info@suwar-magazine.org

اللّاجئون السوريّون في لبنان

اللّاجئون السوريّون في لبنان
Whatsapp
Facebook Share

 

تناولتُ في مقالة تحت عنوان "تأثير الجغرافيا على السياسة في المفاوضات السوريّة" (٢) عام ٢٠١٧ موضوع اللاجئين كأحد أوراق الضغط السياسيّ في الملفّ السوريّ،  وأهمّيّته لأطراف الصراع سواء دول الجوار أو أوروبا، ولا يخفى على أحد أن تركيا كانت أوّل من بدأ باستخدام ملفّ اللاجئين سياسياً بشكل علنيّ ومباشر من خلال تهديداتها المتتالية لأوروبا، مستغلّة صعود التيارات اليمينية المناهض للهجرة في أوروبا، ثم أعقبتها روسيا بعد سيطرة قوات النظام السوري على الغوطة مباشرة، كأحد خطوات إنهاء الصراع السوريّ لصالحها، حيث بدأت رحلة مناصرة لخطّتها في إعادة اللاجئين من ألمانيا ثم الأردن وأخيراً لبنان، ويبدو أنها نجحت في زيادة مخاوف الأوروبيين من الهجرة، وإقناع الرئيس البناني ميشيل عون اللاجئ السابق في فرنسا والوزير جبران باسيل.

 

وسرعان ما قام الأخير بنسخٍ ولصقٍ لنهج اليمين الإيطالي بقيادة وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني الذي يُعتبَر امتداداً لليمين الأوروبيّ، فهو قائم على استخدام الهجرة لتبرير الفشل الاقتصادي، وإثارة المخاوف الاجتماعية والثقافية، فمن المبرّرات الاقتصادية التي يسوقها باسيل أن الأيدي العاملة السوريّة تأخذ مكان الأيدي العاملة اللبنانية؛ لأنها أرخص، بسبب التهرّب الضريبيّ، وفي الحقيقة هذا صحيح ، فهي الأرخص، لأنها محرومة من تأميناتها الاجتماعية والصحّية، وهو ما يفرض عليه محاسبة أرباب العمل المستفيد الوحيد من التهرّب الضريبيّ بدلاً من نشر خطاب الكراهية ضدّ اللاجئين السوريّين وهدم خيمهم، أمّا المخاوف الاجتماعية والثقافية، فهي هراء عنصريّ لا يستحقّ الخوض فيه.

 

الروس ليسوا بحاجة إلى مبرّرات كثيرة لتسويق إرادتهم في عودة اللاجئين، فشركاؤهم يتكفّلون بذلك، إذ أن الهدف الروسيّ يتعدّى صبيانيّة عون ومراهقة باسيل، لأنه يتمحور حول إعادة الإعمار تثبيتاً لخطّتها في معالجة الأزمة السوريّة، لذلك لجأ إلى ملفّ اللاجئين لإجبار الدول على الانخراط في إعادة الإعمار، أو زيادة دعهما للتعافي المبكر، مستفيدة من صعود اليمين في أوروبا، وتشكّل  رأي قوي في أوروبا في أوساط بعض الحركات الاجتماعية، ومنها منظّمات إنسانيّة وشركات، يقول: " إن إعادة الإعمار وتهيئة البنية التحتيّة  سوف يساعد على توفير بيئة خدمية للّاجئين للعودة، وسيساعد على توفير فرص عمل أثناء العودة". فمن الناحية العملية هذا المبرّر صحيح، ولكن عودة اللاجئين تشكّل أيضاً استثماراً لأزمة اللاجئين لجميع الأطراف؛ فمن شأن إعادة الإعمار تحريك اقتصادات دول كثيرة، ومنها لبنان، وتوفير فرص عمل لمواطنيها.

 

لا ضيرَ في تحقيق مصالح مشتركة، ولكن ليس على حساب حقوق اللاجئين وتعريض حياتهم للخطر، بل على جميع الأطراف العمل من أجل توفير شروط العودة الآمنة والطوعيّة، والتي تتمحور بشكل أساسيّ حول " إيقاف كافّة أشكال العنف، وإنجاز انتقال سياسيّ وفق مسار جنيف، وحلّ أزمة النازحين والمهجّرين، وإحراز تقدّم في ملفّ المعتقلين"، وإلى ذلك الحين يجب أن تستخدم دول الجوار الأموال التي تحصل عليها من الهيئات الدولية لتحسين الظروف الاقتصادية للّاجئين، وأيضاً تحسين أوضاعهم القانونية بدلاً من نشر العنف والكراهية التي سوف يكون لها آثار سلبيّة لسنوات طويلة بين الشعوب المنطقة.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard