info@suwar-magazine.org

أيها الإسلام... اغفر لنا مافعلنا بك

أيها الإسلام... اغفر لنا مافعلنا بك
Whatsapp
Facebook Share

 

لا أكتب متكئاً على فقه، ولا منغمساً في اجتهادات أهل الكلام، ولا متنطّعاً في سطور التفسير، بل أكتبه بصفتي مسلماً مأخوذاً بوجع السؤال، وقلباً ظلّ يسأل :


ـ أيّها الإسلام، ماذا فعلنا بك؟ وماذا فعلت بنا؟
أيّها الإسلام... لماذا بقيتَ صامداً رغم كلّ من شوّهوك، وجيّروك، وامتطوك، واستثمروا فيك، وتاجروا باسمك، ورفعوا رايتك على المقاصل؟

هذه ليست أسئلة عابرة، بل جراح تنزفها روحٌ تبحث عن المعنى، في زمن صار فيه اسمك مقترناً بالخوف.

ـ هل اختطفت؟

نعم، سُرقت رسالتك العظيمة من بين أيدينا، كما تُسرق جوهرة، بأيدي لصوص لا يميزونها عن حصى الطريق،
لصوص نزعوا عنك الرحمة، وألبسوك وجهًا غاضبًا، وراحوا يلوّحون به سيفًا في وجه الناس.

منذ عقود، يكتب الفقهاء ويخطب الخطباء ويصرخ المتحمسون، لكن قلّ من سأل بصدق:

ـ هل ما نراه اليوم من القتل باسم الدين، والتكفير باسم العقيدة، والقهر باسم الشريعة، هو الإسلام الذي جاء به محمد بن عبد الله، ذلك اليتيم الذي بكى حين دفن والده طفلاً؟
هل هذا ما نزل به جبريل:

ـ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.

 

 

لماذا صمدت أيها الإسلام؟

ـ لو كنتَ فكرة سياسية، لأُقصيت.
ـ لو كنت إمبراطورية، لهُدمت.
ـ لو كنت سيفًا فقط، لتكسّرت أنصالك في رمال التاريخ.

لكنّك صمدت:
ـ رغم كل ما لحق بك من تحريفٍ وتشويهٍ واستخدامٍ سياسي فجّ، صمدت.
صمدت لأنك، في جوهرك، تحمل وعداً، لا وعيداً،  ولأنك دعوة إلى الكرامة، لا إلى الذلّ، ولأنك، مهما اجتهدوا في شيطنتك، ما تزال تنبض من الداخل بنور لا يُطفأ.

 

 

فلاسفة الرحمة لا فقهاء السيف

لم يكن الإسلام يوماً مشروع دولة بوليسية، ولا آلة ضبط قمعية، كان وعداً للعقل أن يفكّر، وللروح أن تتحرر، وللقلب أن يحب، وسأذكّر بما لا ينبغي أن يُنسى:"الناس صنفان، إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق" ، هذا  مافهمه علي بن أبي طالب ضمير الإسلام ونشيده العظيم، وهذا ما دافع عنه أبو حنيفة حين رفض أن يكون قاضياً في بلاط الظلمة:

ـ "إن أرادوا مني أن أعدل لايرضون، وإن أرادوا أن أظلم لا أفعل".

أما ابن رشد، فوقف على تخوم العقل والوحي، ولا تعارض بينهما، بل الوحي يدعونا إلى التفكّر.

هؤلاء لم يكونوا ملحدين ولا مارقين، بل كانوا أعمدة في حضارة سمّيت يوماً "حضارة الإسلام".

 

 

دين تُبنى به الأمم لا تُفتّت به المجتمعات:

الإسلام الذي أبحث عنه، لا يُكره أحداً على دينه، بل يُقنعه به، لا يقيم حدًّا على جائع سرق، ويصمت عن سلطان نهب، لا يخاف من المختلف، بل يحاوره، لا يُحرّض على قتل من خالفه، بل يحميه.

هل هذا ما نراه اليوم؟
أم أن بعض من ينتسبون للإسلام باتوا يمارسونه طقوساً خالية من المعنى؟
يصومون ولا يعرفون معنى الجوع وعناء الجائعين،
يُصلّون لكنهم لا يتّصلون،
يحجّون لكن الكعبة في قلوبهم صارت بيتاً بلا نور.

 

 

لا يُحارب الفقر بالدعاء، ولا الطغيان بخطب الجمعة

أيّها المسلم، لن تُطعم الجائع بفتوى،  ولن تحارب الجهل بإنكار المناهج، ولا الفساد بالدعاء وحده.

إن إطعام جائع، أو إغاثة ملهوف، أو مقاومة مستبدّ، هو ما يقربك من الله،لا حفظ الآيات دون فهمها،
ولا لبس الثوب القصير أو الطويل.

 

 

جراح الإسلام من أهله

يا مسلمون،
أصبح كل حادثة عنف تُنسب فوراً إلى اسمكم، فلماذا لا نغضب؟
لماذا لا نحاسب مَن زجّوا باسم الله في الظلمات؟
لماذا لا نعيد لهذا الدين صورته الأولى: ديناً للمحبّة، للعدالة، للعلم، وللجمال؟

 

 

أيها الإسلام، ما سِرّك؟

بقيتَ، رغم كل هذا
رغم من شوهوك، وذبحوا باسمك، وسرقوا بيت مالك، ودنسوا تعاليمك، بقيتَ، لأنك لا تختصر في عمامة، ولا تُسجن في لحية، ولا تُختزل في راية سوداء.

ـ بقيت لأنك كبير، وكل كبير يُنهشه الصغار.
ـ بقيت لأن جوهرك لا يُمس، وإن حاصره الغبار

فاغفر لنا ما فعلنا بك… وامنحنا شجاعة العودة إليك.

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard