info@suwar-magazine.org

العقل عند المُتَصَوِّفة

العقل عند المُتَصَوِّفة
Whatsapp
Facebook Share

 

*نارت عبد الكريم

 

تعمل المدارس والجامعات على تأهيل الأجيال الجديدة، أي الأطفال، من خلال تلقينهم ما جاء به الأوّلون والأجداد من علومٍ ونظرياتٍ وقوانين. ولا فرق في ذلك بين مدارس حديثةٍ ومدارس قديمة، أو بلدانٍ متطوّرةٍ وبلدانٍ متأخرة، فالمبدأ واحدٌ في كليهما، وهو نقل ما أُنتجه العقل في الماضي إلى الحاضر.

 

 لكن عملية التربية والتعليم تلك ما هي إلاَّ عملية اجترارٍ وإعادة مضغٍ لموادّ تمّ إنتاجها سابقاً وليست وليدة اللحظة والتجربة المباشرة. وبسبب ذلك الغباء المدعوم رسمياً وأكاديمياً أضحى حال البشرية كحال دابة الرحى، المعصوبة العينين، تعتقد أنَّها قطعتْ آلاف الأميال في حين أنَّها ما زالتْ تدور في المكان نفسه. إذ إنَّ المدرسة، بطبيعتها، تُعيد إنتاج المنظومة السائدة، والمنظومة -من جانبها- يرعبها التغيير ويُخيفها فتقاومه لتَتَكرَّر الأخطاء والنكبات التي تُشِيرُ إلى المآل الذي وصلتْ إليه البشرية، لا هي تعلمتْ من تجاربها ولا هي أصبحتْ أكثر حكمةً واتزاناً. ومن الأمثلة على ذلك ما توصل إليه مؤخراً علماء الفيزياء الحديثة من نتائج تكلم بها حكماء البوذية والطاوية قبل آلاف السنين، من جهة أنَّ كلّ الأشياء والعمليات في حالة تدفقٍ كونيٍّ مستمرٍّ ولا وجود لأيِّ جوهرٍ ماديٍّ منفصلٍ ومنعزلٍ عن محيطه، كما توصل علماء النفس، مع فرويد وتلامذته، بعد جهدٍ جهيد، إلى وجود حالة لاوعيٍ مطلقٍ في مقابل حالة الوعي المحدود، متأخرين بذلك أَكْثَرَ من ألف عامٍ عن أقرانهم من المُتَصَوِّفة المسلمين الذين أشاروا الى أنَّ عالم الحدث المحدود يُقابِلهُ عالم القِدم اللامحدود. فالعقلُ، هذا الصنم الذي تتغنى به حضارتنا وتُشيد، بالنسبة إلى الحقيقة يراهُ المتصوّفة كالحمار الذي يحمل أسفاراً.

.

.

اقرأ المزيد للكتاتب .. 

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard