info@suwar-magazine.org

العنف وانتهاكات حقوق المرأة في ظلّ الثورة السورية

العنف وانتهاكات حقوق المرأة في ظلّ الثورة السورية
Whatsapp
Facebook Share

 

قال أحد قضاة دمشق لإحدى السيدات المعتقلات: (لقد نظر الأمن القوميّ في ملفّك، وليس بيدنا ما نفعله. من غير المسموح لأحدٍ أن يرى ملفّك، ولا يمكن لقاضٍ أن يفرج عنك).

العنف ضد المرأة هو أكثر انتهاكات حقوق الإنسان شيوعاً. ويشير العديد من تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى أن المرأة لا تزال تتعرّض لانتهاكاتٍ في الدول المتقدّمة والنامية على حدٍّ سواء، وإن اختلفت هذه الانتهاكات في نوعها وحجمها من بلدٍ إلى آخر حسب الأعراف والتقاليد المتعارف عليها في كلّ دولةٍ على حدة. وأبرز هذه الانتهاكات هي الاغتصاب، والزواج القسريّ، والتحرّش، والعنف الأسريّ، والتمييز السلبيّ.

 

تعرّف المادة الأولى من اتفاقيّة مناهضة كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة (سيداو) "التمييز ضد المرأة" بأنه: أيّ تفرقةٍ أو استبعادٍ أو تقييدٍ يتمّ على أساس الجنس، ويكون من آثاره وأغراضه النيل من الاعتراف للمرأة على أساس تساوي الرجل والمرأة بحقوق الإنسان والحرّيات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو أيّ ميدانٍ آخر، أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها وممارستها لها بغضّ النظر عن حالتها الزوجية.

 

أسباب انتهاكات حقوق المرأة في سورية:

 

أولاً: النزاعات المسلحة:

إذ كان للمرأة دورٌ في الحراك الشعبيّ ضدّ الحكومة في مختلف البلدات والمدن السورية التي شهدت بداية هذا الحراك. فكانت المرأة ممن شاركوا في إسعاف الجرحى الذين كانوا يسقطون في المظاهرات على أيدي قوّات الأمن الحكومية.

 

كما كان للمرأة دورٌ إعلاميٌّ كبيرٌ في بداية الأحداث في إيصال ما يجري على أرض الواقع من جرائم وانتهاكاتٍ بحقّ المتظاهرين السلميين الذين طالبوا بالحرية وووجهوا بالعنف المفرط، الأمر الذي أدّى إلى ملاحقتها أمنياً وتعرّضها للاعتقال والتعذيب.

 

ثانياً: الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية:

 

أدّت الحرب المستمرّة في سوريا إلى نشوء أزمةٍ اقتصاديةٍ كبيرةٍ جدّاً تأثر بها، بشكلٍ خاصًّ، المواطن السوريّ. وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن نحو 70% من السوريين يعيشون تحت خطّ الفقر.

حالة الفقر هذه، وحالة اللجوء والنزوح من المدن والقرى، أدّتا إلى ظهور أنماطٍ جديدةٍ من الانتهاكات ضدّ المرأة لم تكن سائدةً من قبل في المجتمع السوريّ، وإن كانت موجودةً فقد كانت تشكل حالاتٍ فرديةً محدودةً للغاية.

 

تتمثل هذه الأنماط في:

 

  • ظاهرة تزويج الفتيات في دول اللجوء المجاورة من جنسياتٍ عربيةٍ (خليجيةٍ بشكلٍ خاصٍّ) مقابل مهورٍ مرتفعةٍ نوعاً ما. ويضطرّ الأهل إلى الموافقة على مثل هذا النوع من الزواج نتيجة الفقر والعوز.
  • نشوء عمالةٍ نسائيةٍ بشكلٍ ينتهك إنسانية المرأة. وقد تنشأ عنها أنواعٌ مختلفةٌ من الانتهاكات من قبل الرجال بالتحديد خلال خدمتهنّ في المنازل.
  • حرمانهنّ من التعليم نتيجة الأزمة الحالية. وتزويجهنّ تحت السنّ القانونيّ، لتنتج نسبةٌ عاليةٌ من حالات الطلاق.
  •  

ثالثاً: الانتهاكات التي تمارسها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوريّ ضدّ النساء في مراكز الاعتقال:

 

تستخدم قوّات الحكومة السورية وأجهزتها الأمنية العنف الجنسيّ ضد الرجال والنساء والأطفال في مراكز الاعتقال. ويعتبر العنف الجنسيّ سلاحاً رهيباً يستخدم كأحد أساليب التعذيب ضد النساء المحتجزات.

وتستخدم هذه الوسيلة بانتظامٍ وبشكلٍ ممنهجٍ من قبل القوّات الحكومية لإذلال النساء وإهانتهنّ دون أيّ رادعٍ أو عقوبةٍ على ارتكاب مثل هذه الأفعال. إذ تبيّن لنا، من خلال الشهادات التي قمنا بتوثيقها لنساءٍ تم اعتقالهنّ لدى الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية، أن حوالي 80% منهنّ تعرّضن للتهديد بالاغتصاب بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ، إضافةً إلى التحرّش الجنسيّ من خلال لمس أجساد المعتقلات والتلفظ بألفاظٍ جنسيةٍ بذيئةٍ بحقهنّ تتعلق بالعرض والشرف.

 

كما يستخدم العنف الجنسيّ في المعتقلات لانتزاع اعترافاتٍ حقيقيةٍ أو غير حقيقيةٍ من المحتجزات اللواتي ذكرت أغلبهنّ في شهاداتهنّ أنهنّ تعرّضن للتهديد بالاغتصاب في حال عدم الاعتراف.

ولا تقتصر الاعتداءات على مراكز الاحتجاز؛ فالقوّات الحكومية والميليشيات التابعة لها قامت، في العديد من المرّات، بالاعتداء جنسياً وبدنياً على فتياتٍ ونساءٍ خلال مداهمة المنازل أثناء اجتياح المناطق السكنية.

 

 

وهناك العديد من الانتهاكات التي تمّ توثيقها في مراكز الاعتقال، منها:

 

  • الاختفاء القسريّ.
  • الاعتداء الجنسيّ.
  • التعذيب بوسائل عديدةٍ جسديةٍ ونفسيةٍ، منها:
  • استعمال الصعقات الكهربائية لإجبار المحتجزات على الإدلاء باعترافاتٍ معينة.
  • إجبار النساء والفتيات المحتجزات على البقاء في أوضاعٍ مجهدةٍ وصعبةٍ للغاية.
  • استخدام القضبان والأسلاك والعصيّ المعدنية وكابلات الكهرباء في ضربهنّ وتعذيبهنّ.

 

رابعاً: الاختطاف وصفقات التبادل:

 

لقد ازدادت أعداد المعتقلات بشكلٍ كبيرٍ لدى قوّات الأمن التابعة للحكومة السورية خلال الأحداث الجارية، فبرزت ظاهرة عمليات الاختطاف وصفقات تبادل الأسرى التي نفّذتها قوّات المعارضة المسلحة مع النظام، كما في صفقة الراهبات الشهيرة.

 

وفي النتيجة هناك أمورٌ لا بدّ منها للحفاظ على حقوق المرأة والدفاع عنها:

 

  1. تفعيل ملفّ الانتهاكات التي تمارسها قوّات الحكومة السورية داخل المعتقلات، وذلك من قبل الجهات السياسية والاجتماعية من جمعيات ومؤسّسات المجتمع المدنيّ، وبالأخصّ المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان.
  2.  
  3. وضع آليةٍ وضوابط حقيقيةٍ لتطبيق اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW).
  4. مكافحة جرائم الاغتصاب والعنف الجنسيّ التي تتعرّض لها النساء.
  5. وضع حدٍّ لجرائم قتل النساء بداعي الشرف، والتي هي جرائم غير مبرّرةٍ في الواقع، وغالباً ما تكون المرأة فيها ضحية كلامٍ أو إشاعاتٍ تطلق من هنا أو هناك، وسنّ قوانين جديدةٍ تشدّد العقوبة على مرتكبي هذه الجريمة.
  6. إنشاء مراكز خاصّةٍ في دول الجوار لمعالجة وإعادة تأهيل النساء المعنّفات. تكون غير معلنةٍ، مراعاةً للعادات والثقافة الاجتماعية السائدة في المجتمع العربيّ.
  7. تحقيق قيم المساواة بين الرجل والمرأة في المجتمع.

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard