info@suwar-magazine.org

الانتخابات الرئاسية ودلالاتها المستقبلية

الانتخابات الرئاسية ودلالاتها المستقبلية
Whatsapp
Facebook Share

فريق صور 

 

ماذا يعني إجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا في ظل حرب متعددة الأوجه والأطراف لها استطالاتها الإقليمية والدولية في بلاد باتت شبه منقسمة على نفسها، تتناهشها الخلافات فيما بينها، وكل منطقة فيها تبحث عن خلاصها بشكل منفرد؟!

 

من المؤكد أن الانتخابات في المجتمعات المستقرة تعتبر حالة حضارية يتنافس فيها المرشحون من مختلف التيارات السياسية، وتعكس حالة المجتمعات التي تحاول ترسيخ قيم الديمقراطية، غير أنها في الحالة السورية وفي ظل هذه الحرب العبثية المجنونة ستضع الجميع في البلاد أمام مستقبل مجهول مفتوح على أسوأ الاحتمالات، وتحمل في طياتها نسفاً لما كان يلوح في الأفق من أمل بحل تفاوضي كان يمكن له أن يشكل أساساً تنطلق منه الأطراف المتنازعة لإيجاد حلول واقعية للمأساة السورية المستمرة منذ ثلاث سنوات.

 

فهذا الانتخابات تعني فيما تعنيه أن العملية السياسية وقبول التفاوض وفق خطة جنيف، وبنود ونتائج مفاوضات جنيف2 قد أصبح خارج التداول، وأن ما كان يعتبر اتفاقيات وركائز للوصول إلى حل في الشأن السوري قد تم تجاهله، رغم أنه طُبخ في مطابخ الدول الكبرى ذات المصالح. كما أنها تعني أن الحرب في سوريا ستستمر طويلاً وستخلق مستنقعاً من الفوضى وترسخ حالة التقسيم أكثر مما هي عليه الآن.

 

وإجراء الانتخابات في ظل الحرب التي تشهدها البلاد منذ ثلاث سنوات يحمل في طياته محاولة الالتفاف على كل المبادرات التي  تطرح لإيقاف نزيف الدم، ولايمكن أن يُتخذ مثل هذا القرار من قبل طرف يحاول أن يتفرد ويفرض إرادته وحروبه العبثية والتدميرية على السوريين.

 

كما أن هذه الانتخابات ستحمل دلالات تقسيمية خطيرة، حيث أنه من غير الممكن والواقعي أن يتمكن النظام من إجرائها في كل الأراضي السورية، حيث يقبع ملايين المواطنين في مناطق متنازع عليها أو تحت سيطرة المعارضة المسلحة، فضلاً عن مئات الآلاف من اللاجئين في دول الجوار، وبالتالي فإن الانتخابات ستقام فقط في «سوريا النظام» مكرسة بذلك حالة من الانفصال التام، السياسي والاجتماعي والإداري في سوريا، دعك من عدم شرعية انتخابات لا يستطيع أكثر من نصف ناخبيها المفترضين الإدلاء بأصواتهم فيها، وردود الفعل المستقبلية التي سيقوم بها من حرموا من الانتخاب على فرض نظام رسمي يفترض أن يمثل «الجمهورية السورية» دون أن يهتم أحد بحقهم في الاختيار.


قبل الحديث عن أي انتخابات أو التفكير فيها، يجب على جميع السوريين المساهمة في وقف مأساة الشعب السوري أولاً، والوصول إلى هدنة عامة تشمل وقفاً ثابتاً لإطلاق النار من كل الجهات، واستئناف المفاوضات ثانياً بناء على أسس ومرجعيات دولية معترف بها، وبمشاركة واسعة من كل الأطراف والقطاعات والشرائح المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني، من أجل إيجاد مخارج تحول دون تمزيق البلاد واستدامة أمد الحرب، والانتقال بعدها إلى حلٍّ توافقيٍّ مناسب لمستقبل البلاد، حينها يمكننا الحديث عن انتخابات رئاسية يمكن لها أن تشكل ركيزة لعملية التحول الديمقراطي

وبغير ذلك لن تساهم  هذه الانتخابات إلا في إطالة عمر الأزمة، وزيادة وتيرة القتل اليومي للسوريين، عدا عما يمكن أن تفرزه الحرب من تجويع وتهجير المواطنين، وتدمير بنية البلاد وتفريغها من السكان، وزيادة تفكيك المجتمع السوري، الأمر الذي يحول دون تحقيق رغبة الناس في العيش المشترك في سوريا موحدة  ضمن شرط يوفر الحد الأدنى من الديمقراطية والحقوق الأساسية للإنسان.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard