info@suwar-magazine.org

الامتحانات في سوريا.. مستقبل الطلاب وسط الفوضى وتخبّط القرارات

الامتحانات في سوريا.. مستقبل الطلاب وسط الفوضى وتخبّط القرارات
Whatsapp
Facebook Share

وسط تخبّطٍ مؤسّساتيٍّ، الإعلان عن امتحانٍ معياريٍّ لطلاب الثانوية العامّة في تركيا

 

(1)

 

سامي الحلبي

 

أعلنت وزارة التربية التركية، في بداية شهر حزيران، عن قرارٍ يُلزم الطلاب السوريين والعراقيين بالتقدّم لامتحانٍ معياريٍّ للطلاب الراغبين في تقديم امتحان الشهادة الثانوية وفق المنهاج السوريّ المعدّل أو الليبيّ أو العراقيّ، إضافةً إلى الطلاب الراغبين في تعديل شهاداتهم لدى وزارة التربية التركية من أجل الدراسة في الجامعات التركية.

 

ونقلت وزارة التربية في الحكومة السورية المؤقتة، على موقعها الإلكتروني، أنّ وزارة التربية التركية اشترطت أن يكون المتقدّم من مواليد 1998 وما دون، وأن يمتلك بطاقة "الكملك". وقالت الحكومة إن الامتحان مكوّنٌ من 160 سؤالاً خلال مدّة 180 دقيقةً.

 

 

وأعطت الوزارة التركية مهلة أسبوعٍ لجميع المدارس السورية لتسليم أسماء الطلاب الراغبين في التقدّم للامتحان. وأعلنت وزارة التربية، والهيئة السورية للتربية والتعليم (هيئة علم)، أن التسجيل يبدأ في الثالث من حزيران وينتهي في العاشر منه، على أن تسلّم البطاقات الامتحانية في الخامس عشر من الشهر الجاري. وحدّدت موعد الامتحان في السابع والعشرين من حزيران.

 

لقي القرار موجة احتجاجٍ وغضبٍ في صفوف الأهالي، وخصوصاً أن موعد الامتحان المعياريّ بعد أيامٍ قليلةٍ، وجاء بشكلٍ مفاجئٍ، إضافةً إلى عدم وجود معلوماتٍ دقيقةٍ حول طبيعته وأسبابه.

 

 

إذ ذكرت وزارة التربية في الحكومة المؤقتة أن المنهاج السوريّ المعدّل هو المعتمد في الامتحان، في حين قالت هيئة علم إن القرار بيد وزارة التربية التركية، التي ستراعي أوضاع الطلاب السوريين، وإن الامتحان سيشمل المنهاج السوريّ المعدّل والمنهاج الليبيّ والعراقيّ، وإنه امتحانٌ عامٌّ يتضمّن معلوماتٍ عامةً وثقافيةً.

 

السيدة هالة، وهي أمٌّ لطالبةٍ في الثانوية العامة الفرع الأدبيّ، تقول لـ"صوَر": "ما هذه القرارات المفاجئة؟! يجبرون ابنتي على تقديم امتحانٍ معياريٍّ، ولا يبلغونا بذلك إلا قبل أسبوعين من موعده! علماً أن ابنتي قدّمت الامتحان في دركوش وفق المنهاج السوريّ المعدّل".

 

 

وتتساءل عبر المجلة: "ألا تستطيع الحكومة المؤقتة ومؤسّساتها الاعتراض عند الحكومة التركية على مثل هذه القرارات؟".

والتقت "صوَر" بأحمد (18 عاماً) في مدينة مرسين، فقال: "تقدّمتُ لامتحان الثانوية العامة وفق المنهاج الليبيّ. ولستُ متأكداً من أنني سأحصل على شهادتي، التي تصدر من ليبيا، بسبب تردّي الأوضاع الأمنية هناك".

 

ويضيف لـ"صوَر": "ألا يكفينا سوء أوضاعنا المعاشية، وسوء المدارس، حتى تطلّ وزارتا التربية في الحكومتين السورية المؤقتة والتركية، لتضعانا في موقفٍ قد يؤدّي إلى ضياع مستقبلنا الدراسيّ في الجامعة العام القادم؟".

 

 

حاولنا الاتصال بالحكومة المؤقتة دون أية نتيجةٍ، فلجأنا إلى سؤال بعض المعلمين العاملين في المدارس السورية في تركيا.

يقول الأستاذ عثمان، في ولاية شانلي أورفا، للمجلة: "أعلمتنا الحكومة التركية بالقرار منذ أسبوعٍ، وأبلغتنا أنها سوف تراعي المناهج الثلاثة الليبيّ والسوريّ المعدّل والعراقيّ، وأنها سوف توزّع نماذج متنوّعةً من الأسئلة لتلائم مستويات الطلاب".

 

ويضيف: "ليس هناك شيءٌ مؤكّدٌ، ولا أملك إجابةً دقيقةً، فهذا ما وصل إلينا. مع ملاحظة الاختلاف الكبير بين المنهاجين السوريّ والعراقيّ؛ فالتدريس في العراق باللغة الإنكليزية، وفي سوريا بالعربية".

 

ويُذكر أن حاملي الشهادات الثانوية الصادرة عن وزارة التربية في حكومة النظام لا يحتاجون إلى تعديل شهاداتهم، كما أكّد الكثير من الطلاب السوريين لمجلة "صوَر".

إذ يقول خالد (18 عاماً)، القادم من دمشق للدراسة في أنقرة، والحاصل على شهادة الثانوية العامة الفرع العلميّ من حكومة النظام: "تقدّمت بجميع الأوراق والثبوتيات إلى الجامعة، ولم يطلبوا أيّ شيءٍ بهذا الخصوص. وأنا الآن بانتظار نتائج القبول".

 

وتحذّر المعلمة هناء، المهتمّة بشؤون الطلاب السوريين في تركيا، من خطورة الوضع، قائلةً: "قبل الثورة كان امتحان الثانوية العامة امتحاناً مفصلياً في حياة الطالب، الذي يعيش وأهله حالة قلقٍ وتوترٍ منه، فكيف الآن وهم في حالة لجوءٍ، مع تخبّطٍ في قرارات الحكومة التركية والهيئات السورية القائمة على التعليم؟!".

 

 

وتضيف: "أخشى أن يؤدّي هذا التخبّط إلى سحب الاعتراف من الشهادات السورية الصادرة في تركيا، ما يحرم مئات الطلاب من الدراسة الجامعية".

***

 

(2)

 

حالات الغشّ والخوف والضياع تسيطر على الأجواء الامتحانية في سوريا

 

محمد همام زيادة

 

فتحت دائرة الامتحانات للشهادة الثانوية أبوابها في المناطق السورية الواقعة تحت سيطرة النظام. وأعلنت وزارة التربية أن عدد المتقدّمين وصل إلى حوالي 231 ألف طالبٍ، تمّ توزيعهم على قرابة 1892 مركزاً امتحانياً في جميع أنحاء سوريا، حسب ما ذكر الموقع الرسميّ للوزارة. وتجري الامتحانات الأخيرة في ظلّ أوضاعٍ أمنيةٍ ومعيشيةٍ في غاية الصعوبة والتعقيد.

 

تتحدّث السيدة فاطمة، وهي تعيش في الأحياء الغربيّة التي تسيطر عليها قوّات النظام في حلب، عن الظروف التي تجري خلالها هذه الامتحانات، فتقول: "تزورنا الكهرباء الحكومية صدفةً، في أيام الحظّ تأتي لمدّة ساعتين. لو أن دراسة ابنتي تقتصر على ساعات توافر الكهرباء لرسَبَتْ بالتأكيد. عدا عن أن تكلفة الكهرباء الخاصّة، التي يتمّ توليدها من مولدات الأمبيرات، كبيرةٌ جداً ولا يمكننا تحملها. اعتادت ابنتي على الدراسة على ضوء الشاحن. واضطرّت، مؤخراً، إلى استخدام النظارة الطبية بسبب ذلك".

 

وتضيف: "يحتاج طالب الشهادة الثانوية إلى ظروفٍ شبه مثاليةٍ حتى يستطيع التركيز والدراسة في سوريا. فكيف سيستطيع أن يحصد تحصيلاً علمياً ويصل إلى النتائج التي يستحقها في ظلّ الضغوطات المعيشية والقذائف العشوائية التي تتساقط على المدينة بين الحين والآخر؟!".

 

جامعة حلب تتحوّل إلى مراكز امتحانيةٍ

 

نتيجة الأعداد الكبيرة للطلاب المتقدّمين للامتحانات الثانوية العامة، وقلّة المدارس العاملة في المدينة، قامت مديرية تربية حلب باستعارة مدرّجات الجامعة لتصبح مراكز امتحانيةً. وعانى الطلاب، في اليوم الأوّل للامتحان، من حالة فوضى كبيرةٍ نتيجة سوء التنسيق بين إدارة الجامعة ومديرية التربية، وجهل معظمهم بأماكن الكليّات والمدرّجات داخل الجامعة، في ظلّ تشديدٍ أمنيٍّ كبيرٍ منع الأهالي من مرافقة أبنائهم داخل الحرم الجامعيّ.

 

 

تقول سلمى، وهي إحدى الطالبات المتقدّمات للامتحان، لمجلة "صوَر": "وصلتُ إلى الجامعة في الساعة السادسة والنصف صباحاً. ظللتُ لمدّة ساعةٍ أبحث عن رقم القاعة ومكان جلوسي. الجامعة كبيرةٌ، على خلاف مراكز الامتحانات في المدارس". وتضيف: "لم يكن جوّ الامتحان مثالياً؛ المراقبون يدخّنون، وأصواتهم عالية، وتأخّر توزيع الأسئلة ربع ساعة".

 

غشٌّ بأشكالٍ متنوّعة

 

أصدرت مديريات التربية قراراً يقضي ببقاء المعلمين المكلّفين بالمراقبة الامتحانية في المدارس بمدنهم وقراهم. على خلاف السنوات السابقة، حين كان يجري تبديل المعلمين المكلّفين بالمراقبة بين المدن والقرى منعاً للتعاطف مع الطلاب من أبناء مناطقهم. وبرّرت المديريات قرارها بسوء الأحوال الأمنية.

 

يقول أحد المعلمين المكلّفين بالمراقبة من مدينة حماة (رفض ذكر اسمه لدواعي أمنيةٍ): "قد تكون الأسباب الأمنية مبرّراً لهذا القرار، لكنه فتح أبواباً كبيرةً للغشّ".

 

وفي سياقٍ آخر، يقول الناشط عمران الجبلاوي لمجلة "صوَر": "شهدت المراكز الامتحانية حالات غشٍّ كثيرةً. وكان هناك حضورٌ كبيرٌ لعناصر مسلحةٍ ضمن المراكز". وتحدّث نشطاء من دمشق والسويداء للمجلة عن أساليب الغشّ الأكثر رواجاً، وهي "تصوير الكتب بأحجامٍ صغيرةٍ، وتسليم أوراق إجابةٍ جاهزةٍ لبعض الطلاب، بعد دفع مبالغ ماليةٍ -متعارفٍ عليها لكلّ مادةٍ- لبعض المراقبين والمتعاونين معهم".

 

بدوره، يتساءل المعلم الحمويّ عبر المجلة: "من يضمن عدم تسريب الأسئلة الامتحانية وتسلّط الأجهزة الأمنية وأصحاب المصلحة عليها؟ لم تعد هناك أية سلطةٍ تفوق سلطتهم. هناك عناصر من الجيش تنقل الأسئلة الامتحانية بين المدن، ولن يتجرّأ أحد على محاسبتهم".

 

 

ويحذّر المعلم ذاته من "إمكانية فقدان الشهادات السورية قيمتها، وعدم الاعتراف الدوليّ بها في ظلّ هذه الفوضى؛ ما يعرّض مستقبل آلاف الطلاب لمخاطر إضافيةٍ".

 

طلاب الصفوف الانتقالية ليسوا أفضل حالاً

 

لا تبدو الصفوف الانتقالية أفضل حالاً؛ إذ يستمرّ تقديم الامتحانات الشكلية للعام الثاني على التوالي في عددٍ من المدن، كحلب، وتتساهل المدارس مع الطلاب وتسمح لهم بالتقدّم للامتحانات حتى لو لم يكونوا مواظبين على الدوام خلال العام الدراسيّ.

 

تقول المعلمة ريما لمجلة "صوَر": "كثيرٌ من الطلاب لم يداوموا في المدارس هذا العام. أشارت إلينا مديرة المدرسة بالتساهل في الأسئلة وسلم التصحيح".

وتضيف ريما: "معظم هؤلاء الطلاب تمّ نقلهم في العام الماضي أيضاً. فمثلاً، طالب الصف الثاني الابتدائيّ نجح إلى الصف الثالث دون تقييمٍ صحيحٍ. كما أن الكثير من الطلاب أصبحوا في الصفّ الخامس أو السادس وهم لا يعرفون الكتابة والقراءة بالمستوى المطلوب".

 

وتحذّر المعلمة قائلةً: "إذا استمرّ الوضع على هذا الحال لسنواتٍ أخرى، سنواجه جيلاً لا يجيد القراءة والكتابة رغم أنه بلغ المرحلة الثانوية".

 

نزوح طلاب إدلب يحرمهم من الامتحانات

 

أدّت المعارك بين قوّات المعارضة والنظام، والقصف المكثّف لطيران الأخير، إلى نزوح أعدادٍ كبيرةٍ من أهالي مدن إدلب وجسر الشغور وأريحا باتجاه مناطق أكثر أمناً، الأمر الذي حرم كثيراً من الطلاب من امتحاناتهم.

 

لجين نازحةٌ من ريف حماة، لجأت في العام الماضي إلى مدينة جسر الشغور. تقول لـ"صوَر": "نزحتُ في العام الماضي من مدينة مورك، بعد أن فاتتني الامتحانات. درستُ هذا العام بشكلٍ جيدٍ، لكننا نزحنا عن المدينة إلى جبل الزاوية قبل الامتحانات بعدّة أيامٍ، بعد سقوط عدّة صواريخ بالقرب من بيتنا". وتضيف: "خسرتُ الامتحان للعام الثاني على التوالي. يئستُ من الموضوع، وقرّرتُ أن أترك الدراسة إلى أن تنتهي الحرب".

 

أما صلاح، من مدينة إدلب، فيقول لـ"صوَر": "بعد تكرار حالات الاعتقال التعسفيّ في حقّ طلابٍ من إدلب كانوا قد توجّهوا لتقديم امتحاناتهم، منعني أبي من السفر خوفاً عليّ".

 

وكانت وزارة التربية قد أصدرت قراراً، قبل أيامٍ من بدء الامتحانات، يقضي بنقل طلاب مدينة أريحا، التي سيطرت عليها قوّات المعارضة مؤخراً، إلى مدينة حماة. لكن الظروف منعت الكثير منهم من الالتحاق بالمدارس.

 

 

تروي ديمة: "لم أستطع السفر إلى حماة. بعد خروجنا من أريحا سافرنا إلى سلقين، ولم نستقرّ في بيتٍ حتى الآن. الطريق صعبٌ وطويلٌ، إضافةً إلى عدم قدرة أهلي المادية على دفع التكاليف. أجرة الطريق حوالي ألفي ليرةٍ، وليس لديّ أقارب أو أصدقاء هناك أستطيع النوم عندهم".

 

ويضطرّ بعض الطلاب في مدينة حلب إلى الذهاب إلى مراكز امتحانيةٍ خطرةٍ، كما في أحياء الأشرفية والسريان القديمة وميسلون. يروي أحد الآباء لمجلة "صوَر": "أرافق ابنتي إلى مدرسةٍ في حيّ ميسلون. أوصلها إلى المدرسة وأنتظرها في مدخل أحد الأبنية المجاورة؛ فالمنطقة غير آمنةٍ وتشهد يومياً سقوط قذائف عشوائيةٍ وحالات قنصٍ عشوائيٍّ. أقرأ الآيات القرآنية طوال الوقت، وأطلب من الله أن يحمينا وأن يوفقها في الامتحان".

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard