info@suwar-magazine.org

حوار السوريين بديلاً عن اتفاقات الدول الضامنة

حوار السوريين بديلاً عن اتفاقات الدول الضامنة
Whatsapp
Facebook Share

 

 

تابع السوريون بقلقٍ أخبار اجتماع أستانا 13، كما تابعوا الاجتماعات الأمريكية التركية فيما يخص شرقي الفرات.

 

بعد أستانا تنفس السوريون الصعداء عند سماع نبأ الاتفاق ليس حُبَّاً بالاتفاق أو اقتناعاً به إنما درءاً لشرِّ الحرب إذا ما عادات الخلافات، وفعلاً سرعان ما تم اختراق الهدنة، وعاد الحال إلى ما كان عليه من عنف وقصف وقتل وتشريد للمدنيين، فهذه الاتفاقيات هي وسيلة لإعادة الهندسة الديموغرافية، وهندسة القوة العسكرية على الأرض، وهو لبُّ الخلاف في أي اجتماع يجري بين القوى الإقليمية والدولية حول سوريا، وهو ما أدى إلى رفض بعض القوة العسكرية لتطبق الاتفاق الذي توصَّل إليه المجتمعون في أستانا.

 

بين ضفة نهر الفرات والحدود السورية -التركية لم يكن حال السوريين في تلك البقعة بأفضل، حيث الخوف من عدم توصّل الأمريكان والأتراك إلى اتفاق يجنبهم حرباً قد تؤدي إلى كوارث إنسانية. ورغم الاتفاق غير المعلن التفاصيل مازال السوريون منقسمين في الآراء.

 

فالبعض يرى أن أمريكا لن تتخلّى عن حليفتها في الناتو تركيا، لصالح الكرد والقوة العسكرية التي تبسط سيطرتها على تلك المنطقة، وهذا صحيح ولكن بنفس الوقت يجب علينا ألّا ننسى أن تلك القوات ( قوات سوريا الديمقراطية) ضحّت بـــــ 10 -12 ألف شابة وشاب في سبيل القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بمعنى أنها حاربت بالنيابة ليس فقط عن السوريين بل عن الأوربيين والأمريكان أيضاً، وهو ما يشكل ضغطاً كبيراً على حكومات قوات التحالف أمام برلماناتها وناخبيها.

 

 بالنسبة لي لا يمكنني سوى أن أرى أنها عملية احتواء لمخاوف تركيا، وأيضاً محاولة لعدم انجرارها أكثر في تحالفها مع روسيا وإيران وخاصة بعد صفقة 400 Sالروسية.

 

بالإضافة إلى اهتمام السوريين بالتطورات في شرق وشمال سوريا. هناك نقاشات دائمة حول شرعية وجود القوات الأجنبية على أرض بلادهم سواء كانوا دولاً أو تنظيمات أو جماعات طائفية، فالسنة لديهم الجماعات الإسلامية المقاتلة التي تدعمها بعض الدول العربية، والكرد لديهم من يدعمهم من جماعة قنديل بشكل رئيسي، وأيضاً إقليم كردستان العراق. بالإضافة إلى الدول الأوروبية وأمريكا، الأمر ذاته ينطبق على أطراف من المعارضة ذات التوجُّه السياسي السنِّي، وبعض الفصائل الإسلامية والتركمانية التي تدعمها تركيا مثل درع الفرات. والنظام السوري أيضاً له تحالفات سواء مع إيران والجماعات التي تدعمها من الفصائل الشيعية من العراق ولبنان وغيرها. بالإضافة إلى روسيا والصين، وهذا يشكّل انعكاساً طبيعياً لحرب مفتوحة كالتي تشهدها سوريا، حيث تتضارب وتتشابك المصالح الدولية والإقليمية لجميع الأطراف المتواجدة على الأرض السورية، والتي تبرر وجودها بحماية أمنها القومي ومصالحها وتستند في ذلك على حلفائها المحليين، رغم عدم شرعية هذا الوجود إلا أنه خلق نوعاً من أنواع التوازن في الصراع.

 

ورغم كل هذا التعقيد والتدخل الخارجي، فمازال مصير السوريين مرتبطاً بارتباطهم ببعضهم ليس فقط في الشرق والشمال، إنما على جميع الجغرافيا السورية، فكلُّ ما يحدث في الشمال السوري سيكون له تأثيرات وتداعيات مباشرة على شرق الفرات في الوقت الراهن، كما أنه من الخطأ الفادح الاعتقاد بأن الاتفاقيات الثلاثية أو الثنائية التي تجري هنا وهناك يمكن لها أن تحقق الأمن والاستقرار فأنصاف الحلول أثبتت فشلها في إيجاد سلام مستدام.

 

 نحن بحاجة إلى التفكير بحلول شاملة تضمن مشاركة جميع القوى السورية بدون استثناء بما فيها مسد والتأسيس ليس فقط لسلام بين الأطراف المحلية، ولكن أيضاً بين الأطراف الإقليمية والدولية، وفي هذا السياق لا يوجد حل أفضل من العودة إلى مفاوضات جنيف وتطبيق قرار ٢٢٥٤، والقرارات الدولية ذات صلة.

 

وفي النهاية ورغم كل الخلافات والعنف بين أطراف الصراع المحلية، فمازال أمامهم فرصة كبيرة للحوار وإيجاد حلول تحمي مصالح الشعب السوري أفراداً وجماعات، فقط نحن بحاجة إلى حوار شفاف، كل طرف يضع ما لديه على الطاولة بدون مواربة وبحسن النية، عندها فقط يمكننا إيجاد حلول متوازنة بشكل تشاركي، فالحوار إذا لم يكن مفيداً فلن يكون مضراً.

 

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard