info@suwar-magazine.org

الصحافة الكردية وتحديات الصحفيين الشباب

الصحافة الكردية وتحديات الصحفيين الشباب
Whatsapp
Facebook Share

 

مع الاحتفاء بمرور 127 عاماً على ميلاد الصحافة الكردية، يتجدد الحديث عن الصحفي الكردي الذي حمل أعباء وهموم هذه المهنة منذ تأسيس أول صحيفة كردية وحتى اليوم، كما أنه المعني بتطويرها في ظل غياب الدولة الكردية.


ويُعَدّ الصحفيون الشباب الكرد اليوم أكثر فئة يقع على عاتقها تطوير هذه المهنة، ولا يمكن للمؤسسات الإعلامية الكردية أن تتجاهل غياب الشباب إذا كانت تسعى إلى أن تحجز لنفسها مكاناً بين المؤسسات الحديثة ذات التأثير، خاصة في ظل ثورة وسائل التواصل وتقنيات الذكاء الاصطناعي.


في هذا التقرير، ترصد مجلة "صور" وجهات نظر العديد من الصحفيين الشباب حول واقع العمل الإعلامي في المناطق الكردية، والصعوبات والتحديات التي تواجههم في خوض غمار التجربة العملية ضمن المؤسسات الإعلامية، لاسيما في ظل غياب المعاهد والكليات والأكاديميات البحثية المعنية بالتطوير المهني والتقني.

 

ما هو الواقع؟

تقول الإعلامية آية يوسف لمجلة صور: "استطاعت الصحافة الكردية في شمال شرق سوريا تسليط الضوء على الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية، ولعبت دوراً في تعزيز الحرية والديمقراطية والدفاع عن حقوق الكرد، وساهمت في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مفهوم العدالة في المجتمعات التي يعيش فيها الكرد، الأمر الذي شكّل حافزاً لدى الشباب/ات للانخراط في العمل الصحفي".

 

 

فيما يسرد لنا الإعلامي جنار أحمد (اسم مستعار) واقع العمل الصحفي والإعلامي: "ثمة شباب/ات ينأون بأنفسهم عن العمل في الصحافة والإعلام، بسبب غياب المعايير التي يبحثون عنها لتطوير ذواتهم مهنياً، ونقل الحقيقة، وممارسة دورهم الرقابي في كشف الفساد. فالفئة الشابة تمتلك من الطاقات والإمكانات الهائلة ما يكفي لإنعاش وتطوير المجال الصحفي إلى أقصى درجات المهنية، ورغم مشقة المشوار والطريق الذي يسلكونه، وكونه محفوفاً بالمخاطر، إلا أنهم يحاولون جاهدين أن يجعلوا من الصحافة مرآة لما تتطلبه الحقيقة، وأداة لإيصال الرسالة بأمانة تامة".

 

"الواقع شاق، ومشابه تماماً للحقبة المظلمة التي مرت بها الصحافة الكردية أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث تعاني الصحفيات والصحفيون من غياب المهنية. ورغم وجود القوانين الناظمة للعمل الإعلامي في المنطقة، إلا أن ضعف تطبيقها يؤثر سلباً على المسار المهني. كما أن غياب التدريب الأكاديمي من قِبل مختصين يُفتّت الرغبة ويُبدّدها، لا سيما لدى الفئة ذات التخصصات والدراسات المختلفة، ممن لديهم شغف بالدخول إلى المجال الصحفي والإعلامي والعمل فيه"، حسب ما أدلى به الصحفي جنار أحمد (اسم مستعار).

اقرأ أيضاً:

 

                       يوم الصحافة الكردية في الذكرى 125

 

 

المشهد الإعلامي الكردي وفئته الشابة
تقول يوسف:" للشباب دور في الصحافة، سواء في توثيق الإرث أو الانتهاكات المرتكبة بحق الشعب الكردي، فهم يمتلكون قدرة هائلة على نقل الأحداث والتطورات، وابتكار المزيد من الأساليب في العمل. إلا أن كثيرين منهم يتجنبون الانخراط في هذا المجال بسبب غياب التقدير المهني من الجهة العاملة، مما يؤدي إلى انعدام الشغف. وينطبق الأمر ذاته على المستحقات المادية التي يتقاضونها. أما أنا، كإعلامية، فلم أشعر يوماً بالاحترام، حتى من الجهات الأمنية أثناء تأدية عملي، وهذا يُعد انتهاكاً صارخاً في ظل غياب قانون يُحاسب الجهة المنتهِكة".

 

في حين تشير الصحفية زيلان علي إلى أن: "الفئة الشابة تلعب دوراً مهماً في تحريك المياه الراكدة في الصحافة الكردية، ورغم التحديات الكبيرة، فإن هؤلاء الشباب يمتلكون الحماس والرغبة في تطوير الإعلام الكردي، لكنهم يواجهون بيئة غير داعمة، خاصة على صعيد التمكين المهني والاقتصادي".

مردفةً لمجلة "صور": إن الصحافة الكردية في المنطقة لا تزال ضعيفة، لأسباب تتعلق بعدم وجود مؤسسات إعلامية مستقرة، وغياب التشجيع الحقيقي على الكتابة باللغة الكردية. وغالبًا ما تكون المبادرات فردية أو بجهود طوعية، سواء لتطوير القدرات أو لنشر المواد الصحفية.


يُضاف إلى ذلك غياب فرص التدريب المهني الممنهج، وكذلك عدم وجود أجور عادلة تضمن استمرارية العمل. ورغم ذلك، هناك مشاريع إعلامية محدودة تسعى لتفعيل دور الشباب وتقديم منصات رمزية للنشر، لكنها لا تزال عاجزة عن خلق بيئة إعلامية حقيقية قائمة على المهنية والاستدامة. لذا، يمكن القول إن الفئة الشابة تحاول أن تلعب دورها، لكن الظروف المحيطة تعيق قدرتها على تحقيق أثر حقيقي ومستدام في تطوير الصحافة الكردية".

 

بين التحديات والقوانين
يوضح الصحفي جنار أحمد (اسم مستعار) جملة من التحديات، قائلاً: "بعض المؤسسات الإعلامية الكردية تفتقر إلى المعايير المؤسساتية التي تعمل على تحقيق التوازن بين الفئة الشابة وأصحاب الخبرة، من أجل خلق منظومة متكاملة للعمل الصحفي المهني، بدءًا من المناصب الإدارية وانتهاءً بالمهام التحريرية وتوزيعها على جميع الأطراف، بما يكرّس ويُرسّخ حالة مهنية صحية وفق السياق الصحفي الحالي. ناهيك عن غياب الثقة التامة بين هذه الفئة من الصحفيين/ات والمؤسسات الإعلامية، ما يُبقي الكفاءات الشابة خارج الإطار المؤسساتي الصحفي. يُضاف إلى ذلك تجاهل الالتزام بعقود العمل الموقعة، والتي تنص على الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية لضمان حقوق هذه الفئة وإلزامها بواجباتها في الوقت نفسه، مما يُفرز بيئة مهنية سليمة للعمل".

 

وتوضح علي أبرز التحديات بقولها: "تكمن التحديات في غياب الدعم المؤسساتي المستقر للإعلام الكردي، وخاصة للجهود التي تعتمد على اللغة الكردية. نحن نواجه صعوبات في تأمين الموارد الضرورية لتطوير قدراتنا، من تدريب وأجور وضمان استمرارية النشر، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على جودة العمل الإعلامي ويحد من تطوره. كما نواجه تحديًا كبيرًا في غياب سياسات تحريرية واضحة أو خطط استراتيجية طويلة الأمد داخل أغلب المشاريع الإعلامية، ما يجعل العمل متقطعًا وغير مستقر. بالإضافة إلى ذلك، هناك فجوة بين الجهد التطوعي المبذول من قِبل الصحفيين الشباب، وبين التقدير الفعلي لهذا الجهد، سواء مادياً أو معنوياً".

 

وفي السياق ذاته، تشير علي إلى "أنه، وبصراحة تامة، فإن القوانين الناظمة للإعلام لا تمنحنا مساحة كافية كصحفيات وصحفيين شباب، خصوصًا أولئك الذين يعملون ضمن مبادرات صغيرة أو بشكل مستقل. وتُعدّ صعوبة الحصول على التراخيص من أبرز التحديات، ما يؤدي إلى تعليق العمل أو مزاولته دون غطاء رسمي. نحن لا نطالب بتسهيلات استثنائية، لكننا، على الأقل، نحتاج إلى قوانين مرنة تُشجّع وتدعم، بدلًا من أن تُعرقل، وتواكب واقع الشباب الذي يحاول أن يكون له دور فعّال في المجال الإعلامي".

 

 

الدعم
تشير آية يوسف إلى أنه يتوجّب تقديم الدعم للفئة الشابة من الصحفيات والصحفيين، من خلال تأمين مساحة من حرية التعبير والرأي، للوصول إلى فضاء يتمتع بالمهنية والأخلاقية، إضافةً إلى توفير سبل للتطوير، والتمكين المهني، والدعم الاقتصادي.

 

وفي السياق ذاته، تقول علي " إن توفير برامج تدريبية عملية ومستمرة تستجيب لاحتياجات الواقع المحلي، سواء من جانب تطوير المهارات التحريرية والتقنية، أو من جانب تعزيز الكتابة والنشر باللغة الكردية، يُعد أمرًا بالغ الأهمية. كما أن إتاحة فرص للنشر والظهور الإعلامي يعزز ثقة الشباب بأنفسهم ويدفعهم نحو تطوير أدواتهم المهنية. ويمكن للمنح الصغيرة أو الأجور الرمزية أن تساهم في دعم الصحفيين المستقلين، والحدّ من الضغط الذي يفرضه العمل التطوعي المستمر دون مقابل".

 

وتُضيف علي أنه من الضروري وجود منصات إعلامية تحتضن هذه الطاقات الشابة، وتوفّر لهم بيئة مهنية تواكب مسيرتهم دون استغلال. كما لا يمكن إغفال أهمية الحماية القانونية والنقابية، فغيابها يشكّل عائقًا كبيرًا أمام حرية التعبير والعمل الصحفي الآمن. وتختصر قولها بضرورة أن يكون دعم الفئة الشابة متكاملاً: مهنيًا، وماديًا، وقانونيًا، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية السياقين السياسي والاجتماعي اللذين يعملون ضمنهما.

 

ولا يمكن إنكار أن التجربة الإعلامية في مناطق شمال شرق سوريا لا تزال حديثة النشأة، ولذلك من الطبيعي أن تفتقر إلى المعايير والأدوات اللازمة لتقديم صورة مهنية متكاملة. لكن، في المقابل، من الواجب الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، بدلًا من التمادي في فرض التقييدات والتضييقات، وبالتالي كسر القيود التي تحدّ من حرية الصحافة، والسعي نحو فضاء إعلامي يليق بمستوى الجهود المبذولة. كما يجب العمل على خلق نوع من التوازن بين الخبرات والطليعة الإعلامية الشابة، وتبديد كافة الظروف التي تعيق تطوّر المشهد الإعلامي وتألقه.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard