info@suwar-magazine.org

التقارير الحقوقيّة ودورها في التوثيق القانونيّ

التقارير الحقوقيّة ودورها في التوثيق القانونيّ
Whatsapp
Facebook Share

 

 

*عاصم الزعبي

 

يعدّ العمل التوثيقيّ للانتهاكات التي تحصل في سوريا، أو في أيّ مكانٍ، من أهمّ الأعمال التي تُبنى عليها العدالة الانتقالية بعد انتهاء الحرب أو أيّ نزاعٍ كان.

 

لذلك لا بدّ من أن يتمّ هذا العمل وفق الأسس القانونية المعتمدة في القوانين والمواثيق الدولية من الناحيتين الشكلية والموضوعية، اللتين إما أن تُقبل وفقهما هذه المعلومات أو الدعاوى أو تُرفَض إن لم تكن صحيحة.

 

وتعدّ كتابة التقارير الميدانية، التي يقوم الناشطون الحقوقيون والصحفيون بالعمل عليها، أحد أهمّ أركان العمل التوثيقيّ. ولذلك لا بدّ من معرفتها، إذ يعدّ تقديمها بكلّ أشكالها عنصراً ضرورياً لعمل حقوق الإنسان.

 

 

أنواع التقارير المتعلقة بالتوثيق

 

هناك عدّة أنواعٍ من التقارير التي تصدرها المؤسّسات الحقوقية: داخليةٌ تستخدم للأبحاث أو الدراسات أو المداخلات، وخارجيةٌ تعتمد على التقارير الداخلية في استنتاج المعلومات.

 

أولاً: التقارير الداخلية

 

هي التقارير التي يكتبها الراصد أو الموثق لاستخدامها داخلياً في إطار المؤسّسة. وهي عدّة أنواع:

 

1: تقارير إدارية: توثق العمل المنجز، ويجب أن تعكس جميع أبعاده. وتكون دوريةً انسجاماً مع متطلبات المؤسّسة، فيمكن أن تكون أسبوعيةً أو شهرية.

 

2: تقارير حول حدثٍ محدد: وفيها موجزٌ عن الحدث ووجهة نظر الباحث الميدانيّ، لتقديم صورةٍ متكاملةٍ ومتسلسلةٍ عن الحدث بعد مقابلة الضحايا والشهود. ويُكتب هذا التقرير في عدّة حالات:

 

أ: عرض نتائج التحقيق في انتهاكٍ معيّنٍ يلفه الغموض.

 

ب: تبرير وجود فجواتٍ أو تناقضاتٍ في أقوال الشهود أو الضحايا.

 

ج: رفض الضحايا إعطاء معلوماتٍ أو التوقيع على أقوالهم.

 

د: شهادة الراصد الشخصية كشاهد.

 

ثانياً: التقارير الخارجية

 

وهي التقارير التي يكتبها الباحثون أو المحامون المختصّون في المؤسّسات. وتعتمد أساساً على المعلومات الواردة في التقارير الداخلية. ومن المهم أن تحوي كافة التفاصيل وأن تستخدم مصطلحاتٍ موحّدةً وتلتزم منهجيةً موحّدةً في استعراض وتحليل الأحداث والتعاطي مع القضايا. ومن الضروري أن تشمل هذه التقارير تحليل الأحداث وربطها بالقوانين والمواثيق الدولية، سواء أكانت متعلقةً بحقوق الإنسان أم بالقانون الدوليّ الإنسانيّ.

 

وتتنوّع أغراض تلك التقارير بين:

 

1: تقارير من أجل التدخل لدى السلطات أو الجهات الرسمية في قضيةٍ ما في محاولةٍ لوقفها ولتحسين وضع حقوق الإنسان.

 

2: التقارير المطلوبة في إطار الأمم المتحدة بكافة أجسامها ولجانها.

3: الأبحاث والدراسات التي تصدرها المؤسّسة حول موضوعٍ محدّد.

4: تقارير خاصّةٌ للمناصرة والتأثير في السياسات.

 

المبادئ الأساسية في كتابة التقارير الميدانية

 

1: التأكد من دقة المعلومات الواردة في التقرير الذي بناءً عليه ستتدخل المؤسّسة لدى الجهات المختصة.

 

2: توخي الدقة وسرد كافة التفاصيل، لأن التقرير الخارجيّ سيرتكز على ما جاء في التقرير الداخليّ، وذلك مهمٌّ من أجل توافر المصداقية كي تباشر الجهات المختصة عملها.

 

3: السرعة وعدم الإبطاء: يجب أن تكتب التقارير عن الأوضاع أو الأحداث بسرعةٍ لتواكب الحدث.

 

محتوى التقارير الميدانية

 

يرتبط محتوى التقرير بطبيعة الموضوع الذي تراد كتابة التقرير من أجله. ولا بدّ أن تتوافر بعض الأمور في أيّ تقريرٍ، ومنها:

 

1: مقدمةٌ بسيطة: يتمّ خلالها إعطاء فكرةٍ عن الموضوع سواء أكان حول انتهاكٍ ما أو أوضاع حقوق الإنسان.

 

2: عرض وضع حقوق الإنسان والأنماط: يجب أن يتطرّق التقرير الداخليّ لأوضاع وظروف حقوق الإنسان في المنطقة المستهدفة، ومن خلال ذلك تمكن معرفة إذا كان هناك نمطٌ جديدٌ للانتهاكات قد ظهر أو آخر قد توقف أو ما يزال مستمرّاً.

 

3: عرض الأنماط الأساسية سواء أكانت إيجابيةً أم سلبية: فالتطرّق لأنماط الانتهاكات أمرٌ طبيعيٌّ، للعمل على إلزام الأطراف المسؤولة باحترام حقوق الإنسان، ولكن من الضروريّ أيضاً عرض أنماط الممارسات التي تقوم بها الجهات الرسمية من أجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان لتحديد مدى انسجامها مع معايير هذه الحقوق. فالتركيز بشكلٍ إيجابيٍّ أحياناً على آليات حقوق الإنسان التي تمارسها السلطات قد يشجّع على الاستمرار في تلك الممارسات.

 

4: وجهة نظر الراصد أو الموثق في الحدث واستنتاجاته: وهذه ركيزةٌ أساسيةٌ في تقييم عملية التحقق برمتها.

 

5: تحديد مصدر المعلومات: فلا بدّ من الإشارة إلى مصدر المعلومات وإبداء الرأي أحياناً في مدى الثقة به، خاصّةً إذا كان موضوع التقرير حول انتهاكاتٍ لم يتمّ التأكد من صحة وقوعها.

 

6: الخاتمة: يقوم الباحث بوضع توصياته حول الموضوع وكيفية التعامل معه.

 

7: مرفقاتٌ لكلّ الوثائق التي تمّ العمل عليها.

 

الأمور التي تجب مراعاتها عند كتابة التقارير

 

1: الوضوح في اللغة: وهو من الأمور المهمة لأن التقرير سيعدّ موثوقاً وقد تُبنى عليه مداخلاتٌ قانونية، ولذلك يجب أن تكون اللغة واضحةً، مع تجنّب استخدام العامية. كما يجب أن تكون المفردات المستخدمة موحّدةً تنطلق من لغة حقوق الإنسان والقانون الدوليّ المتفق عليها.

 

 

2: استخدام الاقتباس عند الضرورة: أحياناً يحتاج التقرير إلى إدراج اقتباسٍ من أقوال الضحية أو الشاهد، مما يجعل التقرير أكثر قوّةً ويؤكد حياديته من خلال نقل أقوالٍ وليس الظهور كمصدرٍ للأحكام.

 

3: ذكر الإيجابيات: هذا الجانب مهمٌّ لإعطاء مصداقيةٍ للباحث والمؤسسة ولتعزيز المطالب، وعدم الظهور بمظهر الناقد للسلبيات فقط، وإنما التشجيع على الإيجابيات الموجودة.

 

4: تقديم التقرير في وقته: حسب الضرورة والموضوع. وهذه المسألة مهمةٌ في مجال حقوق الإنسان.

إذاً، وفي ظلّ الانتهاكات التي ترتكب في سوريا منذ خمس سنواتٍ من قبل جميع الأطراف، ومع كثرة من باتوا يعملون في مجال توثيق هذه الانتهاكات سواء أكانوا اختصاصيين أم لم يكونوا؛ لا بدّ من التعرّف -على الأقلّ- على أساسيات العمل الحقوقيّ والتوثيقيّ كي لا تضيع جهودهم، ومن أجل خدمة القضية السورية بالشكل الصحيح في المحافل الدولية المختصّة.

.

.

اقرأ المزيد للكاتب .. 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard