الاتصالات في سوريا من قمع النظام إلى البدائل الصعبة
-الإنترنت والاتّصالات في سوريا: القصّة الكاملة
-الاتّصالات التركيّة في الشمال السوري: بديل خارجي يساهم في استمرار الحياة
-خيارات متعدّدة للإنترنت في جنوب سوريا، والشركات الأردنية أرخصها
الإنترنت والاتّصالات في سوريا: القصّة الكاملة
جورج.ك.ميالة
في الأعوام الأخيرة من حياة حافظ الأسد، بدأ بتهيئة ابنه بشار لاستلام سدّة الحكم في سوريا، من خلال تقديمه كشاب عصري يعمل على إدخال التقنيات الحديثة للبلاد، وتزامن الأمر مع بدايات دخول الإنترنت والأجهزة الخلوية إلى سوريا، والتي أصبحت جزءاً من الدعاية المرافقة لاستلام بشار الأسد، ليظهر بمظهر الرئيس المنفتح على العصر، والمستخدم لتكنولوجيا الاتّصالات، والعامل على نشرها لتكون متاحة لجيل الشباب.
ومع بداية العام 2000، دخلت شبكتان للهاتف الخليوي هما "سيرياتل" المملوكة لرامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد والواجهة الاقتصادية للعائلة الحاكمة، و "إم تي إن" التابعة لمجموعة جنوب إفريقيا العائدة ملكيتها لعائلة ميقاتي اللبنانية، وتشير بعض المصادر أن هناك شراكة سرّية بين آل الأسد وميقاتي في الشركة.
وتعرّضت عقود الشركتين وقتها لانتقادات حادّة في الشارع السوري، نتيجة منع الحكومة السورية تواجد منافسة من شركات أخرى على عقود الاستثمار، واحتكار العقود لمدّة زمنية طويلة، وقام وقتها عضو مجلس الشعب رياض سيف بإثارة الموضوع في مجلس الشعب عدّة مرّات، الأمر الذي أثار حفيظة الدائرة المقرّبة من النظام، ما أدّى إلى اعتقال سيف مع مجموعة من زملائه لعدّة سنوات نتيجة اعتراضهم على الصفقتين.
تُقدّر أرقام حكومية تابعة للنظام أن عدد مستخدمي الإنترنت في سوريا يُقدّر بنحو ثلاثين ألفاً عام 2000، وقتها كان الأمر يتطلّب دفع مبالغ مالية كبيرة وموافقات أمنية معقّدة من الأجهزة الأمنية المختصّة، تستمرّ لعدة شهور، وعرفت الشبكة بضعف الخدمة واقتصارها على فئة محدّدة من الشركات والدوائر الحكومية.
وفي نهاية عام 2010 تُقدّر الأرقام أن عدد مستخدمي شبكة الإنترنت بلغ نحو ثلاثة ملايين ونصف مليون مستخدم، ما نسبته خمسة عشر بالمئة تقريباً من مجموع سكان سوريا.
وتحظر السلطات السورية الإنترنت الفضائي بشكل قطعيّ، وتمنع استيراده إلا لصالح دوائر ضيّقة جداً محيطة بالفئة الحاكمة، نتيجة صعوبة مراقبته، وتطلّب ذلك كفاءات عالية غير موجودة لدى الحكومة السورية.
وعرفت الحكومة السورية بالقبضة الحديدية على الاتّصالات والإنترنت منذ تاريخ دخوله لسوريا، عن طريق حجب الكثير من المواقع الإلكترونية، تحت ذريعة منع المواقع الإلكترونية الإسرائيلية، والمواقع الإسلامية المتشدّدة، أو التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، والمواقع الكردية التي تنادي بحقوق قومية للأكراد، في حين تؤكّد منظمات حقوقية دولية أن الحَجْب يطال كل من انتقد نظام الحكم آنذاك، حتى لو كان موقعاً ثقافياً بسيطاً.
إلى جانب ذلك قامت السلطات السورية بحجب وسائل التواصل الاجتماعي كمواقع فيسبوك وتويتر وموقع يوتيوب مع نهاية عام 2007، واستخدم السوريون وقتها برامج لكسر الحَجْب، وأدوات التحايل للوصول إلى المواقع المحجوبة، وكانوا يفضّلون استخدام مقاهي الإنترنت للوصول إليها، نتيجة لتسجيل خطوط الإنترنت باسم صاحب المقهى، وتحمّله لجميع المسؤوليات أمام الجهات الأمنية عن الدخول لمواقع ممنوعة.
ونتيجة لإقبال الشباب السوري على مقاهي الإنترنت للولوج للمواقع المحظورة، أصدرت الأجهزة الأمنية في شهر آذار 2008 تعميمات لمقاهي الإنترنت بضرورة تسجيل البيانات الشخصية لمستخدمي الإنترنت في محلاتهم، والاحتفاظ بسجلّ يومي، وساعة الدخول للشبكة، وساعة المغادرة، ورقم الجهاز المستخدم، وإلزام أصحاب المقاهي تسليم هذا السجل إلى مندوبي الأجهزة الأمنية عند طلبها.
كما صعّبت الأجهزة الأمنية معاملات وإجراءات افتتاح مقاهي الإنترنت، عبر إلزام الراغبين بذلك باستخراج عدّة موافقات من المؤسّسة السورية للاتّصالات، وعدّة أجهزة أمنية، إضافة لتعهّدات خطّية بضرورة تسليم أي معلومات أو بيانات يتمّ طلبها.
واتّسمت المرحلة بالتضييق الأمني، واعتقال الكثير من الناشطين بتهمة الدخول لمواقع معادية للدولة، وتهم أخرى كالتخابر مع جهات معادية، قضى فيها الكثيرون من المعتقلين عدداً من السنوات دون محاكمات، رغم تأكيد الدستور السوري على حرّية الرأي، وعدم وجود قانون سوري خاص بالنشر عبر الإنترنت، أو تمّت مقاضاة بعضهم بموجب مواد قانون العقوبات السوري بشكل غير قانوني.
ولم تقتصر حملات الاعتقالات على النشطاء السياسيين، بل شملت المهندسين والفنيين العاملين بقطاع الإنترنت والبرمجة والكمبيوتر، البعيدين عن النشاط المعارض، الأمر الذي اعتُبر تحذيراً ورسالة مضمرة للشباب السوري بعدم استخدام هذا القطاع لأي نشاط مخالف لتوجّهات النظام السوري، هذا الواقع دفع لجنة حماية الصحافيين الدولية لتصنيف النظام السوري في المرتبة الثالثة في قائمة أسوأ عشرة أنظمة في العالم بخصوص اعتقال، ومضايقة المدوّنين قبل عام 2011.
.وفي خطوة غريبة قامت الحكومة السورية في شهر آذار 2011، وقُبَيل عدّة أيام من اندلاع الاحتجاجات الشعبية، بفكّ الحَجْب عن مواقع فيسبوك وتويتر ويوتيوب، التي كانت أحد أبرز أسباب انتشار هذه الاحتجاجات، وانتقالها بسرعة في عموم سوريا، ونحو العالم أجمع.
ما دفع النظام لانتهاج سياسة قطع الاتّصالات والإنترنت لمنع وصول أي أخبار عن المظاهرات والاحتجاجات، وإطلاق حملات اعتقال ممنهجة شملت أي أحد يُشكّ باستخدامه لهذه الأدوات لمعارضة النظام، وكل من يتاجر أو يساهم في وصولها لأي بقعة في سوريا، وتزامناً مع ذلك قام بقصف أبراج الاتّصالات عمداً لمنع استخدامها بأي شكل من الأشكال.
كما قام باعتقال أعداد كبيرة من المدوّنين والمهندسين والفنيين، ولم تُفلح المناشدات الدولية بإطلاق سراحهم. ولعلّ حالة المهندس باسل الصفدي، الذي كان من أبرع التقنيين السوريين في هذا المجال، هي من أكثر الأمثلة إيلاماً على هذا، حيث لم تتمكّن المنظمات المعنيّة من منع النظام من تنفيذ الإعدام الميداني بحقّه.
بعد ذلك بدأ السوريّون برحلة البحث عن وسائل بديلة عوضاً عن شبكات الاتّصالات القادمة من الحكومة السورية، لإيصال صوت معاناتهم في أكبر أزمة إنسانية في القرن الحادي والعشرين، فاستعانوا في البداية بتقنية البلوتوث ثم الإنترنت الفضائي، ثم شبكات الاتّصالات والإنترنت القادمة من دُوَل الجوار كالأردن وتركيا والعراق، لتشكّل بديلاً عن شبكات الاتّصالات الحكومية، وقاموا بتطوير وسائل وتقنيات أخرى تساهم في تأمين متطلّبات حياتهم الأساسية.
تفتح مجلّة صُوَر ملفّ الاتّصالات والإنترنت في سوريا: الواقع والتطوّر والاستخدامات والجهود المبذولة لابتكار وسائل جديدة ومفيدة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - -
الاتّصالات التركيّة في الشمال السوري: بديل خارجي يساهم في استمرار الحياة
كمال السروجي
مع بداية العمليات العسكرية التركية التي تستهدف منطقة عفرين، قامت السلطات التركية بقطع الاتّصالات التركية عن جميع مناطق شمال سوريا، الأمر الذي أثّر على كثير من مناحي الحياة.
وقد لعبت الاتّصالات التركية طيلة الفترة الماضية الدور الأساسي في تأمين الاتّصالات السلكية واللاسكية لأهالي المنطقة. وأصبح الاعتماد عليها لا غنى عنه لاستمرار الحياة في ظِلّ الظروف القاسية للحرب.
هيمنة الإنترنت التركي
كانت الحكومة التركية قد قامت بتقوية شبكة الاتّصالات التركية في الشمال السوري بالتزامن مع دخول قواتها إلى البلاد، وتموضعها في مناطق من محافظة إدلب، وريف حلب الغربي، فضلاً عن مناطق سيطرة قوات "درع الفرات"، كمدن الباب وجرابلس وتل أبيض.
وشيّد الأتراك أبراج تغطية إضافية لتقوية شبكة الاتّصالات الخليوية التركية، لتأمين الاتّصالات للجنود الأتراك المتواجدين ضمن الأرضي السورية، ما أدّى لوصول الخدمة حتى مناطق واسعة من الشمال السوري.
يقول محمد الضاهر أحد أصحاب مكاتب الاتّصالات في مدينة معرّة النعمان لـمجلّة صُوَر: "قبل وصول التغطية التركية إلى إدلب كانت المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة تستخدم باقات معبّأة من أجهزة الإنترنت الفضائي كـ "تووي" و "هاب"، وهناك الكثير من السرعات والباقات لهذه الأجهزة، يتمّ شراؤها من مراكز أساسية في تركيا، ويتراوح سعرها بين 120$ - 850$، ويحصل الزبون على عرض مجاني لاستخدام الإنترنت بعد الساعة 12 ليلاً حتى السادسة صباحاً، أكثر مستخدمي هذه الأجهزة هم من الصحفيين والعاملين في المنظمات."
ويضيف الضاهر: "بعد ذلك أبرم تجّار محلّيون عقوداً مع شركات تركية لإدخال الإنترنت التركي السلكي، الذي يصل حتى الحدود السورية التركية، ثم تقوم صحون بثّ تثبّت في مناطق محدّدة مع أجهزة إرسال باستقبال الإشارة، وتقويتها حتى المنطقة المراد تخديمها، وأصبح هذا المنظر شائعاً في الشوارع العامة والمنازل، وتتوفّر هذه الخدمة بسعر 500 ليرة سورية لكل 1 غيغا."
إلى جانب ذلك يرغب كثيرون باقتناء خدمات الاتّصال والإنترنت عبر الموبايل، من خلال الاشتراك بخطّ تركي يُقدّر سعره بين 10-12 دولار شهرياً، وهو ثمن مرتفع ليس بوسع الكثيرين تأمينه.
اللاسلكي وسيلة حماية وتسلية
مع تطوّر الأحداث في الشمال السوري، ويأس المعارضة السورية من تقديم المجتمع الدولي أسلحة مضادة للطيران تشكّل درعاً لحماية المدنيين من قصف الطيران اليومي، وعجزهم عن فرض منطقة حظر جوّي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بدأ الأهالي بالتعاون مع الفصائل العسكرية، بالبحث عن أدوات تساهم في التخفيف من آثار القصف اليومي، واستعانوا بالقبضات (أجهزة اللاسلكي)، والتي بدأ استخدامها مع بدء العمليات العسكرية المضادة للنظام كوسيلة اتّصال بين مقاتلي المعارضة، وسرعان ما تمّ توجيهها للاستخدامات المدنية.
يقول عبد السلام البكور (43 عاماً) العامل في أحد المراصد لـمجلّة صُوَر: "تبدأ عمليات رصد الطيران، من خلال شركاء لنا ينتشرون في مناطق مجاورة للمطارات التي يقلع منها الطيران السوري والروسي، يخبروننا عبر إشارات خاصة متّفق عليها، بلحظة إقلاع الطائرة، إلى جانب ذلك يقوم بعض الخبراء بالتنصّت على الاتّصالات اللاسلكية، ومراقبة تردّداتها، لمعرفة مسار الطائرات وأوامر القصف، ونتيجة لتطوّر الأدوات، وتراكم الخبرة مع مرور الأيام، أصبحنا نقدّر أماكن القصف من توقيت انطلاق الطائرة، والمطار الدي أقلعت منه، نقوم بعد ذلك عبر أبراج ونقاط المراقبة بإخبار المدنيين عبر القبضات باقتراب القصف من قراهم ومدنهم، ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة لإبلاغ الدفاع المدني، وفرق الإسعاف والنقاط الطبّية، بغية أخذ الاحتياطات اللازمة، وإطلاق صفّارات الإنذار، خصوصاً في أماكن الاكتظاظ السكاني كالمدارس والأسواق العامة والمساجد".
ويتابع: "رغم الجهود الجبارة التي يبذلها المئات في هذا العمل، لم نستطع منع المجازر اليومية بحقّ أهلنا، لكنها محاولة منّا للتخفيف من حدّة الخسائر في الأرواح".
هكذا أصبحت "القبضة" رفيقة أهالي شمال سوريا إلى جانب جهاز الموبايل.
تقول الآنسة جميلة (45 عاماً) لـمجلّة صُوَر: "سابقاً كنت أحمل في حقيبة ككل الفتيات في العالم مستحضرات التجميل والعطور، أمّا اليوم فقد تخلّيت عنها لصالح هاتفي الجوال، والقبضة وبطارية الشحن، الموبايل للتواصل مع أصدقائي خارج سوريا عبر تطبيقات واتس آب وفايبر وإيمو، والقبضة للتنّبه في حال اقتراب الطيران، فضلاً عن كونها وسيلة تواصل داخلي مع جيراني في القرية".
وجرّاء الحاجة المتزايدة، أصبحت محلّات الاتّصالات تبيع تجهيزات القبضات، وامتلأت واجهاتها بأنواع وماركات متعدّدة حسب مداها وجودتها، إضافة لانتشار الأجهزة المستعملة منها، ويتراوح سعر الواحدة منها بين 25-200 دولار.
أبو كمال، رجل سبعينيّ، يقول لـمجلّة صُوَر: "قبل انتشار التلفزيونات كان الراديو وسيلة تسليتنا الوحيدة، نستمع لنشرات الأخبار صباحاً، وفي المساء نطرب لسماع أغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، وبعد بدء الحرب علينا أصبحت القبضة بديلاً عنها، كثيراً ما يقوم جيراني بتشغيل الأغاني على المذياع أو الكمبيوتر وبثّها عبر اللاسلكي، لتصل عبر القبضة، وتُنسينا بعضاً من مآسينا".
- - - - - - - - - - - - - - - - - -
خيارات متعدّدة للإنترنت في جنوب سوريا، والشركات الأردنية أرخصها
ليليا نحاس
مع بداية الثورة السورية في محافظة درعا، عمد النظام السوري إلى قطع جميع أشكال الاتّصالات الخلوية والأرضية والإنترنت عنها، لمنع وصول أي أخبار منها للعالم، وخوفاً من امتداد المظاهرات لعموم أرجاء سوريا.
تقول ديمة الحوراني لـمجلّة صُوَر: "في أوّل أيام الثورة أدرك النظام خطورة الاتّصالات، فقطعها عنّا، لم نكن نعرف وقتها أي شيء عن الإنترنت الفضائي، لجأنا لنقل مقاطع الفيديو بتقنية البلوتوث، كنّا نصوّر مقطع المظاهرة لمدة ثلاثين ثانية، ونرسله عبر البلوتوث، ليلتقطه عشوائياً أي شخص آخر، وهكذا حتى يصل لأي شخص متعاطف معنا، وتتوفّر شبكة الإنترنت لديه ليقوم بتحميله إلى موقعَي يوتيوب وفيسبوك، وبعدها تصل للقنوات الفضائية."
وتضيف الحوراني: "مع نجاح هذه الطريقة، قمت بتنظيم شبكة علاقات مع أصدقائي لنشر المقاطع عبر البلوتوث، كنّا نسمّي أجهزتنا على البلوتوث بذات الاسم، أو نضع لها رقماً محدّداً مشتركاً بين الجميع، ونترك البلوتوث يعمل ليلاً نهاراً. عند تصوير أحد المقاطع نقوم بالبحث في محيطنا عن أي جهاز يحمل تقنية البلوتوث وله نفس الاسم، وهكذا تنتقل المقاطع تدريجياً حتى تصل للأشخاص خارج منطقة الحصار، ليقوموا ببثّ المقاطع عبر الإنترنت أو إيصالها إلى الأشخاص المطلوبين، ومع تسارع الأحداث وتطوّرها، بدأ المتعاطفون مع الثورة بتأمين خطوط الإنترنت الفضائي، وبعض الخطوط الأردنية، التي كنّا نضطرّ لقطع مسافات طويلة في مناطق محفوفة بالمخاطر حتى نصل إليها."
الخطوط الأردنية الأكثر انتشاراً
يعتمد غالبية سكان محافظة درعا وصولاً إلى أجزاء واسعة من القنيطرة على شبكة الاتّصالات الأردنية لتأمين الاتّصالات عبر أجهزة الخليوي والإنترنت من خلال شركتَي "زين" و"أورانج" اللتين توفّران خدمة 4G "فور جي" اللاسلكية.
يقول المهندس أسامة مقداد من مدينة بصرى الشام لـمجلّة صُوَر: "بالقرب من الحدود الأردنية نقوم بتركيب صحون بثّ لسحب الإشارة من الأردن، ومنها ندخلها إلى سيرفرات نقوم بتجهيزها وبرمجتها، للحصول على اشتراكات يشترك فيها الزبائن عن طريق نوعين: الأوّل "الهوت سبوت"، يستطيع المستخدم من خلاله الدخول لأي نقطة بثّ تابعة لشركتنا عن طريق كلمة سرّ واسم مستخدم خاص به، الثاني "البرود باند"، وهي خدمة نقدّمها عن طريق برمجة "الراوتر" الخاص بالزبون، ليكون على اتّصال دائم مع خدمة الإنترنت التي نوفّرها".
سابقاً، قبل إغلاق معبر نصيب، كانت التجهيزات تُنقَل بشكل أكثر سهولة، أمّا حالياً فتمرّ عبر طرق التهريب، الأمر الذي أدّى لارتفاع أسعارها وتأخّر وصولها بسبب الأتاوات التي تُدفَع للمهرّبين.
وتختلف أسعار باقات الإنترنت حسب الموقع الجغرافي والبعد عن الحدود الأردنية، فكلّما ابتعدت المسافة تطلّبت تجهيزات أكثر، ما يؤدّي لرفع أسعار الخدمات.
يقول المقداد لـمجلة صُوَر: "في المناطق التي تبعد حوالي 40 كم يبلغ سعر الغيغا الواحد قرابة ثلاثة آلاف وخمسمئة ليرة، وفي مدينتي بصرى الشام على بعد 17 كم عن الحدود، سعر 1 غيغا 1500 ليرة، وتقدّم الشركات عروضاً خاصة للمؤسّسات والأفراد".
ويتابع مقداد: "نحاول تطوير برمجة السيرفرات، مثل حماية الزبائن من سرقة كلمات السرّ، وتأمين وقاية من التجسّس على الاتّصالات، وتحقيق شروط أمان عالية لمنع دخول أي هكرز لشبكات الزبائن".
ويتابع: "أسعار الإنترنت في الأردن أرخص، لكن عملية نقل البيانات تتطلّب تجهيزات عالية التكاليف، هذا يؤدّي لرفع سعرها في الداخل السوري، على سبيل المثال تركيب جهاز راوتر يتطلّب دفع مبلغ 175 دولاراً بالحدّ الأدنى للتمكّن من إيصال الخدمة لمنزل المستخدم".
يقول أحد أصحاب المحلات لـمجلة صُوَر: "أكثر من سبعين بالمئة من سكان محافظتَي درعا والقنيطرة يعتمدون على هذه الطريقة، فهي تُعتبَر الأرخص والأكثر عملية."
الإنترنت الفضائي
تنتشر خطوط الإنترنت الفضائي في الجنوب السوري الخارج عن سيطرة النظام، ويشرف عليها تجّار وفنّيون تحوّلوا للعمل في هذا القطاع. لكن ارتفاع تكاليفها جعل المدنيين يعزفون عن استخدامها، فاقتصر استخدامها على الشركات، والمنظمات والمؤسّسات الخدمية.
يقول المقداد لـمجلة صُوَر: "كلفة شراء بعض أنواع أجهزة الإنترنت الفضائي حوالي 600 دولار، وتكلفة شحنها يترواح بين 500-1500 دولار كل ثلاثة أشهر."
ويتابع: "أفضل الشركات هي "آي دايركت"، فهي تخدم المنطقة بشكل جيد، وكلفة شراء خطّها 600 دولار، ويحتاج لشحن كل ثلاثة أشهر بـ 1500 دولار، مايجعل سعره مرتفعاً جداً".
ويعتمد قسم قليل من الأهالي على خطوط شركتي "سيرياتل" و"إم تي إن" لتأمين مكالماتهم، رغم رداءة هذ ه الخطوط في الأجزاء الشمالية من محافظة درعا.
تقول هيام لـمجلّة صُوَر: "هناك أشخاص يسكنون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ويستطيعون السفر لمناطق سيطرة النظام لاستلام رواتبهم وقضاء بعض الحاجات، هؤلاء ليس لديهم مشاكل أمنية، ولا يخشون مراقبة مكالماتهم، بسبب عدم وجود أي نشاط ثوري لديهم، ويعتمدون على خطوط شركتي "إم تي إن" و"سيريا تل"، ويشترون هذه الخطوط ويشحنونها بشكل شهري، خصوصاً الإنترنت المستخدَم للتواصل الكتابي عبر واتس آب أو فايبر أو برنامج الإيمو، كونها تُعتبر الأرخص بين جميع الخطوط المتوفرة في مناطقنا".
خطوط إسرائيلية
تحاول قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة والمنتشرة على طول الحدود السورية الإسرائيلية، مساعدة الأهالي بتأمين بعض احتياجاتهم الأساسية، كخطوط الإنترنت، ونتيجة قرب المسافة، تصل تغطية شبكات الاتّصالات الإسرائيلية لمناطق واسعة من القنيطرة، الأمر الذي يدفع بعض السكان لشراء هده الخطوط.
يقول الناشط عمر المحمد من بلدة خان أرنبة لـمجلة صُوَر: "تُعتبر الخطوط الإسرائيلية مرتفعة التكلفة لكنها ذات جودة عالية، يستعملها غالباً الإعلاميون الذين يضطرّون للتنقّل كثيراً وإجراء بثّ مباشر. ندفع للحصول على الباقة المفتوحة من الإنترنت بسرعة 4 ميغا بايت خمسين دولار، نقوم بالتسجيل لدى قوات اليونفيل، وتحتاج أسبوعين حتى يتمّ شراؤها وتصل إلينا، أو تُرسَل من أقاربنا، في الجانب الإسرائيلي، الذين يسكنون هناك منذ ما قبل عام 1967".