info@suwar-magazine.org

العرف أقوى من القانون (4)    

العرف أقوى من القانون (4)    
Whatsapp
Facebook Share

 

تروي المرأة السبعينية ( سامية ) الاسم مستعار من ريف دمشق قصة اختها التي اعتقد اهلها انها حامل فذبحوها، تقول سامية " كانت أختي في الخامسة عشرة عندما بدأ بطنها يكبر بشكل غريب، وبدأت تشكو من ألم، ولم تعد تستطيع الأكل بشكل جيد. وتصف سامية المشهد وما تعلق في ذاكرة طفولتها " كان عمري عندها عشرة سنوات ولم أعِ ما يحصل في المنزل من بكاء أمي وغضب أبي وأخوتي، وتردّد أعمامي على المنزل، لقد قاموا بضرب أختي ضرباً مجنوناً، ومن ثم جرّوها إلى الحارة التي تعيش فيها، وتجمّع جميع جيراننا حولها، وقام أبي بذبحها بالسكين وسط (زغاريد أمي ونساء الحي)، وقد فهمت حينها أنها حامل وهذا عار كبير، جاءت الشرطة، وأخذت جثة أختي وأبي الذي سجن لعدة أشهر ثم عاد".

 

تقول سامية "كانت حياتي جحيماً بعدها، فلم يعد يسمح لي الخروج من المنزل، ولا اللعب مع رفيقاتي في الحيّ. عندما كبرت علمت مصادفة أن أختي كانت تعاني من سرطان في أحشائها حسب تقرير الطبيب الشرعي عند الشرطة".

 

الدفاع عن العِرض (إجرام القانون)

 

تعتبر ما تسمى بجرائم (الشرف) من أخطر القوانين التي تتعدّى تسميتها بالتمييز، فهي قوانين تشرّع الإجرام، وتعطي الحجج لقتل النساء حتى لو لم ترتبط بالزنا أو غيره، والتي تتسبّب بالرعب الدائم للمرأة، وتجعلها تقدّم دائماً فروض الطاعة للعائلة والمجتمع. فقد استُغلّ هذا القانون لتبرير جميع حالات قتل النساء من أقاربهنّ، إن كان بدافع الدفاع عن العِرض أو بدوافع أخرى كالسرقة والحقد، ويدافع المجتمع عن هذه الأفعال بشراسة وقلّما تصل حالات قتل النساء للمحاكم، فيتستّر عليها المجتمع كأنها لم تحدث، وفي أغلب الأحيان تتحوّل إلى حالات احتفال وتبريك. والمخيف أكثر بهذه الجرائم أن المرأة تحمل ذنب اغتصابها أو التحرّش بها، فتُقتل حتى بحالة عدم شروعها بالفعل، ولا شيء يضبط هذا القانون و التقليد من أي جانب من الجوانب، ويعطي الحجّة لاستغلال النساء للمصالح الشخصية.

 

كما تُجبَر المرأة على الزواج من مغتصبها بحجّة (السترة)، ونرى أن هذا الفعل يشجّع عليه القانون، حيث يمنح المغتصب عذراً مخففاً للعقاب في حال الزواج من ضحيّته، بالتأكيد لا يكفي إلغاء هذا القانون فقط، بل يجب أن يخلق قانون يحمي النساء والفتيات منه في المجتمع ككلّ، فيجب تشريع يتعلق بالعنف ضد النساء.

 

(يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد على أن لاتقل العقوبة عن الحبس مدة سنتين في القتل).

 

- المادة  (548) من قانون العقوبات بعد التعديل بالمرسوم التشريعي رقم 37 لعام 2009، وطرأ تعديل آخر على هذه المادة بالمرسوم رقم 1 لعام 2011 برقم مادة (15)، بحيث اصبحت (يستفيد من العذر المخفف من فاجأ .......، وتكون العقوبة الحبس من خمس سنوات إلى 7 سنوات على الأقل...).

 

التعديل يعطي عذرا مخففا للرجل ويعتبر الجرم جنحة علما انه جناية قتل ويخفض من العقوبة في حال قتله أو إيذائه زوجته أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته عند مفاجأتهم بجرم زنا مشهود أو صلات جنسية فحشاء مع رجل.

 

- المادة ( 473 ) المتعلّقة بعقوبة الزنا من 3 أشهر إلى سنتين للمرأة الزانية، وكذلك بالنسبة للشريك إذا كان متزوجاً، واذا كان غير متزوج فالحبس من شهر إلى سنة.

 

(إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدي أوقفت الملاحقة، وإذا صدر حكم بالقضية عُلّق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه.( هذه المادة التي تُوقف الملاحقة وتنفيذ العقوبة بمرتكبي جرائم )الاغتصاب – الفحشاء – الخطف – الإغواء – التهتّك( إذا تزوّج المجرم من ضحيته.

 

اقرأ أيضاً:

 

العرف أقوى من القانون (3)

 

- نصّت المادة (473 ) على معاقبة الزوجة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، بينما يعاقَب الزوج الزاني بالحبس من شهر إلى سنة، وتشترط المادة( 474) لفرض العقاب على الزوج الزاني أن يكون الفعل قد تمّ في منزل الزوجية حصراً في حين لم يشترط ذلك في عقاب الزوجة الزانية.

 

تختلف العقوبة حسب مرتكبه إذا كان رجلا أو امرأة، رغم وحدة الفعل ووحدة الأثر الناجم عنه وتكون عقوبة المرأة ضعف عقوبة الرجل، ويمتد التمييز إلى وسائل الإثبات فهي مطلقة للرجل ضد المرأة، ومقيدة للمرأة ضد الرجل، حيث لا يمكن إثبات هذا الجرم ضده إلا من خلال الإقرار القضائي أو الجنحة المشهودة، أو الرسائل أو الوثائق الخطية.

 

وبلغ التمييز درجة كبيرة من الجور والظلم، عندما اعتبر المشرع فعل الزوج مباحاً إذا ارتكبه خارج منزل الزوجية، في حين تعاقب المرأة إذا ارتكبت الفعل في أي مكان.

 

وحيث أن مفهوم شرف المرأة في المجتمع يخص الرجل ولا يتعلق بالمرأة، فينحصر حق الملاحقة عن فعل الزنا، بالزوج والولي، ولم ينص المشرع على ما يشير إلى حق المرأة بالشكوى على الإطلاق.

 

وطبعاً حق تقديم الولي لهذه الشكوى ينحصر ضد المرأة غير المتزوجة فقط، حيث لا يحق له ذلك ضد غير المتزوج. تقول ختام الاسم مستعار من ريف درعا "صار عمري الآن خمسين سنة، لكن هذه الحادثة لا أستطيع أن أنساها"حيث وقعت الحادثة منذ عشر سنوات في إحدى قرى ريف درعا، وتضيف واصفة ما حدث مع ابنة عمها، كان ابن عمي يسهر طوال الليل مع رفاقه على مشاهدة الأفلام الإباحية وشرب الكحول، وفي يوم دخل المنزل بوقت متأخّر، وقام باغتصاب أخته. بعدها تمّ إعطاء السمّ لابنة عمي لتشربه، وطُرِد هو من المنزل".

 

وتقول ما لا أستطيع نسيانه، هو بقاؤها أسبوعاً كاملاً تتألمّ حتى فارقت الحياة في غرفتها، ولم يُسمح لأحد بالدخول عليها، ونحن نسمع أنينها طوال تلك الفترة. سُجن حينها عمي لسنة تقريباً، وعاد إلى العائلة كأن شيئاً لم يكن، ولا نعرف شيئاً عن ابن عمي حتى الآن".

 

يُنشر هذا البحث بالتعاون بين مجلّة صُوَر وشبكة أنا هي

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard