info@suwar-magazine.org

من الغوطة إلى عفرين: وحدة المأساة تجمع السوريين

من الغوطة إلى عفرين: وحدة المأساة تجمع السوريين
Whatsapp
Facebook Share

 

 

تشهد ثلاث مناطق سورية اليوم حرباً مدمرة تُستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة، ويُقتل فيها المدنيون برخصة مفتوحة أمام أنظار العالم أجمع، دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكناً. هكذا أصبحت عفرين وإدلب والغوطة مساحات مباحة للقتل والتشريد والتدمير.

 

الصمت الدولي ياتي منسجماً مع الصفقات الدولية والإقليمية التي أبرمتها الأطراف المنخرطة في المقتلة السورية. فلم يعد خافياً على أحد أن الروس والأتراك اتفقوا على أن يسيطر الأخيرون على عفرين، مقابل التخلي عن إدلب لقوات النظام وحلفائه، بما يجعلها عملياً تحت السيطرة الروسية، دون أي تدخل من الجانب الأمريكي، طالما أن هناك اتفاقاً مسبقاً بينهم وبين الروس على مناطق النفوذ.

 

هذه الصفقات القذرة التي يتم إبرامها بين الأطراف الإقليمية والدولية على الأراض السورية، وعلى حساب دماء المدنيين الأبرياء من أطفال ونساء، حولت كل الأطراف السورية المسلحة إلى ميليشيات ومرتزقة لخدمة أجندات هذا الطرف أو ذاك، من أجل إعادة رسم مناطق النفوذ داخل الخريطة السورية المنقسمة.

 

وبات واضحاً لكل متابع للشأن السوري أن تركيا، التي تقدم نفسها بوصفها الطرف الداعم للمعارضة السورية، تستخدم جميع الفصائل المنضوية تحت مسمى «درع الفرات» لخدمة حربها ضد قوات «سوريا الديموقراطية» ذات الغالبية الكردية، في ما أطلقت عليها عملية «غصن الزيتون»، دون أن تكون لتلك الفصائل أية مصلحة في الحرب التي يهدف الأتراك منها السيطرة على عفرين. في الوقت الذي تغض تركيا الطرف فيه عن الحرب المفتوحة التي يشنها النظام بالتعاون مع روسيا ضد أهل إدلب، مع أنها إحدى الدول الضامنة لاتفاقية «خفض التصعيد» التي كانت محافظة إدلب جزءاً منها.

 

من جهة أخرى جاء الاتفاق المفاجئ بين قوات سوريا الديموقراطية وقوات النظام السوري، ليخلط الأوراق من جديد، ويحقق مكاسب غير متوقعة لمصلحة النظام وداعميه، ما يجعل الباب مفتوحاً لكل الاحتمالات، ويدخل البلاد فصلاً جديداً مازالت مساراته غير واضحة.

 

بكل الأحوال يبقى المدنيون هم المتضررون الأساسيون من كل ما يحدث، ومع غياب الأمل في حل سياسي ينهي معاناتهم، وميل كل الأطراف لفرض أجنداتها بالعنف المحض، فلن يبقى للسوريين سوى مرارة النزوح والتشرد، بحثاً عن مأوى يقيهم من ويلات الحرب.

 

قد تختلف عرقيات وطوائف المدنيين في عفرين والغوطة وإدلب، ولكن ما يجمعهم هو وحدة المعاناة بسبب الحرب العبثية وعجز المجتمع الدولي عن القيام بواجباته، وخراب كل البنى والمؤسسات الاجتماعية والصحية والتعليمية التي كانت يوماً، على علاتها ورثاثتها، تؤمن الحد الأدنى لحياة الناس وتماسك المجتمع.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard