الكارثة السورية .. لعبة المصالح الضيقة وعجز المنظومة الدولية
*فريق صور
تكشّفت في الأسابيع الفائتة سلسلة من الجرائم التي ارتُكبت وما تزال تُرتكب بحق الشعب السوري، الأمر الذي لا يضع مجالاً للشك حول مدى تبعية الأطراف السورية للدول والمحاور الإقليمية، ومدى فداحه اللعبة التي تدار في العديد من العواصم. كان السوريون فيها عبارة عن أدوات دون أن يكون لديهم أدنى دور فعلي في تقرير مصير بلادهم.
لنبدأ من قضية الهجوم بالسلاح الكيماوي الذي استهدف مدينة "خان شيخون" وراح ضحيته عشرات الأطفال والنساء والرجال من المدنيين، وما أعقبه من ضربة أمريكية لأحد المطارات. هل ستؤدي هذه الأحداث إلى أي تغيير في مسار المعادلة السورية رغم كل الاستغاثات والتصريحات الإعلامية على مستوى العالم؟ لا نرى أي بوادر لذلك، فكل ما استتبعته هذه الأحداث لا يعدو كونه إعادة ترتيب لأوراق القوى الكبرى، وتأكيداً لمواقعها المكرسة، وفصلاً جديداً من فصول منطق «إدارة الأزمة» وليس إيجاد حلٍ لها، وهو المنطق التي تتصرف وفقه الدول الكبرى منذ بداية الخرب السورية.
المخططات التي تُرسم في العواصم الإقليمية وتطبق في سوريا باتت ملامحها تظهر بشكل جلي، آخرها اتفاقية «المدن الأربع» التي تعتبر جريمة ضد الإنسانية بكل المعايير، وباتت تُعرف بـ»اتفاقية التهجير»، فبأي حق يتم إخراج الناس من بيوتها واستغلالها في تلك المخططات التي لا ترى في سوريا سوى مستودعٍ للجثث.
أي عقل ذرائعي لا إنساني خطط لتلك الجريمة! وهل أصبح السوريون والسوريات مجرد سلع تباع في بازارات الدول الإقليمية؟ هل أصبحت المدن السورية للبيع يتاجر فيها الإيرانيون والقطريون والأتراك والروس؟
هذه المهزلة الدولية لا يمكن أن تستمر، فهي تهدد الأمن والاستقرار على الصعيد العالمي، ولا يد للقوى الدولية أن تكون أكثر وعياً للتوابع الكارثية لسياساتها، ما تحتاجه سوريا والمنطقة هي سياسية دولية متوازنة بعيدة عن المصالح والحسابات الضيقة، تعمل على إيجاد خارطة طريق واضحة المعالم لإحلال السلام في المنطقة، ووقف النزيف المستمر لأبنائها ومواردها.
الحل السلمي في سوريا هو حل دولي بالضرورة لا يهمش أو يقصي أي قوة فاعلة في المنطقة، وبشرك السوريين في الوقت نفسه في تقرير مصيرهم، مما يضمن الأمن والسلام والحد الأدنى من الديموقراطية، بدلاً من المخططات «الاستراتيجية» الهزيلة التي تقودها أحلام إمبراطورية غير واقعية. فهل سيستيقظ العالم ويصبح أكثر وعياً بالكارثة التي ننحدر إليها، أم سنشهد في السنوات القادمة المزيد من فصول المأساة التي لا تنتهي؟