info@suwar-magazine.org

في شأن السجين السياسي و المعتقل السياسي

في شأن السجين السياسي و المعتقل السياسي
Whatsapp
Facebook Share

 

*مأمون جعبري

 

يدخل ثلاثة أشخاص إلى قاعة المحاضرات في كلية الهندسة الكهربائية ويطلبونني بالاسم فيوقف الدكتور المحاضر محاضرته ويعمّ الصّمت ..... أقف ثم أمضي سائرا للمجهول .


عند باب القاعة وضع كيس في رأسي، ويداي وراء ظهري مقيدتان بالكلبشات إيذاناً برحلة الفناء. بات الرقم بديلا عن اسمي، ولم يتسن لي حيازة شرف أن أكون معتقلاً سياسياً بالمعنى المتعارف عليه لأنني غيبت قسرياً، ففي القوانين العالمية، ومنها القانون السوري المغدور هنالك ما ينص على عدم جواز احتجاز حرية إنسان دون مذكرة تصدر عن جهةٍ قضائية، ويترتب على ذلك جملة من الحقوق التي تفرضها المواثيق التي توقع عليها الدول كشرط لاحتجاز حرية إنسان اياً كانت تهمته.


أما إذا كنت سجيناً سياسياً – حسب المواثيق والشرعة الدولية - ستنال حقوقاً أكثر وشروط احتجاز مثالية ومعرفتي بكل هذا لم تكن لتغنيني عن اتخاذ قرار المحافظة على حياتي أيام الاعتقال في ظروف تتنافى مع أبسط مقومات الحياة و الإنسانية.


 بالعودة الى المفهوم نجد أن السجين السياسي هو من صدرت بحقه مذكرة اعتقال صادرة عن جهة قضائية، ومهمة الأجهزة الأمنية التي تعتبر جهة تنفيذية هي تنفيذ الأمر القضائي وتوجيه التهمة السياسية بناءً على اعتناق المتهم فكراً سياسياً يؤدي - في ممارسته- إلى تهديد كيان الدولة، ويصدر الحكم عليه بناءً على مواد قانونية تجرّمه بعد محاكمة أصولية تراعى فيها جميع الحقوق المنصوص عليها في شرعة حقوق الإنسان،  تنص القوانين السورية على ذلك أيضا بيد أن الجهات التنفيذية في الدول الدكتاتورية تتجاوز كل السلطات القضائية والدساتير والقوانين التشريعية وبالتالي يتحول "السجين السياسي" الى "معتقل سياسي" أو "مغيب قسرياً".


 فهل من المعقول أن تغفل الإضافات على معاهدات وقوانين حقوق الانسان مفهوم المعتقل أو المغيب قسريا؟


 مؤخرا أصبح ملف المعتقلين السياسيين والمغيبين قسرياً من أهم الملفات الحقوقية الضاغطة على السلطة السورية وخاصة أن عدد المعتقلين السياسيين تجاوز عشرات الآلاف، وقبل قيام الثورة حاولت السلطة السورية إغلاق الملف عن طريق تحويل المعتقلين الى سجناء سياسيين من خلال محاكم صورية (محكمة أمن الدولة) وإعداد لوائح تهم وأحكام جاهزة تجد لها ما يدعمها في الدستور السوري وتستطيع من خلالها تجريمهم فعلاً عبر إجراء محاكمات صورية لجزء من المعتقلين تحت مفهوم النشاط السياسي، وصدرت مجموعة من الأحكام تراوحت من سنتين وصولاً الى 20 سنة مع التجريد من الحقوق التي يتمتع بها المواطن السوري، مع الإشارة إلى أن هذه المحاكم لم يعترف بها عالمياً لافتقارها تماماً الى أصول المحاكمات.


كما أن الاعتراف بالمحتجز كسجين من أي نوع كان وتحديدا فئة "السجين السياسي" يترتب عليه مجموعة من الحقوق التي يجب أن تراعى طيلة فترة السجن، والجهة التي تمنعه عن هذه الحقوق تصبح مخالفة للدساتير العالمية وتجرّم على مخالفتها، لأن الالتزام بهذه الحقوق يفرض شرعاً على أي جهة كي يصبح معترف عليه دولياً الحدود الأساسية للتعامل الانساني وتمنع الانزلاقات إلى سلوكيات تشابه تلك المتبعة من في ظل الأنظمة الدكتاتورية .


 الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري:


اعتمدت ونشرت على الملأ وفتحت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61/177 المؤرخ في 20 كانون الأول/ديسمبر 2006


المادة 17        

يتعين على كل دولة طرف، في إطار تشريعاتها، القيام بما يلي:
1 - تحديد الشروط التي تجيز إصدار أوامر الحرمان من الحرية.
2 - تعيين السلطات المؤهلة لإصدار أوامر الحرمان من الحرية.
3 - ضمان عدم إيداع الشخص الذي يحرم من حريته إلا في مكان معترف به رسميا وخاضع للمراقبة.
4 - ضمان حصول كل شخص يحرم من حريته على إذن للاتصال بأسرته أو محاميه أو أي شخص آخر يختاره، وتلقي زيارتهم، رهناً فقط بمراعاة الشروط المنصوص عليها في القانون، وضمان حصول الأجنبي على إذن للاتصال بالسلطات القنصلية لدى بلده وفقا للقانون الدولي الواجب التطبيق.
5 - ضمان سبل وصول كل سلطة ومؤسسة مختصة ومؤهلة بموجب القانون إلى أماكن الاحتجاز، وذلك عند الضرورة، بإذن مسبق من سلطة قضائية.
6 - ضمان حق كل شخص يحرم من حريته، وفي حالة الاشتباه في وقوع اختفاء قسري، حيث يصبح الشخص المحروم من حريته غير قادر على ممارسة هذا الحق بنفسه، حق كل شخص لـه مصلحة مشروعة كأقارب الشخص المحروم من حريته أو ممثليهم أو محاميهم، في جميع الظروف، في الطعن أمام محكمة تبت في أقرب وقت في مشروعية حرمانه من حريته وتأمر بإطلاق سراحه إذا تبين أن حرمانه من حريته غير مشروع.

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard