info@suwar-magazine.org

ذلك هو قاتلي

ذلك هو قاتلي
Whatsapp
Facebook Share

 

لا يقتلني المحارب، يقتلني من يهتف للحرب.  لا يقتلني الطغاة، يقتلني من يصفّق للطغاة. لايقتلني الحصان، يقتلني البغل وقد حُمّل بألقاب الخيول.. لايقتلني مارسيل خلفية، يقتلني جمهور مارسيل. لايقتلني الموت، يقتلني النوّاحات. لايقتلني الحب، تقتلني الخيانة، ولا تقتلني الهجرة، تقتلني افتراضات الوطن.

 

لا تقتلني قدمي، يقتلني الحذاء الضيّق. ولا تقتلني المسافات، يقتلني قطّاع الطرق. ولا تقتلني الفكرة، يقتلني تكرارها.  ولا يقتلني القتل، تقتلني الكذبة. ولا يقتلني الله، يقتلني المؤمنون بسطوته. ولايقتلني الجنس، تقتلني أفلام البورنو.

 

لا تقتلني الشجرة، تقتلني العصا وقد قطفت من الشجرة. ولا يقتلني الذئب، يقتلني الكلب وقد انحدر من سلالته. ولا تقتلني الحريّة، يقتلني عبيدها وقد حوّلوها إلى بزنس. ولاتقتلني السلطة، يقتلني وهمها، ولاتقتلني المعارضة، يقتلني استنساخها للسلطة. ولا يقتلني فريد الأطرش، تقتلني مناديل غرامه وقد بات العشاق يمسحون أنوفهم بأكمامهم. ولايقتلني نمر الغابة، تقتلني الذبابة في طبقي. ولا يقتلني الإمام المهدي، يقتلني منتظروه وقد اصطفوا على باب الجنّة لتكون الجنة حصرية بعماماتهم. ولا يقتلني السيد المسيح، يقتلني حرمانه من الأب البيولوجي، كحق صرف لكل المخلوقات الفقرية وهو منهم.

 

لا تقتلني اللغة، يقتلني الفيس بوك وأديباته اللواتي يكتبن الشعر من أقفيتهن بالغة الروعة. ولايقتلني اللجوء، تقتلني مباركته. ولا تقتلني المراهقة، يقتلني استعجال الزمن. ولا يقتلني الزمن، يقتلني بطئه. ولا تقتلني الطوائف،  تقتلني لعنتها، ولا يقتلني الصراع الطبقي، تقتلني معاول جائعي مواسمه. ولاتقتلني إسرائيل، يقتلني الصمود والتصدي.

 

لا يقتلني الوقت، تقتلني الروزنامة ومن ثم إحصائه على أصابع يدي. ولا يقتلني الجدار، تقتلني الصورة الملقاة على كتفه لرجل يبتسم وقد امتد حافره في وجهي. ولا تقتلني الهزيمة، تقتلني احتفالات النصر فيما يعقبها. ولا تقتلني القضية، يقتلني حاملها كخشخيشة تعلّق في ربطة عنقه، ولا تقتلني ربطة العنق، تقتلني عقدتها، ولا يقتلني عنقي، يقتلني ضيق التنفس.

 

لا يقتلني التكاثر، تقتلني زيارة المقابر، ولايقتلني نهيق الحمار، يقتلني أن ليس  لي صوته. ولا تقتلني العتمة، يقتلني انطفاء السراج ليزيد من وحشة عمري. ولاتقتلني حرية المرأة، تقتلني القحبنة. ولا تقتلني العاهرات، تقتلني البترونات اللواتي يسوّقنها. ولا تقتلني اللصوصية، يقتلني لصوص الدجاح، وقد سبق وأن سرقوا المصرف. ولايقتلني البنك الدولي، يقتلني مصرف التسليف الشعبي، وقد انقرض الشعب إلى غير رجعة.

 

لا تقتلني مؤتمرات السلام الوطني، تقتلني الوجبات التي تلحق بهم في الفنادق إلى أسرّة نومهم.  لايقتلني الفقر، تقتلني رغبة امتلاك ما ليس من حقي، ولا يقتلني تغيير الخرائط، يقتلني أنني لم أدرك أنها مكتوبة بأقلام الرصاص لتكون من حصة الممحاة فيما يستقبل من الزمن.

 

لا تقتلني التجارب، يقتلني الندم إذا ما ندمت على أنها تجاربي. لايقتلني الماضي، يقتلني أن يعاود حضوره حتى لايمل من كسري. لايقتلني حسين الديك، يقتلني أنه هو، وبعظمة لسانه وعظمة رقبتي أنه موروث أهلي.  ولا تقتلني تلك المذيعة التلفزيونية، يقتلني طبيب التجميل وقد نفخ شفاهها حتى باتت شفاهها تنافس قفاها في الثخانة والربربة.

 

لا يقتلني السجّان، يقتلني السجين. لايقتلني القيد، يقتلني إن كان من ذهب. لاتقتلني الوحدة، تقتلني إن كانت وحدة في (العجقة). لايقتلني الطيران، تقتلني جاذبية هذا الكوكب، ولا يقتلني المطر، يقتلني الوحل. ولا أغرق في النهر، أغرق في المستنقع. ولا أتعثر بجبل.. أتعثر ببحصة في قدمي.

 

يقتلني أنني لا اعرف قاتلي.. ليت يدي تقتلني، ليتها تفعل ذلك لأضع ما بين السبابة والإصبع الوسطى لفافة تبغ، وأقول لها:

 

بصحتك.

 

ثم نمجّ معًا سيجارة قاتلتي، وأدعوها لتصفعني ألف كفّ وكفّ، ثم أصفق لها باليد الثانية، مع أنني أعلم أن يدًا واحدة لاتصفّق.

 

ليت للرجل قلبين، واحد من حصة القاتل، والثاني من حصة القتيل وبعدها:

 

- يختار أحدهما.

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard