info@suwar-magazine.org

عن المرأة والحرب فيلم حجر الصبر The Patience Stone

عن المرأة والحرب فيلم حجر الصبر The Patience Stone
Whatsapp
Facebook Share

 
لو باحت شهرزاد بكلّ ما في جعبتها لما بقي لشهريار عبيدٌ يعبدونه

 

 

عمار عكاش

 

أولئك الذين لا يجيدون ممارسة الحب، يمارسون الحرب، عبارة تأتي على لسان بطلة الفيلم تلخص مضمونه، بطلة الفيلم وتؤدي دورها الممثلة الإيرانية Golshifteh Farahani. يقدم الفيلم حكاية امرأة أفغانية ترعى زوجها المريض المقاتل الذي دخل جسده في غيبوبة نتيجة طلق ناري في العنق، فتبدأ بسرد حكايتها وأسرارها وقد حظيت للمرة الأولى بحرية الكلام، لا يُذكَر اسم أفغانستان صراحةً طيلة الفيلم ولا يُذكَر اسم البطلة أو اسم وزوجها، فينفتح المكان على احتمالات متعدّدة من مجتمعات أبوية مشابهة مزّقتها الحروب، ويتكّئ النص السينمائي على رمزيّة حضور شهرزاد في التراث العالمي كصوت لأنثى مغيّبة إن انطلق امتلك طاقاتٍ غير محدودة. كما يعتمد على أسطورة حجر الصبر الأفغانية، وتقول أن حجر الصبر جوهرة تمتصّ هموم من يثقون بها حتى تمتلئ بحكاياتهم وتنفجر.

 

تبدأ الزوجة بدايةً بالتضرع للرب لينقذ زوجهاجلادها في صورة يمكن أن تُعمّم على الشعوب حين تخشى الحرية وقد اعتادت جلادها-أبوها وربها الأرضي، وتتكرر زيارات الملّا ( الشيخ) كي يتلو دعاءه بشفاء الزوج، فالغيب بديل عن حياة مسلوبة، وهو سلطة ذكورية أيضاً، وتعود الذاكرة بالزوجة إلى الطفولة حيث ترعرعت في كنف أبٍ قاسٍ يحبّ طيوره - التي يراهن بها في المصارعة- أكثر من زوجته وبناته، ولا يتورّع عن تزويج إحدى بناته لرجلٍ مسنّ لسدّ رهانٍ خسره، ومن ثمّ يزوِّج بطلة الفيلم من مقاتل على خطوط الجبهة، ولا يحضر العريس عرسه وتحل محلّه صورته وخنجره في مشهد يحمل شيئاً من السوريالية، وحين تكتشف الزوجة لاحقاً أن زوجها عقيم تضطر ان تلجأ إلى عمّتها المومس التي تدبّر لها لقاءات مع رجال معصوبي الأعين كي تنجب وتتجنب زواج زوجها بأخرى

 

في خضمّ سردها حكاياتها على زوجها تبدأ بمبداعبة جسده وأعضائه للمرة الأولى، ويصبح أداتها بعد أن اعتادت أن تكون موضوعاً لرغباته، وبعد هذا السرد التطهُّري ينطلق جسدها،

فتدخل في علاقة جنسيّة تكون فيها القائدة مع شاب من ميليشيا جُنِّد في طفولته يعاني من حبس لفظي ويتعرض للتعذيب على يد قائده، يكون اللقاء لقاءَ ضحيّتينِ مقهورتين تستردّان شيئاً من كرامتهما المهدورة، وتستعيدان زمام جسديهما ومسالك الرغبة.

 

عموماً يلجأ المخرج Atiq Rahimi ( الفيلم مـأخوذ عن رواية من تأليفه) إلى الاعتدال Minimalism فيستخدم من الأمكنة والأشياء اقلّها، كستارة البيت المطرّزة بصور العصافير، وتغيّر الظل والإضاءة مع تغير وقت النهار، ولا يمرّ طيلة الفيلم سوى مشهد انتقامي واحد يختصر فظاعات الحرب.

 

 يحمل الفلم الشيء الكثير من ملامح المونودراما، فصوت البطلة هو المهيمِن، لكن مع ذلك لا نقع في الملل بدايةً من خلال أسلوب التشويق الذي يعتمد المكاشفة، وأيضاً من خلال الأداء الساحر للممثلةGolshifteh Farahani، فصوتها يأتي شاعرياً مقنعاً آسراً، مع اعتماد كبير على لقطات الزوم لعيني البطلة ووجهها، فمن خلال نظرات العينين المحمّلة بمشاعر الفرح والحزن والحيرة والخوف .... ثمة آلاف من الكلمات تُقَال.

 

ينتهي الفيلم بمشهد معبّر الزوج (وهو حجر الصبر) بعد أن يتشرّب حكايا زوجته ينفجر وينهض لينتقم منها، فتطعنه الزوجة ويخنقها ويموتان سويّةً، وتتجه الكاميرا إلى وجهها الباسم، لقد استردّت شهرزاد مكانتها واستعادت نفسها فرحلت منتصرة أخيرة، وكأننا نسمع أصداء الشاعر النسوية الأمريكية وهي تقول:

 

ماذا سيحدث لو أن المرأة سردت حقيقة حياتها؟ سيتزعزع العالم، فلو ان شهرزاد باحت بكلّ ما في جعبتها لما بقي لشهريار عبيدٌ يعبدونه.

 

 

 

مشاهد من الفيلم ؛


الترجمة غير متوفرة

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard