info@suwar-magazine.org

واقع تدريب النساء وبناء قدراتهن...

واقع تدريب النساء وبناء قدراتهن...
Whatsapp
Facebook Share

 

*ياسمين مرعي 

 

هل تسهم الورشات التدريبية فعلا في تمكين المرأة ؟
 
نشطت خلال العامين الماضيين حركة تأهيل وتدريب النّشطاء السّوريّين من قبل منظّمات عديدة سوريّة وأجنبيّة، تعمل على رفع سويّة الخبرات السّوريّة في المجالات الإعلاميّة، وقضايا السّلم الأهلّي وفضّ النّزاعات والعدالة الانتقاليّة، إضافة إلى برامج التّدريب الخاصّة بإعداد القيادات السّياسيّة، وقيادة العمليّات الانتخابيّة ومراقبتها.


وتشهد ورشات العمل حضوراً ملحوظاً للعنصر النّسائيّ، كما أنّ بعض البرامج تخصّص لتدريبهنّ،  وهو مؤشّر يمكن اعتباره إيجابيّاً فيما يتعلّق بمستقبل المرأة السّوريّة الّتي عانت خلال العقود الماضية تهميشاً وإقصاءاً عن الحياة السّياسيّة والاجتماعية وما تزال تعاني .


أين تنصبُّ الجهود وكيف تثمر ؟


أثبتت المرأة السّوريّة خلال الثّورة أنّ لديها طاقات كبيرة لم تتح الظّروف الاجتماعيّة ولا السّياسيّة السّائدة  لها إظهارها من قبل؛ فمنذ بدء الثّورة وهي تقوم بأدوار ومسؤوليّات لا تقلّ عمّا يقوم به الرّجال على صعيد الإغاثة والخدمات، وإن كانت لم تلعب دوراً كافياً بعد على المستوى السّياسيّ.


النّاشطة رزان شلب الشام ترى أنّ إعداد الكوادر النّسائيّة في الفترة الحاليّة يمهّد لدخول المرأة السّوريّة بقوّة مستقبلاً في مجال السّياسة، وتوعيتها على حقوقها الّتي حرمت منها طيلة عقود مضت، كما أنّ إعداد الكوادر السّياسيّة الّنسائية من أهم الخطوات اللي يجب التركيز عليها حاليّاً، فالنساء يمثّلن شريحة كبيرة في المجتمع السّوريّ، وتمكينهنّ سياسيّاً حقّ مشروع لهنّ لكي لايهمّشن  كغيرهنّ من نساء دول الرّبيع العربيّ.


 فيما ترى الدّكتورة  صبا الحكيم مسؤولة مكتب المرأة في المجلس الوطني السوري أنّ النساء السّوريّات بحاجة للتّأهيل، لأنّ المرأة السّورية همّشت لوقت طويل وكانت بعيدة عن المشاركة.
ولا يمكن إنكار فائدة التّدريب للنّساء الأعضاء في المجالس المحلّيّة، ولأنّ هذا التّواجد يشجّع المرأة السّوريّة على المشاركة وتكمن أهمية الورشات في تقوية معلوماتها وزيادة خبرتها، وهو حسب هبة الله، عضو المجلس المحلّي في دير الزّور يعلّمها التّخطيط الاستراتيجيّ.


وقد لا تتناسب كلّ الطّروحات الّتي تقدّمها برامج التّدريب مع الواقع السّوري، لكّنها حسب دلشا أيو (نائبة رئيس المجلس الوطنيّ الكرديّ سابقا) تسهم في إخراج السّوريّات من الأجواء التّقليديّة، لذا فعليهن مسايرة الواقع للوصول إلى اللّحظة التي يمكن فيها تطبيق هذه الأفكار في حال شعرن أنّهن بعيدات عن واقعهنّ الحاليّ، فـ"دور النّساء أساسيّ في المستقبل السّوريّ لأنّ السّلاح لا يمكن أن يحسم الأوضاع ويقدّم حلّاً على الأرض".


 هنالك قضيّة جديرة بالاهتمام فيما يتعلّق بتأهيل العنصر النّسائيّ وإدخاله تدريجيّاً إلى حيث يجب أن تسهم المرأة بما تملكه من خبرات، وهو العمل على تأهيل الرّجل الذّي أسهم في إقصائها نتيجة قلّة وعيه بإمكاناتها، وهذا ما يؤكّده المدرّب حسّان أيو بقوله: "أنا ضدّ تأهيل النّساء وحدهنّ .. يجب تأهيلهنّ مع الرّجال جنباً إلى جنب"، ويرى أنّ طرح قضايا الجندريّة وتعريف المرأة بحقوقها وبالاتفاقيات الخاصّة بها أجدى في المرحلة الحاليّة ممّا يتم تدريبهنّ عليه لكي يتمكنّ من فهم المساواة فهماً سليماً يمكنّهنّ من تبوّء أماكنهنّ الصحيحة في سوريا المستقبل.


 
المرأة السّورية وموقعها قبل وبعد الثّورة:


يرى البعض أنّ المرأة السّوريّة كانت تتمتّع بحيّز مشاركة في الحياة السّياسيّة والاجتماعيّة وإن اتسمت هذه المشاركة بالانتقائية في منح المرأة دورها في سوريا حسب إحدى لناشطات الحقوقيّات, ففي العموم كانت مساهمة ومشاركة قبل الثّورة؛ ولا أحد يستطيع أن ينكر وجود الوزيرة - وإن لم تكن وزارات سياديّة- ووجدنا القاضية ونائبة رئيس الجمهورية. وقياساً بالدّول العربيّة فالمرأة السّوريّة  مهمشة في المجتمعات الرّيفية فقط.


لكنّها تبدي قلقاً على دور المرأة بعد الثورة، لأنّ هناك عدة مؤشرات تنذر بتهميشها. وتقول: "لاحظي أنه بعد توسعتين في الائتلاف لدينا 7 نساء (فقط)، ولا ندري على أيّ أساس تمّ الاختيار فهناك العديد من إشارات الاستفهام حول كيفيّة التّرشّح والنّجاح وتوزيع المهامّ".
 
عن المدرّبين الأجانب وآليّة التّواصل بينهم وبين المشاركين في الورشات:


يعتمد عدد كبير من المنظّمات القائمة على برامج تديب وتأهيل النشطاء السّوريّين على مدرّبين أجانب، وهذه الظّاهرة تلقى استحسان البعض واستهجان الآخرين من المتدرّبين لاسيّما الّذين لا يتقنون الإنجليزيّة.


وتخلق الحاجة للمترجمين هوّة بين المدرّبين والمتدرّبين، كما أنّ اختلاف الثّقافة والتّجارب يولّد حالة من عدم القدرة على التّواصل بين بعض المتدرّبين وبين المدرّبين.
أحدى النّاشطات اللّواتي خضعن للتّدريب مع مدرّبين أجانب تقول: "ليس لدينا مدرّبين سوريين، وأنا أتمنّى أن يكون المدرّب دائماً عربيّاً أو يتكلّم اللّغة العربيّة، فعامل اللّغة أساسيّ في إيصال الفكرة، ونادرا ما تصلني الفكرة من المترجم فقد يضيع الكثير منها وربّما يوصلني انقطاع التّلقّي إلى الملل فأخرج عن الموضوع للتّفكير في أشياء أخرى، في حين يكون التّواصل  أفضل عندما يتكلّم المدرّب بالعربيّة".
هناك من يشير إلى عدم معرفة المدرّب الأجنبيّ بأوضاعنا بالشّكل الأمثل، فهو خارج واقعنا الّذي نأتي منه بالكثير من الانفعال، لنتلقّى (يأتون ) أمثلة يحاولون إسقاطها على واقعنا مع أنّها لا تشبه ظروفنا، وهذا يسبّب لنا  الكثير من العصبيّة.


البعض يرى في وجود المدرّبين الأجانب الكثير من المنفعة، دلشا أيو تقول :" يعطوننا فكرة عن شيء أنجز وليس من الضرورة ان نطبّقها بحذافيرها بعد فترة الحرب، إذ يمكن لنا ان نأخذ منها ما يشبه واقعنا، وأتمنى أن يتم انتقاء بعض المتدربين المتميزين ويتم العمل عليهم ليصبحوا مدربين". وتؤيدها رئيفة سميع عضو المجلس المحلّي في إدلب فيما يتعلّق بالرغبة في أن يكون المدرّبون سوريّين.


عن المتدرّبات ودورهنّ في بناء سوريا المستقبل:


 إحدى الناشطات الحقوقيات والتي تدربت في ورشة لإعداد القيادات السّياسيّة تقول: "غالبيّة الّلواتي يحضرن التّدريب يغادرن، ولا يجرين لقاءات مع الناس في الدّاخل، ربما بسبب الظروف في الداخل وغياب الكهرباء ووسائل الاتصال. وعليه فعمليّات التدريب التي تتم لا تأخذ حقها في الداخل من الانتشار، لكن الدورات شيء مؤثر جدا، ونقطة الماء تستطيع مع مرور الوقت أن تحدث أثراً في الصخر.
تضيف قائلة" أن فقدان الأمان في الداخل والخوف على الأبناء الذين نتركهم في الداخل ونأتي لحضور الورشة يحد من عملنا ربما على الأرض مع ذلك نحن لن نستسلم بل سنعمل على تثقيف المرأة وتوعيتها بدورها لأنها إن قررت العمل فستحقق المعجزات".


إيجابيّات التّدريب


تسهم ورشات العمل في خلق جو من التعارف وتبادل الخبرات والتجارب بين السوريات من مناطق مختلفة وتتيح بناء شبكات من العلاقات، كما تسمح بالاطلاع على الآخر وثقافته.


رئيفة سميع تقول: "التدريبات بالعام جيدة وتسلط الضوء على قضايا تكون غائبة عن أذهاننا، في ورشة عن العدالة الانتقالية تم لفت نظرنا إلى أهمية التوثيق وهذا موضوع كان غائبا عن ذهني،وأهم ايجابية للورشات هي التعارف بين الناشطات، فبغير هذه الأجواء ما كان لنا أن نلتقي، وتتكون بيننا مثل هذه العلاقات، وهذا سيفيدنا في المستقبل في خلق أدواتنا لأن العلاقات التي نشأت بيننا تشعبية وستساعد على بناء السلم الأهلي وأظن أن تجربتنا ستكون رائدة".


فيما تشير دلشا أيو إلى إيجابيات أخرى عندما تقول: "إننا وإن لم نتكلّم على انتماءاتنا المختلفة لكنها تثبتت في أذهاننا بسبب تعرّفنا على أشخاص من هذه المناطق. وقد صرت أفكر بالأشخاص بغض النظر عن الانتماءات الدينية والعرقية وصرت أتكلم عنهم لمعارفي، فضلاً عن أنّ هذه الورشات تعطيني خطة للعمل".


وتبقى عمليّات التّأهيل التي تخضع لها النساء السوريات تجربة جديدة بالنسبة لهن، لكنها تجربة كسرت الكثير من الحواجز التي كانت موجودة سابقاً في حياتهنّ، وفتحت لهنّ آفاقاً معرفية جديدة، وهي يوماً بعد يوم تؤكد على ان المرأة السورية لديها من الطاقات ما سيجعلها عنصراً فعالاً في بناء سوريا المستقبل.

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard