info@suwar-magazine.org

مجلة (صوَر) تجري لقاءً مع المحاميّ والحقوقيّ السوريّ أنور البني

مجلة (صوَر) تجري لقاءً مع المحاميّ والحقوقيّ السوريّ أنور البني
Whatsapp
Facebook Share

بعد تخلّي المعارضة المدنيّة عن مهامّها، فُتِح المجال لقوىً أخرى لتأخذ الدين ستاراً لتحقيق أهدافها

 

حوار: كمال شيخو

 

مدير المركز السوريّ للأبحاث والدراسات القانونية. والناطق الرسميّ لـ"مركز حرّيات للدفاع عن حرّية الصحافيين في سوريا"، وهو مركزٌ غير مرخّصٍ أسسه ناشطون وصحفيون عام 2006. من مواليد مدينة حماة عام 1959. تخرّج في كلية الحقوق بجامعة دمشق عام 1986. ومنذ مزاولته مهنة المحاماة، نذر نفسه وجهوده لمتابعة قضايا المعتقلين السياسيين.

يشارك، منذ تسعينيات القرن الماضي، في الدفاع عن معتقلي حقوق الإنسان الذين اعتقلوا في أوائل ذلك العقد، وقُدّموا إلى محكمة أمن الدولة العليا. كان عضواً في هيئة المحامين المدافعين عن معتقلي الرأي والضمير. وفي تموز 2001 كان أحد مؤسّسي جمعية حقوق الإنسان في سوريا. وانتخب عضواً في مجلس إدارتها عام 2003.

يعدّ مدافعاً حقوقياً بارزاً، ممّن تصدّوا بجرأةٍ وشجاعةٍ للانتهاكات التي طالت المجتمع السوريّ، بكافة أشكالها. وقد أنهى بتاريخ 17/5/2011 عقوبةً قاسيةً بالسجن لمدّة خمس سنواتٍ، أصدرتها بحقّه محكمة الجنايات الأولى بدمشق بتاريخ 24/4/2007، بتهمة "نشر أنباءٍ كاذبةٍ من شأنها وهن نفسية الأمة". وكان قد اعتقل من أمام منزله مساء يوم الأربعاء 17/5/2006.

 

صور: في منتصف حزيران عام 2013، قدّمتَ (إعلاناً دستورياً مؤقتاً) للعمل به في الفترة الانتقالية، وتأمين الانتقال الآمن والسلميّ نحو مستقبلٍ يكون مشرقاً. توزّع هذا الدستور على ستة أبواب، لكلّ بابٍ عدّة مواد تحدّد صلاحيات كلّ جهة. لو تحدّثنا بدايةً عن مشروع الدستور المقترح؟

 

تتردّد كثيراً تساؤلاتٌ محقّةٌ حول المرحلة الانتقالية ومدّتها والآلية القانونية التي تحكمها. وترد أفكارٌ كثيرةٌ حول العودة إلى العمل بدساتير سابقةٍ أو استمرار العمل بالدستور الحاليّ مع التعديل عليه. كما تُطرح أسئلةٌ حول طريقة الانتقال إلى بيئةٍ قانونيةٍ جديدةٍ ديموقراطيةٍ يكون الشعب فيها هو صاحب القرار، مع طريقة إعداد دستورٍ جديدٍ، وتصفية آثار المرحلة الماضية، ومصير مرتكبي جرائم قتل المدنيين وتدمير البلاد، وإعادة السلم الأهليّ الذي تعرّض لشروخٍ كبيرةٍ وقاسية، وأسئلةٌ أخرى كلّها مشروعة، وتعبّر عن قلقٍ من مستقبلٍ لم تتحدّد معالمه، بينما لم تقدّم أية جهةٍ خريطةً سياسيةً قانونيةً آمنةً للانتقال الديموقراطيّ.

طالبتُ، من خلال الدستور المقترح، بتعليق العمل بالدستور الحاليّ، وبجميع القوانين والمحاكم الاستثنائية؛ كالقانون 49 لعام 1980، وقانون إحداث محكمة الإرهاب، والمادة 16 من القانون 14 لعام 1969 الخاصّة بحماية عناصر الأمن من المحاكمة، والمرسوم رقم 6 لعام 66 الخاصّ بمناهضة أهداف الثورة وعرقلة تطبيق الاشتراكية، والمرسوم 55 لعام 2011 الخاصّ بتعديل قانون الأصول الجزائية بتمديد التوقيف الأمنيّ وتفويض الأجهزة الأمنية بمهام الضابطة العدلية.

ودعوت إلى إيقاف العمل بالمحاكم الميدانية وبجميع القوانين التي تعرقل عملية الانتقال الديموقراطيّ. وتسري أحكام هذا الإعلان على المرحلة الانتقالية، وينتهي العمل به مع إقرار الدستور الجديد والعمل به.

 

صور: أشرتَ في تصريحٍ سابقٍ إلى أن "محكمة الإرهاب هي أسوأ قانونياً من محكمة أمن الدولة العليا سابقاً التي حلّت محلها". يُحال إلى هذه المحكمة أغلب الناشطين المعارضين المعتقلين لدى النظام السوريّ بتهمٍ مختلفة. هل هناك تقديراتٌ لعدد هؤلاء؟ وما هي الأحكام الصادرة عنها؟ وكيف هي إجراءاتها القانونية؟

 

حقيقةً لا أسمّيها محكمةً بل أعتبرها جهةً أمنية؛ لأنها تنظر في الدعاوى المحالة إليها مستندةً على الضبط الأمنيّ. وحسب معلوماتنا، فإن هناك أكثر من 35 ألف دعوى أمام محكمة الإرهاب، يحاكم فيها أكثر من ثمانين ألف متهم، منهم أربعون ألفاً قيد الاعتقال، وأخلي سبيل حوالي 15 ألفاً.

ولا نعلم العدد الإجماليّ للمعتقلين، لأن هناك قضايا توجد فيها مجموعة أشخاص، وقضايا أخرى يكون المتهم فيها شخصاً واحداً. أما بخصوص أحكامها فهي تتراوح بين (10 إلى 20 سنة)، وهناك بعض الأحكام بالإعدام. ووجودنا كمحامين في المحكمة لا يغيّر شيئاً، ولكن فقط لإشعار أهالي المعتقلين أنّ هناك من يتابع قضاياهم ويقف إلى جانبهم. كما ننصح الأهالي بعدم دفع الرشاوى أو الخضوع للابتزاز الماليّ.

 

صور: ذكر المركز السوريّ للأبحاث والدراسات القانونية، في عدّة بياناتٍ، أن "هنالك معتقلون يموتون يومياً في أقبية سجون المخابرات السورية". هل لديكم تصوّرٌ عن عدد هؤلاء الضحايا وأسباب وفياتهم؟

 

يتراوح عدد من يموتون يومياً في أقبية أجهزة المخابرات بين 20 إلى 30 شخصاً في العاصمة السورية فقط. يقضون إما تحت التعذيب لأخذ اعترافاتٍ منهم، أو نتيجة الظروف الصحّية الصعبة. ولا نعلم شيئاً عن معتقلات المحافظات الأخرى.

بحسب تقديراتنا، يتجاوز عدد المعتقلين 200 ألف شخص. ونحاول جاهدين، كعاملين في المركز، إخضاع هذا العدد لمنهجية التوثيق. وحسب تقديراتنا أيضاً، تتوزّع الأرقام على المعتقلات التالية: في سجن مطار المزّة العسكري هناك حوالي 15 ألف معتقل. يقابله العدد نفسه لدى الفرقة الرابعة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى سجن صيدنايا العسكريّ. أما سجن عدرا المركزيّ فيتجاوز عدد المعتقلين فيه 10 آلاف. وفي فروع أمن الدولة، وسجن نجها التابع له، يتجاوز عدد المعتقلين 25 ألف شخص. ويوجد في أقبية فروع الأمن العسكريّ حوالي 25 ألف معتقلٍ أيضاً. في حين يبلغ عدد المعتقلين لدى أفرع الأمن السياسيّ حوالي 10 آلاف معتقل. هذه السجون التي ذكرتها هي في دمشق فقط. ويتجاوز عدد المعتقلين فيها 115 ألفاً. بالإضافة إلى معتقلات القلمون ودير شميل ومطار حماة ومعتقلاتٍ كثيرةٍ في المحافظات السورية. ويتوزّع العدد المتبقّي على أفرع الأمن والسجون في المناطق الأخرى من سوريا. وجميع هؤلاء اعتقلوا على خلفية مشاركتهم في الثورة السورية.

 

صور: هل لدى المركز معلوماتٌ عن حالة السجناء في معتقلات المعارضة (المسلحة) والتنظيمات الإسلامية، سيّما المتطرفة منها؟ وعن القوانين والتشريعات التي تعتمدها "الهيئات الشرعية" في تلك المناطق؟

 

لستُ مطّلعاً على حالة السجون والمعتقلات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. ولكن من خلال الأصدقاء، ومتابعتي لها، أستطيع القول إنّ الهيئات الشرعية أو مجالس الشورى أو المكاتب القانونية لا تسدّ حاجة الناس إلى الاحتكام إلى قضاءٍ نزيهٍ وعادلٍ، وفي الوقت نفسه غير مسيّس. ولكن المشكلة أنها جاءت لتلبّي حاجة الناس في المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة إلى تحصيل حقوقهم. والمشكلة الكبرى هي أن المعارضة المدنية تخلت عن القيام بهذه المهمة، ففتحت المجال لمجموعاتٍ أخرى أخذت الدين بشكله العامّ ستاراً لتحقيق هذه الحاجة. بالطبع، هناك تجاوزاتٌ كبيرةٌ نتجت عن ذلك، لغياب المرجعية والمحاسبة. والمحرّك الأساسيّ لكلّ ذلك –برأيي- هو التمويل الذي يأتي من جهاتٍ لها أجنداتها الخاصّة على حساب مستقبل سوريا.

 

صور: يزداد الوضع في سوريا تعقيداً في ظلّ الحرب الممتدّة التي مزّقت البلاد. كيف يبدو المشهد بعد دخول الأزمة عامها الخامس؟

 

عندما انطلقت ثورات الربيع العربيّ تباعاً في تونس ومصر، ثمّ في البحرين واليمن وليبيا؛ كان أصدقائي في السجن يسألونني: هل تتوقع أن تصل رياح التغيير إلى سوريا؟ أجبتهم: إن ما يحدث في العالم العربيّ هو (تسونامي). وكلّ من لم تصل إليه الهزّة ستصل إليه حتماً أمواجها العالية. وعندما بدأت في سوريا كانت أحلامنا تتحقق، ولم تهتزّ ثقتي وإيماني بالشباب، وأنهم سيثورون على هذا النظام.

كنت أتوقّع ردّة فعل النظام، وأنه سيحاول القتال حتى آخر سوريٍّ ليحافظ على كرسيّ الحكم. وكلّ ما أتمناه أن تصبح سوريا بلداً ديمقراطياً مدنياً تعددياً، يكون عنوانُ الدولة فيها احترام حقوق الإنسان، كمؤسّساتٍ ونظمٍ وقوانين.

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard