info@suwar-magazine.org

"الفيفا" والكاهن والشيطان

"الفيفا" والكاهن والشيطان
Whatsapp
Facebook Share

 

 

نارت عبد الكريم

 

قد تقلب بعض الأحداث أو المعلومات حياة الإنسان رأساً على عقب، كفردٍ أو كنوعٍ بمجمله. فإذا قِيلَ لأحدنا إنَّهُ ابنٌ لقيطٌ، وإنَّ أبويه الحاليين ليسا هما أبويه الحقيقيين، فإنَّ خبراً كهذا سيغيّر مجرى حياته تماماً، ويعدّ بمثابة زلزالٍ معنويٍّ كبير، كما تَغيَّر مجرى حياة البشرية قاطبةً عندما قالَ لنا كوبرنيكوس إنَّ الأرض ليست مركز الكون، وإنَّها مجرّد جرمٍ تافهٍ يدور حول الشمس، مثله مثل باقي الأجرام. ومثله آينشتاين الذي قلبَ حياتنا رأساً على عقب عندما جاءَ بنظريته النسبية.

 

فماذا لو جاء أحدٌ ما وأخبرنا أنَّ الجحيم الذي يستوطن مخيلة البشرية منذ آلاف السنين، ونعتقد بوجوده بعد الممات، لا يستعرُ ناراً بانتظارنا في مكانٍ ما من هذا الكون وإنَّما هو هنا، الآن وفي هذه اللحظة، وما نحن إلاَّ مجرّد وقودٍ فيه، نتلظّى بناره ليل نهار ولكننا لا ندرك أنَّ ما نحن فيه هو الجحيم بعينه، ربَّما لأنَّ أحداً ما وضع على بابه لُصَاقَةً كُتِبَ عليها "حضارة حديثة".

 

فالجحيم عند البوذية هو استمرار الألم والمعاناة والقلق المرتبطين بالرغبة، والتخلص من الرغبة يعني الخلاص والانعتاق. أمَّا عند التاوية فهو العمل ضد الطبيعة الأصلية للإنسان، والنعيم يعني الاستسلام لها والانقياد معها. وعلى كلّ حالٍ ليس هناك أسهل من أنْ ترى الجحيم، إنْ كنت لا تشعر به، فما إنْ تدير شاشة التلفاز حتى تراه بأمّ عينيك؛ حروبٌ ومجازر، تطرّفٌ وعنصرية، هجراتٌ ومجاعاتٌ، أزماتٌ ماليةٌ وتلوّثٌ وانحسارٌ للغطاء النباتيّ وتراجعٌ لكلّ ما هو إنسانيٌّ وجميلٌ لصالح كلّ ما هو قبيحٌ وفاسد.

 

فالفساد، على سبيل المثال، وصلَ حتى إلى مؤسسة "الفيفا" العريقة. وحتى الشيطان راعَهُ ما حدث ويحدث للبشر، في القصة التي كتبها دوستويفسكي على جدران سجنه في العام 1849، حين قال للكاهن: نعم، هذا هو الجحيم، لا يمكن أنْ يكون هناك جحيمٌ أسوأ من هذا. ألم تكن تعي ذلك؟

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard