info@suwar-magazine.org

استبيان حول آفاق الحل السلمي في سوريا

استبيان حول آفاق الحل السلمي في سوريا
Whatsapp
Facebook Share

 

*كمال أوسكان 

 

يعتبر مؤتمر جنيف2 للسلام في سوريا حدثاً استثنائياً  في تاريخ الأزمة السورية التي انفجرت منذ 3 سنوات، حيث يجلس فيها أطراف الصراع لأول مرة مع بعضهم على طاولة المفاوضات بشكل مباشر، بهدف إيجاد حل سياسي ينهي حالة الحرب المستعرة في سوريا والتي اخذت طابع النزاع الأهلي المتعدد الأوجه والمسارات.

 

مؤتمر جنيف2 الذي تم التحضير له منذ شهور من قبل الأطراف الإقليمية والدولية على أنه المخرج الوحيد للأزمة السورية قوبل بمواقف متضاربة من الأطراف السياسية والعسكرية في سوريا حول مساءلة الحضور والمقاطعة، والتي  تراوحت بين تشجع للحضور والتفاوض المباشر من دون شروط أو الحضور بشروط مسبقة أو مقاطعة المؤتمر بشكل كامل لعدم الرغبة بالحلول السياسية والانحياز لخيارات الحسم العسكري.

 

هذه المواقف المتضاربة لأطراف الصراع تجاه المفاوضات ومؤتمر جنيف2 انطلقت من نقطة واحدة وهي أن كل طرف يعتبر نفسه الجهة الوحيدة المخولة بالتحدث باسم الشعب السوري وأنه الجهة الوحيدة التي تمتلك الشرعية، من دون الاستناد على أسس قانونية لهذه الشرعية أو أي معرفة علمية برأي الشارع السوري المنهك من دوامة الصراع المدمر الذي يعصف بالبلاد منذ أن تحول الحراك السلمي إلى الصراع المسلح.


أجرى مركز المجتمع المدني والديمقراطية في سوريا استبياناًحول مفاوضات السلام في سوريا لمعرفة آراء السوريين حول رؤيتهم لحل وإنهاء الأزمة الحاصلة.

وإيصال أصوات المغيبين إلى صناع القرار ومحاولة دفعهم وحثهم بشكل جدي لإيجاد حلول تنهي الأزمة السورية.أظهرت نتائج الاستبيان قناعات وآراء المشاركين السوريين في القضية السورية ومآلاتها وآفاق الحلول المتاحة والمطلوبة بالمفاوضات التي تجري في جنيف، وما يمكن أن تفضي إليه من اتفاقيات لإنهاء العنف المسلح في سوريا.


تناول هذا الاستبيان أهم القضايا التي يمكن أن تطرح على طاولة المفاوضات، وعدداً من مطالب السوريين، وإمكانية إنجازها، خاصة أن المسألة السورية خرجت من أيدي السوريين وأصبحت رهينة بأيادي أطراف دولية وإقليمية.

 

أحد المشكلات أن كل طرف في المفاوضات يعتبر نفسه الجهة الوحيد المخولة بالتحدث باسم الشعب وأنه الجهة التي تملك الشرعية، من دون الاستناد على أسس قانونية لهذه الشرعية أو أي معرفة علمية برأي الشارع السوري المنهك من دوامة الصراع المدمر

 

  تأييد المفاوضات وعدم القناعة بجدية الأطراف


تضمن الاستبيان ١٨ سؤالاً يتعلق بأفضل الحلول المتاحة لإنهاء الأزمة في سوريا، بالإضافة إلى عدة قضايا تهم الشارع السوري.

وقد تم الاعتماد في منهجية العمل على استهداف أشخاص محددين على شبكات التواصل الاجتماعي، كما تم الاعتماد على مكاتب المركز في داخل سوريا الموزعة بين ٩ محافظات في اللقاء مع المدنيين والعاملين في الشأن السوري على مختلف نشاطاتهم حيث شارك  في الإجابة على الاستبيان 1037 شخصاً من السوريين، توزعوا داخل سوريا وخارجها.

 

 هل تؤيد بدء مفاوضات سلام في سوريا؟

 

وجاءت النتائج بتأييد أغلبية المستهدفين لبدء المفاوضات في سوريا بنسبة 87% مقابل نسبة قليلة 13% رفضوا انطلاق أي حوار بين المتصارعين، مع تأييد وجود شروط مسبقة للبدء بالتفاوض بنسبة 63% في مقابل 36% لا تود وجود مثل تلك الشروط، كما لوحظ جنوح الإناث إلى بدء التفاوض وإيقاف القتال أكثر من الذكور.


تطرق الاستبيان أيضاً إلى معرفة آراء المشاركين حول جدية أطراف الصراع في إنهاء القتال، وقد أظهرت النتائج أن 57% لا يعتقدون بوجود إرادة جدية لدى الأطراف، في حين أن نسبة المتفائلين بوجود هذه الإرادة بالنسبة للمتصارعين  ضئيلة جداً، وقد رؤوا أن أطراف الصراع تتبع لأجندات تخدم مصالح قوى إقليمية ودولية، وهو الأمر الذي يمنع وجود إرادة حقيقية في إنهاء الصراع في سوريا ما لم تقبل هذه القوى بإنهائه، بينما وجدت نسبة قليلة أن المجتمع الدولي له مصلحة في صناعة السلام في سوريا، انطلاقاً من مصالحها ورغبة في خلق شرق أوسط مستقر، كما أن المجتمع المدني لديه مخاوف من انتشار التنظيمات المتطرفة في المنطقة والذي قد يهدد السلام العالمي واستقرار المنطقة.

 

ما هو المطلوب تحقيقه في المفاوضات؟

 

أطراف الصراع في سوريا أمام استحقاقات كبيرة على طاولة المفاوضات، والرهان اليوم هو إلى أي درجة يمكن للمتصارعين إنجاز المطلوب منهم في المفاوضات حتى يتمكنوا من تحقيق مطالب السوريين في وقف دوامة العنف واراقة الدماء، وقد جاءت في مقدمة الأولويات المطلوب تحقيقها في جنيف: التوصل إلى وقف دائم للعنف المسلح بكافة أشكاله كحد أدنى وفق آراء بنسبة 83% من السوريين الذين تم استهدافهم وفي الدرجة الثانية  يرى 68% ضرورة تكثيف وتيرة الإفراج عن الأشخاص المحتجزين تعسفياً وتوسيع نطاقه والسماح لجميع المنظمات الإنسانية بشكل فوري وبصورة كاملة الوصول إلى جميع المناطق المتأثرة بالقتال. بالإضافة إلى الإعداد لانتخابات حرة ونزيهة وتعددية، وإجراؤها لشَغل المؤسسات والهيئات الجديدة المنشأة وذلك وفق ما يراه 62% من السوريين المشاركين في الاستبيان.

 

وعن الدور الذي يجب أن يلعبه المجتمع الدولي لإنجاح المفاوضات تنوعت إجابات السوريين وتراوحت بين دفع أطراف الصراع إلى الجلوس على طاولات المفاوضات والضغط الدبلوماسي عليهم لوقف القتال، وفرض منطقة حظر طيران، والالتزام بعدم إرسال أسلحة إلى طرفي الصراع.

 

 التخوف والخشية من وقوع كارثة إنسانية وتزايد حجم التطرف الذي يجتاح البلاد، نتيجة الأوضاع والصراع الدائر ، هو أكثر ما يقلق السوريين

خطوات بناء الثقة بين الأطراف المتصارعة ؟


رأى 76% من المشاركين في  هذا الاستبيان ضرورة تطبيق مجموعة من الخطوات لإعادة الثقة بين الأطراف المتصارعة من أجل  استمرار المفاوضات بفعالية، وذلك من خلال إطلاق سراح المعتقلين، وفك الحصار عن المدن والمناطق المحاصرة، وتوقف القتال، بالإضافة إلى مجموعة من الخطوات الأخرى التي من شأنها المساهمة في فعالية المفاوضات كالسماح بدخول المساعدات الإنسانية وعودة النازحين واللاجئين إلى بيوتهم.


الحلول التي يفضلها السوريين لحل الأزمة في بلادهم

 

وعن الحلول التي يفضلها السوريين والتي قد يتم التوصل إليها عن طريق المفاوضات للخروج من هذه الأزمة بينت الدراسة أن نسبة كبيرة من السوريين يفضلون إجراء انتخابات حرة وديمقراطية بنسبة 73% بينما يفضل نسبة 26% استلام المعارضة الحكم في حين يرغب البعض تقاسم السلطة بين النظام والمعارضة، كما أظهر  الاستبيان أن نسبة 6% من السوريين يفضلون تقسيم سوريا كحل لوقف إراقة الدماء. وفي حال لم تفضي المفاوضات إلى أي حلول وفشلت في الوصول إلى السلام في سوريا كان خيار تأييد التدخل العسكري الخارجي  بنسبة 55% في حين رفض 44% من السوريين هذا النوع من التدخل وكانت النساء أكثر رفضاً لهذا التدخل من الرجال.


العسكر والوجهاء يجب أن يكونوا جزءاً من المفاوضات


مع تعدد الجهات والأطراف المشاركة في الصراع السوري وتعدد الفاعلين على الأرض، ترى شريحة واسعة من السوريين أن نجاح المفاوضات مرهون بحضور بعض الأطراف فيها، حيث يرى 70% أن وجود العسكرين من كلا طرفي الصراع على طاولة المفاوضات أمر ضروري ومن غيرهم سيكون مصير المفاوضات الفشل، كما أن وجود وجهاء أو قادة المجتمع المحلي في عملية السلام ضروري، حيث أظهر الاستبيان أن نسبة 73% من المشاركين يؤيدون حضور الوجهاء والقادة المحليين لإنجاح المفاوضات، إلى جانب التركيز على الأدوار التي يجب أن تلعبها منظمات المجتمع المدني السوري في عملية السلام في حال حدوثه حيث يرى 47% من السوريين أن منظمات المجتمع المدني يمكن لها ممارسة نوع من الضغط على أطراف الصراع من أجل إقناعهم بالتفاوض في حين يرى 38% أن على هذه المنظمات أن تشارك في المفاوضات كطرف ثالث مستقل.


مصير سوريا في حال استمرار القتال


فيما يخص توقعات المشاركين السوريين في حال استمرار القتال الدائر في سوريا منذ ما يزيد على سنتين ونصف، كانت نسبة 70% من أجاباتهم بأن استمرار القتال يهدد وحدة البلاد وقد يؤدي إلى تقسيمها،  وأكثر هذه الإجابات جاءت من محافظتي إدلب وحلب، حيث ترى نسبة 25% من المشاركين في محافظة حلب أن استمرار القتال سيؤدي حتماً إلى تقسيم البلاد في حين أن النسبة ذاتها يرى عكس ذلك في محافظة إدلب.


القلق من كارثة أنسانية وازدياد التطرف في البلاد


أكثر ما يقلق السوريين في الصراع الحالي وفق الاستبيان هو الوضع الإنساني المتدهور، حيث أظهر البحث أن 77% من السوريين لديهم تخوف وخشية من وقوع كارثة إنسانية نتيجة الأوضاع والصراع الدائر في بلادهم، كما لم يغب عنهم تزايد حجم التطرف الذي يجتاح البلاد حيث أن نسبة 58% منهم يرون أن التطرف هو أكثر ما يهدد وضع البلاد، في حين يرى 53% أن مصير المعتقلين والانتهاكات التي ترتكب من جميع الأطراف هي أكثر ما يخشى منه السوريين إلى جانب هواجسهم من  تقسيم البلاد إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.



كيف ينظرون إلى مستقبل بلادهم

 

في ما يتعلق بمستقبل سوريا وأولويات المواطنين، أظهرت الدراسة أن 68% من المشاركين يطلبون توفير السلام والأمن والاستقرار في سوريا المستقبل بغض النظر عن من سيحكم أو كيف سيكون شكل الحكم،  بينما رأى 36% منهم أن المساواة للجميع بدون تمييز على أساس عرقي أو ديني أو لغوي أو طائفي أو جنسي يجب أن يكون متضمناً في دستور الدولة، في حين أن سيادة القانون ومساءلة مرتكبي الانتهاكات جاءت في المرتبة الثالثة بالنسبة للسوريين ضمن ترتب أولوياتهم بشأن مستقبل سوريا.

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard