info@suwar-magazine.org

سلام إلى الولي.. سلام يا طيب

سلام إلى الولي.. سلام يا طيب
Whatsapp
Facebook Share

لماذا أخاف؟

معظم أولئك الناس، يجيدون لعبة الرمال، وطهي السردين بالأرز.. أكثر من ذلك مازالوا ينظفّون أسنانهم بالمسواك.

يحكون الحسّانية، لغة غارقة بالعربية، حتى تكاد معها  أن تتناول التمر، وحليب الجمال، وتغرق في كثبان رملية مقفرة، ولا تنسى معها ان يكون لك صوت:

صوت واحات الصحراء وقد أحاطت ببواباتهم الذهبية وقد تمتد إلى صدر الخيمة.

خيمة كان لي فيها صديق اسمه، ماء العينين (تأملوا هذا الاسم)، وآخر هو:

- الولي مصطفى.

نعم، إنه الولي.. ليس ولي الصومعة كما يظن حمقى الله.. لا .. هو الولي الأحمر، صديق أرنستو تشي غيفارا، ورفيق هوشيه منه، ومعلّم محمد عبد العزيز، ورحّالة القانون وقد استقر به المطاف في الاحتكام لقانون لم نشهده نحن سكّان مدن الامبراطوريات.. امبراطوريات الوقود، وصلافة النساء المدللات.

- امبراطوريات: السادة/ العبيد/ البروليتاريا/اتحادات النساء وجمعيات الفلاحين.

وفي المهد.. وأعني مهد الرمال، ستجلس بنت الساقية والوادي (هذا اسمها الحركي)، وهي تعيش ربما في سمارة، أو العيون، أو الداخلة، ولا أدري إن كنت سألقاها في تندوف، على ذراع من مياه الأطلسي.. لا أدري إن كانت ستنتظرني هناك، وهي ترتدي الساري بألف لون ولون، بما يجعل ألوانها فائض عن الخيال..

- أود ان تكون بانتظاري، مستلقية فوق تاريخ أجدادها الفرسان.. أجداد توزعوا ما بين القبيلة الراعية، أو المقاتلة، أو تلك القبيلة التي تحتكم لمجلس أيدي الأربعين ومنها القبيلة الزارعة.

- زارعة ماذا؟ وأي حصاد يمكن للصحراء أن تمنحه للبذار؟

إنها الصحراء:

يهطل المطر فيها بضعة مرّات كل عام، ودون شكّ مازال ملائكتها يمدّون أصابعهم باندهاش نحو الطائرات، وهم من قصفتهم الطائرات، حتى باتت الطائرة بالنسبة إليهم لاتعني سوى مركبة متخصصة بالموت.

عندهم.. سنام الجمال، مازالت المقاعد الأكثر أماناً من صناديق الفولاذ.

بشر فولاذيون، يستقرون فوق سنام الجمال (؟!!)، ومعها عربات اللاندروفير.. عربات القتال.

وها أنذا أستعد للكثير.. للفيلم.. لشريط آخر، ممتلئ بالأساور، بالخواتم الناعمة الدقيقة، بالحنّاء وقد ارتسم على أصابع بنات يعرفن الطريق إلى الخجل، ولا يتهن حين يتوه الطريق بهن ويأخذهن صوب خنادق المقاتلين.

هؤلاء لا ينتظرون يوم القيامة.. القيامة بانتظارهم على الدوام حين يتساقط العدل من أفواه الذئاب.

  • يريدونها بلادهم.
  • نعم يريدونها كذلك، ولا يلبثون أن يعلنوا حقهم في تقرير المصير.

مصيرهم، هم، أولئك الذين لم يأتون من الدولة، ولم تكن لهم (الدولة)، غير أن لهم ما يزيد عن الدولة قوّة و (عدالة)، هي قوة الحياة، وعدالة رفض الاستسلام لمخزن كل ما فيه ملوك، ملوك يشتغلون على مدّ أيديهم للرعية.. يمدونها لا للمنح، بل للتقبيل.

رعية تقبّل اليد، في سجود لا يلبث أن يمنح لآلهة لم تأخذ من الآلهة سوى الترويع، وثقافة النيران والوحول.

لماذا أخاف؟

سيكون لنا كاميرا خلاّقة.. أشرطة بلا حدود، هو عالم الديجتال وقد ينغرس في رمال الصحراء.

- كان الحلم.

نعم هو الحلم.. مزيج الأسئلة، وفي جدول الأسئلة ستكون السياسة هي آخر سؤال.

هناك، لا معنى للسؤال الذي يحكي في لعبة الأمم.

لا .. سيكون السؤال الأكثر كفاءة، هو سؤال:

- الحرية.. وحقوق الإنسان.

إنسان ما قبل جان جاك روسو، جون لوك، فولتير أو مونتيسكيو، خطواتهم الأولى ابتدأت قبل كل هؤلاء، فالحرية عندهم قدمت من أقاصي  الزمن، كان الأمر كذلك وهو مالم نعرفه نحن سكّان الحواضر/ المدن/ الزنازن/ بيوت الاسمنت.

ستكون رحلة، وقد تكون أكثر بكثير.

ستكون أعلى من مستلزمات الشجاعة وحدها.. وقد تكون "عباءة مرقطة بزهور الساري".

هل تعلمون ما هو الساري وقد لفّ أجساد نساء الصحراء؟

لا وقت هناك لوقتنا.. وقت إيف سان لوران، القادم من جفاف الخيال.

ليس مهزلة ولا نكتة أن ياتي الأنبياء.. كل الأنبياء من الرمال.

من زمان.. حكينا، والطيب الوحيشي عن هذه الرحلة، حكيناها بالتمام والكمال.. كدنا ندخل المتاهة بعد ان فجّرنا عقولنا وغرائزنا معاً، ثم جاءه الشلل من خلف (المرصاد).

- ها أنذا اعتذر من الطيب.

سأكون وحدي.. كما كنت وحدي.. كما لا أزال، وكما سأبقى، هذا إذا لم تحدث مجزرة وتأخذني إلى المقابر الجماعية كما الكثير من الزملاء الأموات.

هناك.. مع الرمل، لن نحكي عن صناعة الأشلاء.

لا .. سنكون عيناً بالغة الذكاء، تعرف معنى غروب الشمس، وتعرف الحكايا القادمة من أزل الحياة.

لماذا أخاف.

- العزيزة بنت الساقية..

- قولي لي من الآن:

- مالون الساري الذي سترتديه؟

- ستقولين لي:

- ياصاحب السؤال الأحمق: ما من حدود لألوان الساري.. كما لا حدود لفضاءات الصحراء.

أعرف.. سأحتاج إلى التمهل قليلاً قبل أن يأخذني الذكاء إلى تأملات الذكاء.. تأملات القطارات/ الطائرات/ البارود/ المدن المزدحمة/ ألعاب الشرق الأوسط حيث الوقت، كل الوقت لإماتة الزمان.

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard