info@suwar-magazine.org

الجامعات السوريّة: ترتيبٌ متأخّرٌ عالمياً وشهاداتٌ مزوّرة

الجامعات السوريّة: ترتيبٌ متأخّرٌ عالمياً وشهاداتٌ مزوّرة
Whatsapp
Facebook Share

 

 

رنا خليل 

 

تزايدت المصاعب التي يعاني منها القطاع التعليميّ في سوريا في الآونة الأخيرة. فبالإضافة إلى رواسب تخلف المناهج، وطرائق التدريس التقليدية، وانخفاض كفاءة المدرّسين، ظهرت مشاكل نقص الكوادر وانخفاض المستوى التعليميّ في الجامعات، وتزوير الشهادات، وعمليات الغشّ التي باتت بلا نهاية.

 

 

تصنيف الجامعات السورية في الحضيض

 

أولى دلائل سوء الحال الذي لحق بالجامعات السورية هو تراجع ترتيبها عالمياً. فوفقاً لموقع "سايبرميتريك لاب"، وهو موقعٌ تابعٌ لمجمع وحدة الأبحاث الدولية، جاء تصنيف الجامعات السورية متأخراً عن ترتيبها في سنواتٍ سابقة. فقد حازت جامعة دمشق على المرتبة 4475 عالمياً، وجامعة البعث على المرتبة 5133، أما جامعة حلب فحلّت في المرتبة 6730، والجامعة الافتراضية السورية في المرتبة 7015، وتأخّرت الجامعات الخاصّة إلى مراتب أبعد من ذلك.

 

يذكر أن تصنيف الجامعات عالمياً يتمّ وفق معايير عدّة، أهمّها جودة التعليم، من خلال إنجازات خريجي الجامعات، وحصولهم على الجوائز العالمية ومنها نوبل، إضافةً إلى مستوى الهيئة التدريسية في هذه الجامعات، ونسبة الكادر التدريسيّ إلى عدد الطلاب، كما تُؤخذ الأبحاث العلمية التي تتمّ في هذه الجامعات بعين الاعتبار.

 

 

أما عن أسباب تراجع تصنيف الجامعات السورية، فيوضح أحد المدرّسين في كلية الطبّ في جامعة دمشق، الدكتور بشار: "أهمّ أسباب هذا التراجع هو النقص الذي حصل مؤخّراً في الكادر التدريسيّ للجامعات، بسبب هجرة أعدادٍ كبيرةٍ منهم إلى خارج البلاد، ما أدّى إلى نقص عددهم نسبةً إلى عدد الطلاب في الكليات، وإلغاء العديد من تخصّصات الدراسات العليا. كما تسبّب عدم تفرّغ الكوادر التدريسية للبحث العلميّ وكتابة الأبحاث إلى تراجع مستوى هذه الجامعات، رغم أن الأبحاث العلمية التي تُجرى في الجامعات السورية محدودةٌ منذ زمن. كما تؤثر ظروف الحياة اليومية على المستوى التعليميّ الذي تقدّمه الجامعة، فيؤدّي غياب الكهرباء والماء عن الجامعة إلى إلغاء العديد من الوسائل التعليمية التطبيقية في الكليات العلمية".

 

وفي سعيها لتدارك نقص عدد الأساتذة في معظم الجامعات السورية، لجأت إدارة هذه الجامعات إلى تكليف أساتذةٍ لتدريس مقرّراتٍ ليست من اختصاصهم، ما يُنقص من السوية العلمية المقدّمة للطالب.

 

أما عن نظام التدريس والامتحانات، ومدى تأثيره على مستوى التدريس، فيضيف الدكتور بشار: "بالرغم من أن الترفيعات الإدارية، والدورات الاستثنائية الصيفية التي مُنحت للطلاب مؤخراً، قد ساعدتهم على تجاوز صعوبات ظروف الحرب التي يعانونها، إلا أنها أسهمت في تراجع مستوى الامتحانات، وتراجع سمعة الجامعات السورية، وكفاءة عددٍ من الطلاب، ما أسهم أيضاً في تراجع مستوى الجامعة". يُذكر أن ثلاث دوراتٍ استثنائية، وثلاثة ترفيعاتٍ إدارية، قد مُنحت لطلاب الجامعات السورية خلال السنوات الثلاث الماضية.

 

 

جهودٌ ضائعةٌ وأوضاعٌ صعبة

 

وعن ما يجرى من أبحاثٍ، ومدى جدّيتها وإسهامها في رفع مستوى التعليم، توضح ميسون، إحدى طالبات الدراسات العليا في جامعة حلب، لمجلة "صور": "هناك العديد من الأبحاث والدراسات المهمّة التي تُجرى ضمن كليّاتنا، بالرغم من الإمكانيات المحدودة جداً، إلا أن بعض الطلاب الجدّيين في بحثهم يصلون إلى نتائج ودراساتٍ أكثر من جيدة. التقصير هو في قلّة الاهتمام الذي تلقاه هذه الأبحاث، فهي لا توثَّق أو تُنشر خارج مكتبة الكليّة نفسها. أظن أن علينا بذل جهودٍ أكبر لتوثيق هذه الأبحاث عبر شبكة الإنترنت، وفي المواقع العلمية السورية والعربية، لتحسين صورة جامعاتنا في الخارج".

 

 

يذكر أن الدراسة وتقديم الامتحانات لم تعد بالأمر اليسير في سوريا، إذ يعاني الطلاب ظروفاً حياتيةً صعبة، تبدأ بكثرة المصاريف الجامعية، وتراجع خدمات الكهرباء والماء، ولا تنتهي بصعوبة التنقل بين المدن السورية، للوصول إلى جامعاتهم وتقديم الامتحانات.

 

وعن تأثير هذه الظروف على عملية التعليم تحدّثنا غادة، إحدى الطالبات المتفوّقات في كلية الطبّ في حلب: "إيجاد مسكنٍ ملائمٍ هو أوّل ما نعاني منه مع بدء السنة الدراسية، بسبب غلاء الإيجارات، وعدم فتح المدينة الجامعية للطلاب نتيجة امتلائها بالنازحين. أدرس ما لا يقلّ عن ثلاث ساعاتٍ يومياً على ضوء الشموع، وأعيش لأيامٍ على إناء ماءٍ واحد، عدا عن الخطر وانعدام الأمان حتى داخل الجامعة".

 

وتضيف غادة: "الطريق من مدينتي إلى حلب طويلٌ جداً ومليءٌ بالمخاطر، لذا لا أستطيع زيارة عائلتي إلا مرّةً واحدةً في السنة. وقد أثّرت هذه الظروف على حالتي النفسية. أعتقد أننا، كطلابٍ جامعيين، نستحقّ العيش بشكلٍ أفضل".

 

شراء الشهادات المزوّرة لا يشتري علماً

 

ولعلّ مما زاد الطين بلّةً هو الانتشار الكبير لعمليات تزوير الشهادات الجامعية السورية، والتي تقوم بها مجموعاتٌ متعدّدةٌ من المزوّرين داخل وخارج البلاد.

وعن مدى وأسباب انتشار هذه الظاهرة يوضح علي، وهو اسمٌ مستعارٌ لأحد المزوّرين السابقين: "التزوير منتشرٌ اليوم بشكلٍ مخيف. إن تمّ كشف عشرة أشخاصٍ زوّروا شهاداتهم، فهناك مقابلهم عشرون آخرون لن يتمّ كشفهم. معظم زبائننا كانوا ممن تركوا سوريا ولم يكملوا تعليمهم الجامعيّ، وهم يبحثون عن فرصة عمل، والبعض عن منحةٍ دراسيةٍ في دولٍ أوربية".

 

 

ويضيف علي: "معظم الشهادات التي قمنا بتزويرها شهاداتٌ جامعية، كالحقوق واللغة العربية لمن لم يدخلوا الجامعة أصلاً، والهندسة والاقتصاد لمن لم يتخرّجوا بعد، إضافةً إلى تزوير جوازات سفرٍ وتأجيلات خدمة العلم لبعض الشبّان".

 

وعن جدوى عملية التزوير في الحصول على وظيفةٍ أو منحةٍ دراسيةٍ يقول علي: "معظم من يريد استعمال الشهادة المزوّرة في سورية يتمّ اكتشافه بعد حين. أما من يستعملها للحصول على وظيفةٍ خاصّةٍ خارج البلاد، ولا سيما في تركيا أو لبنان، فيصعب اكتشاف تزويره بسرعة".

 

ويكشف علي عن قيام بعض الشخصيات المعروفة بتزوير شهاداتها الجامعية: "لجأ إلينا عددٌ من الناشطين غير الشباب، الذين أرادوا أن يتحوّلوا إلى وجوهٍ سياسيةٍ معارضة، لنقوم بتزوير شهاداتٍ جامعيةٍ لهم، للتباهي بها ربما. كما قمنا بتزوير شهاداتٍ جامعيةٍ لأولاد وأقارب سياسيين معروفين في المعارضة والنظام، كي يستعملوها في منحٍ دراسيةٍ استطاعوا الحصول عليها في دولٍ أوربية".

 

تعدّ تكلفة تزوير الشهادات مرتفعةً جداً، وتقدّر بين 1500 و3000 دولارٍ أميركيّ. خالد أحد الطلاب السوريين الذين لجأوا إلى التزوير. ويروي قصته بالقول: "كنت طالباً في السنة الثالثة في كلية الهندسة الكهربائية، عندما اضطررت إلى السفر خارجاً خوفاً من اعتقالي إثر تقريرٍ أمنيّ. بقيت في تركيا سنةً كاملةً دون دراسةٍ أو عمل، حتى قرّرت أن أشتري شهادة تخرّجٍ مزوّرة. اقترضت المال وحصلت على الشهادة عن طريق أحد المزوّرين العاملين في دمشق، وبدأت أبحث عن عملٍ في تركيا ولبنان، إلا أنني لم أتجاوز مقابلات العمل، بسبب خبرتي ومعلوماتي غير المكتملة. فلجأت أخيراً إلى تعلم اللغة التركية، في محاولةٍ لإكمال دراستي هنا".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     
الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard