info@suwar-magazine.org

منظمات إنسانيّة تفشل في إرضاء الحكومة السّوريّة والإدارة الكُرديّة معاً..!

منظمات إنسانيّة تفشل في إرضاء الحكومة السّوريّة والإدارة الكُرديّة معاً..!
Whatsapp
Facebook Share

 

 

 

 

*فريد إدوار

 

 

طائرةٌ تلو الأخرى تحطّ في مطار القامشلي شمال شرقي سوريا، منذ التاسع من تموز يوليو 2016، حاملةً على متنها مساعداتٍ غذائيةً لنحو /150/ ألف شخصٍ ضمن خطةٍ أممية يُقدّمها برنامج الأغذية العالمي للمُستضعفين من أبناء محافظة الحسكة التي تشهد أزمةً اقتصادية بعد تدني مستوى الليرة السوريّة أمام العملات الأجنبية وعدم تناسب القوى الشرائية مع دخل الفرد.

 

الرابع من آب أغسطس الجاري كان موعد الرحلة رقم /40/ التي حطّت  في مطار القامشلي وعلى متنها نحو /5000/ سلةٍ غذائية، على  أن تُستكمل الرحلات المُتبقّة خلال الفترة المُقبلة.

 

 

/23/ ألف سلة هي كل ما وصلت إلى مطار القامشلي من أصل /30/ ألف سلةٍ غذائية وفق  الخطة المُقرّرة إرسالها إلى سكان الحسكة عبر جسرٍ جوي بين "دمشق"  ومدينة "القامشلي" التي يصعب الوصول إليها برّاً، حسب ما أعلنته الأمم المتحدة في وقتٍ سابق.

 

شكوكٌ تحوم حول نزاهة الجّهات المُشرفة على التّوزيع:


«لم تصل تلك المساعدات للمستحقّين، بل تمّ توزيعها وفق جداول نظّمها سماسرة الجمعيات حسب أهوائهم ومصالحهم الشّخصية» بهذه الجملة يتّهم "عبد الرزاق ياسين" وهو متطوّعٌ لدى إحدى الجمعيات المُتعاونة مع برنامج الأغذية العالمي للإشراف ومتابعة توزيع المساعدات على المحتاجين من أبناء المحافظة.

 


«كنتُ أحد المُشرفين على توثيق الوضع المعيشي للأُسر التي من المُفترض أن تحصل على حصّتها من تلك السّلال الغذائيّة، لكن ما تم توثيقه بعيدٌ عن الواقع، فالأغلبيّة التي تم تسجيل أسمائها لا تُطبّق عليها معايير المنظمة، مع ذلك نالت  حصّة غيرها، لوجود رابطٍ عائلي بينها وبين المسؤول عن الجمعية» يقول "ياسين" لـ (صور).


جمعيات مرخّصة من الحكومة السّوريّة هي من تتولّى مهمة التّوزيع:


(الهلال الأحمر السّوري- جمعيّة البر- الإحسان- المودّة وجمعية عموم الأرمن) هي /5/ جهاتٍ مُرخّصة من الحكومة السّوريّة في محافظة الحسكة، لها أحقّية توزيع تلك المُساعدات الأمميّة، دون غيرها.

 


 

وتلك الجّهات الخمس، تستعين بدورها بأشخاصٍ ومندوبين آخرين لمساعدتها في وضع جداول تضم الأُسر الأكثر حاجة في مدن ومناطق محافظة الحسكة، لكن مصداقية تلك الجهات ما تلبث أن تهتز بمجرد تحويل دفة توثيق أسماء المحتاجين باتّجاه الأقل حاجة.


 «مُعضّلة غير قابلةٍ للحل وعملٌ لا يخلو من الأخطاء، لكن بالنّهاية القسم الأكبر من المحتاجين يحصل على حصّته» يقول "محمد خير أوسو" المشرف العام لمنظمة الهلال الأحمر السوري في القامشلي لـ (صور).
«حصة الهلال الأحمر السوري لا تتجاوز /600/ سلة في كل مرة، ويتم توزيع الكمية على مراكز إيواء الوافدين من المحافظات السوريّة الأخرى، فضلاً عن مخيمات اللجوء المُتوزّعة في ريف مدينة "المالكية"» يُضيف "أوسو".


كل سلّةٍ غذائيّة تكفي العائلة مدة شهرين.. ولكن:

 

(10 كيلوغرامات من الرز ومثلها من البرغل و6 كيلوغرامات من الحمص ومثلها من الفاصولياء والعدس، إضافةً إلى 5 كيلوغرامات من السكر و6 ليترات من الزيت النباتي) هي كل ما تحتويها السّلة الغذائيّة التي تُمنح للعائلة التي من المُفترض أن تكفيها مدة لا تقل عن شهرين.


لكن عدم توافق الكميّة الموزّعة مع عدد المحتاجين، تُجبر الجّهة القائمة على التّوزيع لأن تُقسّم السّلة الواحدة على عائلتين اثنتين، وفق ما يؤكّده "دجوار أحمد" رئيس مكتب شؤون المنظّمات الإنسانيّة في الإدارة الذّاتيّة (المناطق ذات الأغلبية الكُردية في محافظة الحسكة).


يقول "أحمد" لـ (صور): «نضطر إلى ذلك في الكثير من الأحايين، حتى لا نحرم أية عائلة محتاجة من تلك المساعدات، فليس من المعقول أن تحصل أسرة فقيرة على تلك السّلة الكاملة، وتُحرم عائلةٌ أخرى أكثر فقراً من تلك المساعدات، لذلك لا حلّ لدينا سوى تقسيم الحصّة إلى حصّتين».


تعتمد الجّمعيّات المُرخّصة من الحكومة السّوريّة، على جمعياتٍ ومنظماتٍ محلّية في عمليات التّوزيع، من بينها منظمة "روجآفا" التابعة للإدارة الذاتية.

 


 

يقول "أحمد" لـ (صور) عن آلية التّعاون: «تمنح تلك الجمعيات كميةً من المساعدات لمنظمة "روجآفا" والأخيرة تتكفّل بمهمة التّوزيع اعتماداً على جداول مُسبقة تُعدّها اللجان الشّعبية في الأحياء أو ما يُسمى بـ (كومينات) وفق معايير محدّدة، بحيث تشمل فئة مُستهدفة بعينها تضمّ، النّازحين واللاجئين في الدرجة الأولى، يليهم ذوو الاحتياجات الخاصة والمعاقون، ثم الأرامل واليتامى».


جمعيات ومنظمات كثيرة  لكن أخطاءها أكثر..!!


تنشط في مدن ومناطق الإدارة الذاتية الكُردية في (الحسكة، عفرين وعين العرب كوباني بريف حلب) عشرات الجمعيّات والمنظمات الإغاثيّة والتّنمويّة التي تعمل إما بشكلٍ مُستقل أو بالشراكة مع منظماتٍ دولية في تقديم المساعدات للمناطق المُتضرّرة.


مع ذلك لمّا تَزَلْ تفتقر لآليّات عملٍ مهنيّة تؤدّي في غالب الأمر  إلى غياب ثقة المحتاجين بها، ولهذا تبقى على الدّوام عُرضةً للانتقاد، فبعضها تنقصها الخبرة في توزيع المهام، وبعضها الآخر تغرق في الفساد والمحسوبيّات، لتبقى معاني الإغاثة والتنمية مجرد صفاتٍ وهميّةً مُرفقة مع أسمائها الحقيقية.


ومن المنظمات الموجودة في المنطقة، بغض النّظر عن آليات عملها، منظمة "روجآفا"  للإغاثة والتنمية التي تُعدّ أكبر منظمة إغاثية تأسّست نهاية /2012/ تعمل في المناطق ذات الأغلبية  الكُردية شمال وشمال شرقي سوريا، وتضم أكثر من /400/ كادر يتوزّعون في مختلف مدن ومناطق الإدارة الذاتية في (الحسكة، عفرين وعين العرب/ كوباني).

 


 

تليها منظمة الهلال الأحمر الكردي هي الأخرى تأسست عام /2012/  وتُعدّ إحدى أكبر المنظمات المحلية، وتضمّ أكثر من /500/ كادر يتوزّعون في مناطق مختلفة من (الحسكة، عفرين وعين العرب/ كوباني) أو كما تُسمى بالمقاطعات، ويتركّز عملها على تقديم الخدمات الطّبية والرعاية الصحية من خلال مراكز خاصة بها.


ثم (جمعية البر، الإحسان، المودة وعموم الأرمن) وهي الجمعيات الوحيدة المُرخّصة من الحكومة السورية في مدينة القامشلي وهي الشريكة الوحيدة لهيئات الأمم المتحدة.


وهنالك منظمة "سوريا الخير"، كما توجد جمعيات أخرى كثيرة منها، جمعية "عامودا" وجمعية "الدرباسية" و"جومرد" و"آراس" وجمعية "تل كوجر" وجمعية "رأس العين" وجمعية "هيفي" و"السلام" في الحسكة .. وغيرها، وتعمل جميعها اعتماداً على المنظمات الدولية في مناطق الإدارة الذاتية.


مُعوّقات تعترض عمل الجمعيّات الإغاثيّة في مدن الحسكة:


يتقاسم الكُرد والنظام السوري السيطرة على مدينتي الحسكة والقامشلي، ولكلٍ منهما مناطق خاصة به يفرض فيها سياساته وقوانينه منفصلاً عن الآخر، الأمر الذي يجعل عمل الكثير من المنظمات الإنسانية مهمةً صعبة، في ظل ازدواجية المعايير لدى كل جانب.


منظمة الهلال الأحمر السوري الشريك الحقيقي للصليب الأحمر الدولي، وإحدى الجهات الخمس التي تتولى مهمة توزيع مساعدات برنامج الأغذية العالمي، تعاني صعوباتٍ حقيقية في تنفيذ مهامها الإغاثية ضمن مناطق سيطرة الكُرد، بسبب عدم حصولها على أية تراخيص من مكتب شؤون المنظمات الإنسانية في الإدارة الذاتية.

