info@suwar-magazine.org

عن مستقبل سوريا

عن مستقبل سوريا
Whatsapp
Facebook Share

 

 

يتساءل المعنيّون بالشأن العام في سوريا هذه الأيام – أفراداً وقوى – عن مصير سوريا المستقبل مثل الملفّ المفتوح الذي طرحته مجلة صُوَر ومركز دراسات الجمهورية تحت عنوان – الانتصار والهزيمة في سوريا – سوريا إلى أين؟-

 

أحببنا كـ (لجنة إعلان دمشق في اللاذقية) أن نشارك في هذا الملفّ وهذه مساهمتنا المتواضعة.

 

لجنة إعلان دمشق من حيث المبدأ مع الثورة. مع أننا كنّا نفضّل لو تمّ في سوريا إصلاح هادئ وسلمي وتدريجي قال به المجلس الوطني لإعلان دمشق .

 

تتلاقى الثورة السورية ككل ثورات الربيع العربي مع ثقافة العصر أكثر بكثير من ثورات القرن العشرين، فهي لم تفتّش عن قائد كاريزمي، وكانت مطالبها واقعية تمحورت حول الحرّية والكرامة، وبالمجمل يصحّ وصف تلك الثورات بأنها – ثورية المنشأ، إصلاحيّة التوجّه – والذي خذل تلك الثورات هو المجتمع الدولي.

 

لقد قالت لجنتنا في وثيقتها الرابعة – هيئة الأمم المتحدة والثورة السوريّة – الصادرة في أيلول 2017 ما يلي:

 

تفاءل العالم بعد انهيار النظام العالمي السابق، ودخولنا في نظام عالمي جديد أصبحنا فيه قرية كونيّة واحدة، زادت جرعة التفاؤل على أساس الاعتقاد بأن البلدان الاشتراكية سابقاً ستحكم من جديد عبر ليبرالية ديمقراطية استفادت من تجربة الاشتراكية، وأصبحت تربط بين العدالة والديمقراطية، وهي بهذا المعنى تسند الليبرالية الغربية ذات البعد الإنساني، ويصبح العالم أكثر توحّداً ضد الظلم والفقر والديكتاتوريات، هذه الأجواء بداية العولمة أوحت بإصلاح هيئة الأمم المتّحدة لتتقدّم خطوة إضافية باتّجاه سيادة القانون الدولي بين الدول على حساب القوة، ولتجري إصلاحاً في بنيتها يتناسب مع حضارة وثقافة الجنس البشري الآن.

 

 

  من الإنصاف القول إن القرن الواحد والعشرين بدأ بداية واعدة بهذا الاتّجاه.

 

- على المستوى السياسي طرح الأمين العام كوفي عنان عام 2001 التساؤل التالي على هيئته: «إذا كان التدخّل العسكري لحماية حقوق الإنسان تعدّياً على السيادة الوطنية للدولة ذات العلاقة، كيف يمكن لنا أن نتعامل مع إمكانات وجود راوندا جديدة أو سريبربنتسا أخرى، حيث يجري انتهاك منظّم وممنهج لحقوق الإنسان في شكلٍ يتناقض مع كل مبدأ من مبادئ بشريّتنا المشتركة؟». بناء على هذا التساؤل تشكّلت لجنة لدراسة الموضوع والتعامل معه، نتج عنها ما سمّي مبادرة «مسؤولية الحماية»، اقترحت جملة مبادئ بُنيت على قاعدة أن السيادة الوطنية ليست حقّاً، وإنما هي مسؤولية بالدرجة الأولى، وعرضت على الجمعية العامة في عام 2005 ووافق عليها 191 دولة.

 

- على المستوى الاقتصادي: وقّعت 191 دولة عضو في هيئة الأمم المتّحدة على إعلان الأمم المتحدة للألفية عام 2002 عرف باسم الأهداف الإنمائية للألفية (MDG ) ربطت بين الإرهاب والفقر، وحدّدتها بثمانية أهداف منها.

 

- تخفيض الفقر بنسبة النصف بحلول عام 2015 مقارنة بخطّ أساس عام 1990.

 

     أ- إنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2025.

 

     ب- مساعدة الدول الغنية للدول الفقيرة كي تستطيع أن تحقّق تقدّماً على سلّم التنمية الاقتصادية قبل عام 2025.

 

تشكّلت لجنة من خبراء اقتصاديين لرئاسة مشروع الأمم المتّحدة للألفية بإدارة مارك مالون براون وعضوية جوزيف شامي والأمريكي جيفري ساكس الذي قال في مشروعه المقدّم للخطّة عام 2004 ما يلي: علينا استخدام ثروتنا بصورة عاقلة لشفاء كوكب منقسم على نفسه، ولإنهاء معاناة الذين مازالوا مكبّلين بالفقر، وإقامة رباط مشترك للبشرية، والوصول إلى الأمان، وبناء هدف مشترك عبر الثقافات والأقاليم المشتركة.

 

 ج - على المستوى الإنساني تشكيل محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة مَن يرتكب جرائم بحقّ الإنسانية.

 

تلك الأجواء ساهمت في تحريك ما يُعرف برياح التغيير في العالم، والتي وصلت إلى منطقتنا حيث نزلت جماهيرها إلى الشوارع علّ وعسى يساعدها العالم الجديد على الظفر ببعض حرّياتها المصادرة من حكّامها الفاسدين والمستبدّين، لكن الرياح جرت فيما بعد بما لا تشتهي السفن. انعكس اتّجاه الريح مع وصول رجل المخابرات الروسية إلى سدّة الحكم، وتمكّنه من خلق شعبوية قومية روسية همّها إعادة أمجاد الإمبراطورية الروسية على حساب المناداة بالإنسان، وحقوقه في العالم. وهكذا تكون الدولة الروسية بإعلائها الطبقي على الإنساني قد عاكست حركة التاريخ مرّتين. في المرة الأولى عندما تبنّت النهج الماركسي القائم على ديكتاتورية البروليتاريا، وفي المرة الثانية عندما أخذت على عاتقها حماية الديكتاتوريين في العالم من غضب شعوبهم بالتعاون مع مافيا السلاح والطاقة ومع كل من يقف بوجه الثورات التي تسمّيها القيادة الروسية ملوّنة). قالت لجنتنا أيضا في تقريرها السنوي بداية عام 2016.

 

اجتمعوا جميعاً على استباحة سوريا، وإجهاض ثورتها تحت شعار مكافحة الإرهاب وبإشراف هيئة الأمم المتّحدة. إن هذا النهج خطير جدا،ً وإذا لم يُعَدِ النظر فيه - بحيث ينتج المجتمع الدولي مجلس أمن جديد يكون فيه القانون سيّداً بدلاً من القوة، وتقوم في ظلّه الدول الغنيّة بمساعدة الدول الفقيرة، ويتوازى فيه القول مع العمل من أجل الإنسان وحقوقه - ستكون آثاره كارثيّة مستقبلاً على الجنس البشريّ.

 

لو لم يكن للثورة السوريّة سوى فضيلة تعرية المجتمع الدولي، ومؤسّساته الحالية، وكشف عجزها – إن لم نقل تواطئها من أجل استمرار الجحيم السوريّ- لكفاها ذلك.

 

ليست العلّة في الثورة ولا في الشعب السوري، العلّة في هذه اللحظة الهاربة من التاريخ التي أنتجت معتوهان على رأس أكبر وأغنى وأقوى دولتين يقودان العالم لا يعني لهما الإنسان ولا حقوقه قشرة بصلة، بل كل مايعنيهما مصالح شركاتهما، ورجال مافياتهما، والعالم كله على صورتهما يبحث عن مصالح على الأرض السوريّة، ولا أحد منهم جاء إليها من أجل مساعدة الشعب السوريّ.

 

إن حركة التاريخ حركة مدّ وجزر، وإن كان قادة العالم الآن ليسوا على مستوى حضارة وثقافة البشرية، فنحن نعتقد أن تلك لحظة مؤقّتة، وهي من جهة أخرى تعبّر عن أزمتهم، والحلّ الوحيد هو بمجتمع دولي جديد يوازن بين المصالح والقِيَم، ولن يستطيعوا أبداً تركيع شعوب المنطقة هذه المرّة ليتقاسموا خيراتها كما كان الأمر أيام سايكس وبيكو.

 

إن صيحة الله أكبر للثورة السوريّة لها تتمّة بعيون كل مقهور على الأرض وهي: إن الله بالنهاية سيحاسب من طغى وتجبّر.

 

هو انتصار لهم ولطيرانهم ولبراميلهم المتفجّرة ولأسلحتهم الكيمياوية، ولكنه انتصار بطعم الهزيمة، وهزيمة بطعم الانتصار حقّقه الشعب السوريّ على قادة المجتمع الدولي الحاليّ.

 

لجنة إعلان دمشق في اللاذقية

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard