ما هو الخط الأحمر؟

نارت عبد الكريم

 إنَّ لكلِّ لعبةٍ قواعدها، التي تحدد ما هو مسموح وما هو ممنوع، كما الشطرنج على سبيل المثال، التي لها قواعد ونُظم معلنة ومعروفة للجميع، على عكس السياسة، التي هي أيضاً بدورها مجرد لعبة، ولكن غالباً ما يكون لها قواعد غير معلنة وغير معروفة للجميع، إلاَّ لمن أسسها ووضع قواعدها. فما هي قواعد اللعبة في الشرق الأوسط؟ ومتى تأسستْ؟ وما هو المسموح فيها وما الممنوع؟.

هذا الشرق الذي بدأتْ القوى العظمى بإعادة تشكليه منذ مائتي عام ونيف على الأقل، أي مذْ ظهرَ الى الوجود ما أُطلِقَ عليه اصطلاحاً بالمسألة الشرقية المتعلقة بكيفية توزيع تركة الرجل المريض.

فقد بدأَ الحديث عن هذه المسألة في  العام 1774 بعد هزيمة العثمانيين في حربهم مع الروس. إذْ سادَ الاعتقاد أنَّ انحلال الدولة العثمانية بات وشيكاً، فانخرطت القوى الأوروبية في صراع على السلطة لضمان مصالحها العسكرية والاستراتيجية والتجارية في أراضي الدولة العثمانية الواسعة.

ومنذ ذلك الوقت تشير معظم الدلائل والوقائع التاريخية الى وجود خط أحمر لا تسمح قواعد تلك اللعبة بالاقتراب منه أو تجاوزه. فما هو هذا الخط الأحمر؟ وما الذي يعنيه هذا الصمت الطويل على جرائم الأسد الأب والأبن والمماطلة بإجراءات المحكمة الدولية المتعلقة باغتيال الحريري، على سبيل المثال، ودعم العسكر في مصر وصفقات الأسلحة التي تنهال على المنطقة من كل حدبٍ وصوب؟.

هل هو حصول تحوُّلٍ في مجتمعات المنطقة ينقلها من حالة ما قبل مدنية، تحكمها قيم العشيرة والطائفة، الى حالة متطورة ومتقدمة، وبعبارة أخرى هل الممنوع هو نشوء أمم حديثة وكل ما عدا ذلك مسموح؟ ثمَّ أليست الثورات قاطرات التاريخ، على حد تعبير كارل ماركس، وبالتالي فإنَّ نجاح ثورات الربيع العربي، على سبيل المثال، قد يعني فيما يعنيه ظهور أمم حديثة وقوية، وبالمحصلة، وبعد كل هذا وذاك، أليست الديمقراطية هي الخط الأحمر؟.