 


 

يقول "محمد خير أوسو" المشرف العام لمنظمة الهلال الأحمر السوري في القامشلي لـ (صور): «من غير الممكن التّقدّم بطلب ترخيص إلى الإدارة الذاتية، لأن المنظمة مُرخّصة من الحكومة السورية وعلاقة المنظمات الدولية تكون مع الحكومات المعترفة بها، أما الإدارة الذاتية، فليس معترَفاً بها أساساً لدى تلك المنظمات».

 

«لا نسمح لتلك الجمعيات المُرخّصة من الحكومة السورية بممارسة مهامها ضمن مناطق الإدارة الذاتية؛ ما لم تتقدّم بطلب ترخيص لدينا أيضاً» يتحدّث "دجوار أحمد" رئيس مكتب شؤون المنظمات الإنسانية في الإدارة الذاتية لـ (صور).

 

يُتابع "أحمد": «لا مشكلة لدينا مع الهلال الأحمر السوري؛ طالما تمارس مهامها ضمن مناطق سيطرة الحكومة السورية، أما إذا قرّرت توزيع المساعدات ضمن مناطقنا، فلن نسمح إلا بوجود ترخيص من قِبلنا».

 

الإدارة الذاتية تدافع عن نفسها وتنتقد عمل تلك الجمعيات:

 

يتوزّع عمل جمعيات (البر، المودة، الإحسان وعموم الأرمن) بما فيها الهلال الأحمر السوري، المرخصة من الحكومة السورية، على كامل مناطق محافظة الحسكة.

 

إذ تتولى جمعية "البر" مهمّة توزيع المساعدات في مدينة (المالكية واليعربية)، فيما تنشط جمعية "الإحسان" في (تل حميس، الجزعة، تل معروف والهول)، وتعمل جمعية "المودة" ضمن نطاق جغرافي يضم (تل براك، الدرباسية، عامودا ورأس العين) أما "عموم الأرمن" فتوزّع حصّتها من تلك المساعدات في (القامشلي، تل تمر والحسكة) بينما "الهلال الأحمر السوري" فتتوجه إلى مخيم اللاجئين والوافدين.

 

يقول "أحمد" لـ (صور): «أكثر من /150/ جمعية خيرية إغاثية  مُسجلة لدى مكتب شؤون المنظمات الإنسانية في الإدارة الذاتية، لكن /50/ منها فقط مُفعّلة على الأرض، ولسنا راضين لا عن الكميات التي تصل إلى المنطقة ولا عن نظام وآلية التّوزيع».

 

 

«هناك تجاوزات من جانب تلك الجمعيات فيما يخصّ آليات التّوزيع، لأن هناك عوائل تحصل على المساعدات شهرياً وبعضها الآخر  لم يحصل على أي شيء إطلاقاً» يُتابع رئيس شؤون المنظمات في الإدارة الذاتية.

 

انتقاداتٌ كثيرة من جانب سكان محافظة الحسكة (مناطق الإدارة الذاتية) وُجّهت للقائمين على توزيع مساعدات برنامج الأغذية العالمي، وصل بعضها إلى درجة إرجاع السبب إلى التوجه القومي والديني لدى بعض تلك الجمعيات.

 

وعن ذلك يوضّح "أحمد" لـ (صور): «نحن أيضاً نتعرّض للانتقادات بخصوص عدم توزيع المساعدات على المكوّن الكردي مثلاً، لكن لا نريد أن يُنظر  إلى المسألة من تلك الناحية، لأننا لا نمارس سياسة الإقصاء بحقّ أي مُكوّن، بل نعمل لأجل بناء مجتمع ديمقراطي وطني لكلٍ قوميته ودينه».

 

منظمات دوليّة تحتاج إلى ترخيص رسمي للعمل بحُريّة:

 

معظم المنظمات الدولية التي تعمل في مناطق محافظة الحسكة، إما مُرخّصة من الحكومة السورية، مثل (اليونسيف واليونسكو- SAF  منظمة العمل ضد الجوع إسبانية الجنسية- SIF المنظمة الفرنسية الإسلامية  ومختصة بتأهيل مدارس ومراكز الإيواء و SSSD الجمعية السورية للتنمية والرحمة).

أو توجد مذكرة تفاهم بينها وبين الإدارة الذاتية، لكن يبقى مجال عمل كل منها محصوراً ضمن نطاقٍ جغرافيٍ مُعيّن، وهذه الأخيرة تتركّز فروعها في مدينة "المالكية" وتتصّف بكونها منظماتٍ دوليةً مستقلّة غيرَ حكوميّة دخلت سوريا بحسب القانون الدولي بشكل غير نظامي عبر الحدود  وهي (أطباء بلا حدود MSF- لجنة الإنقاذ الدولية IRC- منظمة الإغاثة والتنمية الدولية IRD-  منظمة أنقذوا الطفولة-  منظمة فيالق الرحمة MC-  المجلس النرويجي للاجئين NRC).

 

فيما يبقى شرط المصداقية في عملها، مرهوناً بشفافية العلاقة بينها وبين السلطات القائمة في عموم محافظة الحسكة.

 

.

.

اقرأ المزيد للكاتب ..

 

 

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard