً له، ولإدارة العمل اليومي إضافة إلى رئيسة حسيبة عبد الرحمن، وحازم نهار، وأحمد درويش، وجديع نوفل، وغياث نعيسة.

 

جمعية حقوق الإنسان في سوريا:

 

أسسها في تموز/ يوليو من العام 2001، مجموعة من الناشطين والمحامين السوريين، وانتخب رئيساً لها هيثم المالح، نتيجة تردي حقوق الإنسان في سوريا، وتمحور نشاط الجمعية برصد الانتهاكات، وإصدار البيانات، والمشاركة في الاعتصامات، وإصدار التقارير السنوية حول واقع حقوق الإنسان في سوريا.

 

 

وتلى ذلك ظهور العديد من المنظمات التي أولت هذا الجانب اهتمامها الرئيس، ولكنها بشكل عام ترى ذات الإشكاليات، والعقبات التي تعترض أياً من هذه المؤسسات، عند التداخل ما بين السياسي والحقوقي، ما بين القانوني والإيديولوجي، ما بين القمع السلطوي، والفضاء الرحب الذي تسعى للوصول إليه..!

 

ومن النتائج الأولية لهذا الحراك المدني، على سبيل المثال لا الحصر:

 

1- اعتقال النائب في "مجلس الشعب" مأمون الحمصي في 9 آب/ أغسطس 2001، بعد رفع الحصانة الدبلوماسية عنه..! (هذه الحصانة الشكلية، التي لا يمكن أن تكون واقعية إلا بوجود مؤسسة تشريعية حقيقية، وليس ذيلية تابعة للسلطة السياسية)، بعيد إصداره بيان في 7-آب/ أغسطس 2001، طالب فيه باحترام الدستور، وسيادة القانون، وإلغاء حالة الطوارئ، والمحاكم الاستثنائية، ومحاربة الفساد، ووقف الهدر، ووقف تدخل الأجهزة الأمنية في الحياة العامة للمواطنين، وتفعيل دور مجلس الشعب ليؤدي دوره الحقيقي في تمثيل مصالح الشعب، وبعد ذلك أعلن الإضراب عن الطعام. وقضت محكمة الجنايات السورية بالحكم عليه لمدة خمس سنوات، والتهمة السعي لتغيير دستور البلاد بوسائل غير شرعية..؟!

 

2- اعتقال المحامي رياض الترك الأمين العام للحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي)،  في طرطوس 2 أيلول/ سبتمبر 2001، والحكم عليه سنتين ونصف..؟!

 

3- عارف دليلة اعتقل في 9 أيلول/ سبتمبر 2001، على خلفية محاضرة له في منتدى جمال الأتاسي بدمشق تحت عنوان "الاقتصاد السوري: مشكلات وحلول"، ركز فيها على انهيار الاقتصاد، ونهب الأموال العامة، وفساد الإدارة، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات..؟!

 

4- اعتقال رياض سيف في 9 أيلول/ سبتمبر 2001، بعد إعادة فتح منتداه بتاريخ 5 أيلول/ سبتمبر 2001، داعياً على محاضرة يلقيها الدكتور برهان غليون أستاذ علم الاجتماع السياسي، ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون بباريس،على خلفية اتهامه بالنيل من هيبة "الدولة"، وإثارة النعرات المذهبية والطائفية، ونشر الأخبار الكاذبة والانتساب لجمعية سرية تهدف لتغيير كيان "الدولة" الاقتصادي والاجتماعي، عبر منتداه (منتدى الحوار الوطني)، وحكم عليه بالسجن خمس سنوات..؟!

 

5- اعتقال كمال اللبواني عضو مجلس أمناء لجان الدفاع عن حقوق الإنسان، والحكم عليه ثلاث سنوات..؟!

 

6- اعتقال حبيب صالح مؤسس منتدى طرطوس للحوار، والحكم عليه بثلاث سنوات..!

 

7- اعتقال وليد البني عضو لجان إحياء المجتمع المدني، وعضو مؤسس لجمعية حقوق الإنسان في سوريا، والحكم عليه خمس سنوات..؟!

 

8- اعتقال حسن سعدون ناشط في المنتديات، والحكم عليه سنتين..؟!

 

9- اعتقال المحامي حبيب عيسى الناطق الرسمي لمنتدى جمال الأتاسي، وعضو الهيئة التأسيسية لجمعية حقوق الإنسان في سوريا، وعضو هيئة المحامين المدافعين عن معتقلي الرأي في سوريا، والحكم عليه خمس سنوات..؟!

10- اعتقال المهندس فواز تللو عضو منتدى الحوار الوطني، والحكم عليه خمس سنوات ...؟!

 

اقرأ أيضاً:

 

الإرهاصات الأولى، فضاءات جديدة ولكن ليست بديلة (3)

 

ربيع دمشق، الذي لا ربيع بعده..!:

 

في تقديم الدكتور رضوان زيادة لكتاب "ربيع دمشق ، قضايا- اتجاهات- نهايات"، يسلط وميض ضوء على تفرد وتميز تجربة وسيرورة ربيع دمشق، عن غيرها في تاريخ سوريا المعاصر:

 

 "أما ربيع دمشق، فلقد كان أشبه بالطفرة في تاريخ السكون المتصل... فإن ربيع دمشق ومن هذه الزاوية تحديداً بدا انقطاعاً عن تاريخ كامل في الخطاب والممارسة والشعارات والأهداف، بدا فضاءً وتعبيراً عن الحرية ببراءتها الأولى، وبدا غائباً عن السلطة أو على الأقل لا يطمح إليها، ليس تعففاً فيها، ولكن إدراكاً أن قبل الوصول إلى السلطة، علينا أن نعمل جاهدين كي يسترد المجتمع وعيه وعافيته.

 

أما الزاوية الأخرى التي اختلفت فيها حقبة ربيع دمشق عن غيرها، هو انطلاقها من مبادرات فردية وشبه جماعية من مختلف القطاعات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، أي أنها ابتدأت من "تحت" وليس من "فوق"، وناشطو هذا الربيع في مجملهم ، يمكن ردهم إلى الثقافي أكثر من وصمهم بالسياسي، على اعتبار أن الأحزاب السياسية شاركت بوقت متأخر في هذا الحراك، وبدا الناشطون والمثقفون أكثر حساسية للتغيير وطلباً له، وحضاً عليه."[2] 

 

 كان ربيع دمشق توقاً لحلم في ذروة تألقه ونقائه، لحرية ما انفك الإنسان منذ بداياته الأولى، يسعى لتحقيقها، لأنها المفجر لطاقاته، وروح خياله المجنح للإبداع والابتكار، وتخط لقيود وقواعد وعقبات وقوانين، سواء الطبيعية منها، أو المجتمعية، سعياً للكمال، ورفضاً للقزامة.

 

اقتنص ربيع دمشق لحظة تاريخية، لن تتكرر في تاريخ سوريا المعاصر..! ولكنها وُئدت غدراً.

 

 

[1] - راجع موقع الأوان لتفاصيل أكثر:

https://www.alawan.org/2008/09/03/%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A2%D9%81%D8%A7/

[2] - ربيع دمشق ، قضايا – اتجاهات- نهايات، إعداد وتقديم د. رضوان زيادة، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان،ص10-11، عن نسخة الكترونية بدو توثيق.

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard