info@suwar-magazine.org

حساسية الصراع .. زبدانيات

حساسية الصراع .. زبدانيات
Whatsapp
Facebook Share

 

 

*ريناس سينو

 

مما لا شك فيه إننا اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما! الخياران اللذان قد يبقيا على ما تبقى من بشر وحجر وإنقاذ العقل البشري السوري ومستقبله، أو استمرار الوضع على ما هو عليه حتى النهاية

الخيار الأول أعلنه النظام منذ بدء الثورة السورية عندما قال جهارة (الأسد أو نحرق البلد). ونفس الخيار سارت عليه المعارضة من خلال تمسكها بقاعدة السياسية يا ٠٪ أو ١٠٠٪، أما الخيار الثاني، فهو أن يلتقي الطرفان في منتصف الطريق من خلال قبول النظام بالحفاظ على البلد بدون الأسد، وأيضا قبول المعارضة بـ" ٥٠ ٪ كخيار للطرفين للخروج من عنق الزجاجة

 

 جميع المؤشرات تجعلنا متشائمين رغم التحركات الدبلوماسية الدولية، بدءاً من فيينا وانتهاءً بالرياض، بغية إيجاد تسوية تحافظ على مصالح جميع القوى المتصارعة وإنقاذ ما تبقى من أرواح السوريين.

 ليس من السهل إعادة الثقة بين الأطراف المتصارعة، يذهب البعض إلى اعتباره ضرباً من الجنون.

 كما أنه ليس من السهل على الأطراف تقديم التنازلات بعد ما وصلوا إلى قناعة أنهم بلغوا نقطة اللاعودة، وأيضاً ليس من السهل التفكير بمحافظة أو مدينة واحدة، والبحث عن حلول فردية تراعي خصوصية كل محافظة.. وخاصة بعد فشل تجربة تجميد الصراع في حلب، وتجارب  الهدن الأخيرة؛ حيث أن الكثيرين  يرون القبول  بحلول صغيرة، هو تميع للقضية السورية، وتفتيتها، ما يجعلنا  نبتعد على جذر المشكلة  المتمثّل بإسقاط النظام.

 

 إلا أن تمترس الجميع وراء مواقفهم أصبحت ضريبته أكبر من أن يتحملها أي طرف، فالمدنيون في بعض المناطق وخاصة تلك المحاصرة منها، لم يعد لديهم القدرة على المقاومة لعدة أسباب:

 أولاً:  الحصار المحكم من قبل قوات النظام والميليشات التي تساعده.

ثانياً:  حجم القوة المستخدمة ضد المدنيين بالمدافع والبراميل وخاصة بعد التدخل الروسي.

ثالثاً:  فقدان الأمل بالمعارضة السياسية ومن ورائها المجتمع الدولي وكل هيئاته الدولية مثل الأمم المتحدة.

رابعاً: فقدان الثقة بالمعارضة المسلحة، إما بسبب سلوك هذه المعارضة السيئ تجاه المدنيين، أو لأن المسلحين لم يعد لديهم إمكانية للمقاومة بعد انقطاع الامداد عنهم، وأيضاً حجم القوة المتسخدمة

 

 

لذلك، فإننا يجب أن ننظر إلى أن أخذ حساسية الصراع بكل منطقة بعين الاعتبار، هو خيار يمكن من خلاله أن يتم إنقاذ حياة  آلاف المدنيين، وليس كخيار استراتيجي للمعارضة، وحتى إن تمّ اعتبارها تنازلات. كما يجب أيضاً أخد الأوضاع الجيوسياسية بالحسبان؛ فمدينة الزبداني ومضايا مثالاً، محاصرتان من عدة جهات، وتعانيان من انعدام المواد الغذائية والإغاثية، ومن انقطاع  الإمدادات العسكرية.. كل هذا جعل  وضع المدينتين مختلفاً  عن محافظة إدلب وحلب، فكلاهما لديهما  حدود  طويلة  مع تركيا  التي  تعتبر حليفاً  للمعارضة،  تمدّها بالسلاح، وأيضا تمدّ الأهالي بالاحتياجات الضرورية.

 

معركة الزبداني ومضايا هي معركة خاسرة أخلاقياً قبل أن تكون خاسرة سياسياً أو عسكرياً، خاسرة أخلاقياً عندما يعجز الجميع عن إطعام أطفالها، أو إخراج جرحاها، ونطالب أهلها بالصمود!. خاسرة أخلاقياً عندما نعجز عن تقديم دعم إعلامي بحجم معناة الأهالي، خسارة أخلاقياً عندما نجعل من حياة المدينين موضوعاً لمساومة سياسية رفضها الجولاني صاحب الفكر الجهادي، عندما استجاب لنداء وإغاثة نساء الزبادني، بيد أننا نرى المعارضة السياسية ومجموعة كبيرة من النشطاء يرفضون أي نوع من أنواع التسوية في الزبداني، بل أنه وصل بالبعض إلى مجابهة الجهود الرامية لإيجاد حل ينقذ ما يمكن إنقاذه.

 

 إلى كل أولئك  نقول" أنه لم يعد أحد قادراً على دفع  ثمن فشل المعارضة السياسية، أو مراهقة القوة العكسرية، أو تحمّل ضريبة تمسكنا بمبادئنا؛ لأنهم يدركون جيداً أنه لا ثمن لكل تضحياتهم، لأنه يدركون أن لا برامج لدينا لإعادة بناء الإنسان قبل بناء الوطن

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard