info@suwar-magazine.org

جريمة في اللغة

جريمة في اللغة
Whatsapp
Facebook Share

 

*نارت عبد الكريم

 

إنَّ استخدامنا اللغة بطريقةٍ غير صحيحةٍ قد تنتج عنه مساوئ عدّة؛ فرؤيتنا لأنفسنا وللواقع من حولنا ستغدو مشوّهةً وغير سليمة، وأفعالنا، التي تنبع من رؤيتنا تلك، ستكون نتائجُها غير مضمونةٍ في أحسن الأحوال، وفي أسوئها ستكون وبالاً علينا. حين نطلق أسماءً وصِفاتٍ على مُسَمَّياتٍ وموصوفاتٍ لا رابط حقيقياً بينها، وبذلك الخلط لا نُسيء إلى أنفسنا فقط بل إلى أبنائنا والأجيال القادمة لأنَّنا، حين ذاك، نورثهم انحرافاتنا وقناعاتنا المزيفة بدلاً من تركهم يختبرون الواقع بأنفسهم وليس من خلال تلقينهم معارفنا ومصطلحاتنا.

 

فعلى سبيل المثال نحن نطلق نعت "التَّوَحُّش" على بعض الكائنات الحية، مثل النمور والأسود والذئاب، رغم أنّها لا تعتدي على بني جنسها ولا تقتل بعضها، ولا تلجأ إلى القتل إلاَّ في حال حاجتها الماسّة إلى الطعام بهدف الحفاظ على حياتها فقط، وليس بهدف الاستمتاع والتذوّق أو إجراء التجارب العلمية. وهي، في سلوكها هذا، تبدو طبيعيةً جداً وأليفةً إذا قورنت بالإنسان الحديث الذي يمتهنُ القتلَ، بأشكاله كافةً، الجسديّ والمعنويّ والروحيّ، ويتفنّنُ، متباهياً، بصناعة آلات القتل والتخريب والتلوّث. بل إنَّ تاريخنا، كبشرٍ، على سطح هذا الكوكب هو مسلسلٌ طويلٌ تطغى عليه مشاهد القتل والسفك والدمار. فأيُّ جريمةٍ تلك التي نرتكبها في حقّ أولادنا والأجيال الجديدة عندما نستمرّ في استخدامنا اللغة بطريقةٍ غير صحيحة؟

.

.

اقرأ المزيد للكاتب .. 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard