info@suwar-magazine.org

على وقع ارتفاع الأسعار (الجوريّ) يتصدّر تفضيلات المُحتَفين في القامشلي بالفالنتاين

على وقع ارتفاع الأسعار (الجوريّ) يتصدّر تفضيلات المُحتَفين في القامشلي بالفالنتاين
Whatsapp
Facebook Share

 

يشهد حي الوسطى في مدينة قامشلو/ القامشلي حركة نشطة في 14 شباط يوم الفالنتاين (عيد الحب) حيث تتركّز غالبيّة محال الورود والهدايا، هذا الحيّ لم يشهد نشاطاً مماثلاً، منذ نحو عام، بسبب إجراءات الحظر لمواجهة انتشار فيروس كورونا، التي بدأت منذ آذار/ مارس الماضي وتوقّفت الشهر الفائت.

 

ينهمك جابر صاروخان (36 عاماً) بترتيب باقاتٍ وصناديق تضم وروداً حمراء، أمام محلّه، وسط سوق القامشلي، وعلى بعد أمتار من مدخل محلّه المحاط بقوس من البالونات الحمراء المرتّبة بعناية، يستعرض شريكه كاوى صبري مع الزبائن أنواع الورود، وهو يشرح لهم الفرق بينها من حيث الجودة والأسعار.

 

 

بالنسبة للشريكين يعتبر الفالنتاين المصادف لـ 14 من شباط "عيد الحب"، فرصة لتعويض فترة الركود التي سادت منذ نحو عام بسبب انتشار فيروس كورونا، وما عقبه من فرض إغلاقات عديدة وإجراءات حظر أوقفت الاحتفالات والأعراس، والتجمعات في المنطقة.

 

"هناك إقبال على الجوري الطبيعي الذي نحصل عليه من دمشق وحلب على حساب الصناعي المستورد من خارج البلاد"، يقول جابر الذي يرى أنّ ارتفاع الأسعار بالتزامن مع تدهور قيمة الليرة السوريّة مؤخراً أثّر على عملهم، وعلى الإقبال على شراء الهدايا بوجهٍ عام لصالح شراء الورود، وخاصّة من الجوري الطبيعي.

 

ويضيف أنّ هناك فارقاً كبيراً بين أسعار الورود في هذا العام والعام الفائت، "فالوردة التي كانت تباع بألف أو 1500 ليرة، ارتفع سعرها عدّة أضعاف، ذلك أنّ الدولار كان في مثل هذا الوقت من العام الفائت يعادل ألف ليرة، وباتت اليوم بـ 3300 ليرة".

 

ورغم أنّ ارتفاع الأسعار أثّر على شراء الهدايا والدُمى (الدببة الحمراء)، إلّا أنّ جابر يُمنِّي نفسه أن يعوّض الإقبال على الجوري، خاصّة خلال ساعات المساء حيث تزداد حركة الزبائن بشكل أكبر.

 

وحرِصَ الشريكان في محل يعود عمره لنحو عشرين عاماً، على توفير تشكيلة من ورود الجوري بأسعار تبدأ من 3500 و5000 لتصل إلى 7000 ليرة للوردة الواحدة، بالإضافة إلى ورود صناعيّة تبدأ أسعارها بألف ليرة لتصل إلى خمسة أو حتى إلى ستة آلاف إذا ما تم لفّها بزينة بسيطة.

 

 

ويشير جابر إلى أن "الدباديب" دوناً عن الورود والهدايا باتت مُسعّرة بالدولار، وأنّ أسعارها تبدأ من 10 دولارات، وتصل إلى 25 دولار وسطياً.

 

ويقول سليمان محمد صاحب محل هدايا، إنّ "الملاحَظ هذا العام أن الناس احتفلت بالعيد رغم قلّة الإقبال على شراء الهدايا بسبب غلاء الأسعار"، ويُقدّر البائع نسبة الإقبال على شراء الهدايا في محلّه هذا العام بنسبة 20% مقارنة بإقبال العام الفائت، "ذلك أنّ الورود الحمراء كانت مرغوبة أكثر في هذا العيد".

 

وبينما يقف بانتظار جابر حتّى ينتهي من تحضير وردة جورية، كي ينتقل لشراء هدية لزوجته من محلّ مجاور يقول محمد هسو العشريني: "إنّ ارتفاع الأسعار أثّر على رغبة الناس في شراء الهدايا، فغالبيّة من كانوا يفضّلون شراء قطعة ذهب، أو فضّة لشركائهم، اكتفوا هذا العام بقنينة عطر أو وردة فقط".

 

ويوافق الشاب على ما يذهب إليه بائع الهدايا سليمان محمد، ويضيف من واقع تجربته بين العام الفائت حين كان حديث الخطوبة، وبين هذا العام وقد بات متزوجاً: "كثيرٌ من الأصدقاء، وممن أعرفهم في محيطي اكتفوا هذا العام بشراء وردة أو هديّة رمزيّة، بعدما أصبح الحصول على هديّة متواضعة يكلّف أكثر من50 ألف ليرة".

 

 

ورغم أنّ الاحتفال بالفالنتاين بات مظهراً اجتماعيّاً مقبولاً على نطاق واسع في المنطقة، إلّا أنّه لا يخلو من معارضة، وانتقادات سكّان يرون أن المدينة لم تكن تعرف هكذا احتفال حتى قبل عقدين أو ثلاثة على الأكثر، وأنّها عادة حتى وإن كانت موجودة من قبل، فإنّها لم تكن بهذا الانتشار، والاحتفاء الذي يتّم به حالياً، خاصّة بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، و"تأثيرها السلبي"، وفق قولهم.

 

ويقول أحمد سالم (27 عاماً) الذي رفض الظهور أمام الكاميرا للتعليق على عيد الفالنتاين، إنّه "لا يجد أي معنى لتخصيص يوم للاحتفال بالحب وتحويل المشاعر إلى سلع تجارية، خاصّة، وأن ظروف الحرب التي يمرّ بها السوريّون تفرض عليهم تأمين مستلزمات المعيشة الأساسيّة التي أصبحت حلماً لنسبة كبيرة منهم"، وفق تعبيره.

 

في المقابل يجد هايل جدوع (35 عاماً) الذي قصد مع ابنة أخته سوق المدينة لشراء هدايا لبعض أقاربهم، أنّ "عيد الحب" فرصة للكثيرين لتذكر من يحبون من أصدقاء وأقارب وأحباب، كما أنّ "الاحتفاء بالعيد قد يكون من خلال تذكّر من نحب بمكالمة هاتفيّة في حال لم يكن بالإمكان شراء، أو تبادل الهدايا".

 

ويضيف جدوع أنّ "عيد الحب لا يجب أن يرمز إلى المحبّة بين العشاق فقط كما لا يمكن أن يقتصر الاحتفاء به عليهم، ذلك أنّ المحبة يجب أن تشمل جميع العلاقات الإنسانيّة سواء أكان الآخر المقابل أخاً أو صديقاً أو زوجة أو غير ذلك"، حسب تعبيره.

 

 

ويرى بعض الشبّان من مرتادي سوق القامشلي أن الفالنتاين قد يكون بالنسبة لهم فرصة للترويح عن النفس، وجعله مناسبة للفرح خاصّة بعد مرور نحو عشر سنوات من الحرب، واستمرار تدهور الأوضاع في البلاد، فيما يجد بائعو الهدايا في القامشلي أنّ الاحتفال بالفالنتاين أصبح لا يقتصر على الشبّان والشابّات الصغار أو غير المتزوجين فقط، "بل إنّ نسبة المحتفين به من المتزوّجين أصبحت تتوسع أكثر فأكثر رغم ارتفاع الأسعار بشكل مطّرد، وغلاء المعيشة".

 

وعقب ساعات من انقضاء يوم الفالنتاين شارك كثيرون من رواد مواقع التواصل صوراً لهدايا كانوا قد تلقّوها من أحبابهم، منهم أزواج في مراحل عمريّة متقدمة، وهو ما لم يكن معتاداً من قبل في القامشلي.

 

بدوره يجد جابر صاروخان من واقع عمله أنّ "الاحتفاء بالفالنتاين، وشراء الهدايا والورود زاد خلال سنوات الحرب، كما أنّ ذلك لا يقتصر على الشبّان والمراهقين، بل يشمل أيضاً الفئات العمرية الأكبر سناً، ولا شكّ أنّ لوسائل التواصل الاجتماعي، وانتشارها أثر كبير في ذلك".

 

ويضيف البائع الشاب بنبرة لا تخلو من التهكّم "خلال السنوات الأخيرة اتسعت شريحة أولئك المتزوجين الذين يخشون العودة إلى منازلهم خلال الفالنتاين خالي اليدين".

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard