info@suwar-magazine.org
القنّاص
Whatsapp
Facebook Share

 

"دعوا عينيّ مفتوحتين"

 

عباس علي موسى

 

I

 

أراني إذ أقنصُ يتداعى الضحية أمامي فأنتشي بمقتل العدو/ عدونا وقاتل الأصدقاء/ أصدقائي

في الخلف حيثُ يلئمون الجرحى أراه/ صديقي مرتمياً في أحضان أحدهم مجروحاً

 (إنّه أخي) يقول

(أوجرحته أنا) أقول

(نعم، وكدت تقتله) يقول..

 

وأهمُّ أحضنه وأقبّل جرحه وأمرّغ وجهي في دمائه التي تصبغ أبيض الشاش، ثمّ أهمُ مرتعداً

المكان هو ذاته (ميدان معركة)

الزمان أيضاً، (يا له من حلم قاتل، كارتداد رصاصة في صدرك)

 

السماء تبدو ستارة منخورة، مئات القطط برؤوس مقطوعة مرمية في الجوار، والرصاص معلّق في الستارة تلك، يا للحلم!

وأنا في عشّي كنسر جريح أتذكّر حلمي وألقم طلقة.

 

ربما هو التعب حاملا جسدي من الطابق الأرضيّ من منزل لا أعرف له ملامحاً، لم يدفعني الفضول إلى النظر داخله، أكثر من المطبخ، افترشت فيه فراشاً على عجل، في إحدى المرّات وأنا أودّ النوم بعد أن كان التعب قد نال منّي، وقعت عيناي على وعاء زجاجي (إنّه المكدوس)، يا إلهي إنّ (المكدوس) من أكثر أنواع المؤونات التي تذكّرني بالمنزل، فتحت الوعاء وتناولت قطعة دفعة واحدة، ثمّ نمتُ دفعة واحدة (ليلة مغطّسة بالمكدوس)، كما سيتذكّر صديقي ليلة مغطّسة بالشوكولا.

 

II

 

الأهبة ذاتها في جسدي وأنا أنامُ وكأنّ الرصاص يجري في عروقي، ما يجعلني مشدوداً كوتر في آلة موسيقية، الأفق يبدو بعيداً، فما أحوجني إلى الركض بعيداً، فأمرّن قدميّ على الحياة، كما أمرّن عينيّ على الموت.

 

العين هي الجزء الأهمّ في الحياة كما في الموت. بالنسبة لقنّاص أتراني أستطيع المطالبة بترك عينيّ مفتوحتين حين أموت، كي يكون لحياتي التي سأتركها خلفي معنى.

 

 

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard