info@suwar-magazine.org

حكومة الإنقاذ، قرارات جديدة وتململ شعبي

حكومة الإنقاذ، قرارات جديدة وتململ شعبي
Whatsapp
Facebook Share

 

أصدرت حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام قراراً جديداً يقضي بزيادة عدد أيام العمل الأسبوعية بستة أيام بدلاً من خمسة ابتداء من يوم السبت وانتهاءاً بيوم الخميس، وجاء هذا القرار بتاريخ 29-1-2021 "في إطار خدمة الأهالي في المناطق المحررة، وبغية تخفيف الازدحام على المؤسسات الحكومية، وتسريع عملية البناء والإنتاج" وفقاً للبيان الذي أصدرته الحكومة على موقعها على الانترنت[1].

 

وبالرغم من ادعاء الحكومة بأنّ القرار يصبّ في مصلحة الأهالي على حد تعبيرها، إلّا أنّ الشارع السوري في الشمال الغربي لم يعجبه هذا القرار، وظهرت العديد من الأصوات المندّدة لهذا القرار من الموظفين في دوائر الحكومة إلى طلاب الجامعات والمعلمين. ففي بيان نشرته رابطة المعلمين الأحرار العاملة في شمال غربي سوريا، أبدت الرابطة استياءها من هذا القرار، واعتبرته قراراً جائراً بحق المعلمين والطلاب على حد سواء.

 

قمنا في مجلّة صُوَر بإجراء عدة مقابلات مع بعض السكان من شمال غربي سوريا لسؤالهم،ن عن رأيهم/ن بهذا القرار، ولمعرفة ردة الفعل الشعبية على الأرض.

 

هند عبد القادر 44 سنة، مدرّسة في أحد مدارس ريف إدلب، قالت لمجلة صُوَر إن يومَيّ العطلة ضروريين للأمهات العاملات، وخصوصاً المدرّسات اللواتي تقضين يوم عملهن وقوفاً، وتعدن إلى منازلهن للاهتمام بأولادهن وتنظيف المنزل وتحضير الطعام، لا تجدن الراحة إطلاقاً أثناء أيام الأسبوع "يوم واحد لا يكفي لمتابعة تعليم الأطفال وبناء حياة اجتماعية، هناك الكثير من الأشياء التي لا أستطيع القيام بها خلال الأسبوع، أحتاج وقتاً كافياً لألتقط أنفاسي، يوم واحد غير كافٍ على الإطلاق".

 

لم تكن هند السيدة الوحيدة التي اشتكت من هذا القرار، منال سيد يوسف 36 سنة، أرملة وأم لثلاثة أطفال، موظفة في مديرية النفوس، والأحوال الشخصية في مدينة إدلب، أخبرتنا أنها ستعاني كثيراً، وخصوصاً أنّ لديها وضعاً خاصاً في المنزل، "ستصبح حياتي أصعب بكثير، لدي طفل في الخامسة من عمره مريض بالتوحد، وأنا مضطرة للعمل فزوجي قد فارق الحياة منذ ثلاث سنوات، كنت أخصص يومي العطلة بأكملهما لأبنائي والاهتمام خصيصاً بخالد، طفلي المريض، إلا أن المهام مع القرار الجديد ستكون أصعب علي، أرجو بحق أن تتراجع رئاسة الوزراء عن هذا القرار".

 

عبد الرحمن القاسم 51 سنة، مزارع من ريف إدلب رأى أن قرار حكومة الإنقاذ قراراً جيداً وذا نفع للأهالي، حيث قال: "قبل سنوات عديدة كانت أيام العمل الأسبوعية ستة أيام، وكان المواطن لديه الوقت الكافي لإجراء كافة المعاملات الورقية والقانونية في مؤسسات الدولة خلال أيام الأسبوع، أنا سعيد بهذا القرار، بالطبع سيكون الموظفون غير سعيدين في البداية لكنهم سيرون أن زيادة يوم في الأسبوع سيخفف عنهم الضغط في العمل".

 

سامي المحمد 23 سنة، طالب في جامعة إدلب، أخبرنا عن امتعاضه الشديد من هكذا قرار حيث قال: "أنا طالب في كلية المعلوماتية في إدلب، أدرس وأعمل في نفس الوقت، وكنت أجد في يومي الخميس والجمعة -عطلة نهاية الأسبوع- الوقت الكافي لكي أدرس مقرراتي الجامعية حيث أنّني خلال أيام الأسبوع ليس لدي الوقت الكافي، فأنا أعمل حتى يوم الخميس، بل وأعمل في يوم الخميس بشكل إضافي لأساعد في مصروف البيت، مع هذا القرار سيبقى لدي يوم واحد للدراسة والاستراحة والجلوس مع أهلي والحياة الإجتماعية! هذا ليس منطقياً على الإطلاق." سامي واحد من آلاف الطلاب والطالبات في جامعة إدلب الذين يحاولون التوفيق بين العمل والدراسة في حياتهم/ن اليومية، خصوصاً في ظل التضخم الحاصل في المنطقة، والذي تأثر بالتضخم الذي حصل في تركيا خلال العامين الماضيين، واعتماد الشمال الغربي منذ أكثر من ثلاثة أعوام على الليرة التركية بدلاً من الليرة السورية في التعامل النقدي، فالليرة التركية خسرت 29% من قيمتها في عام 2022، و44% في عام 2021، في حين أن تضخّم الأسعار في البضائع المستوردة معظمها من تركيا وصل إلى أكثر من 80%.

 

أثناء إعدادنا لهذه المادة قامت حكومة الإنقاذ بتعديل القرار السابق[2] ليستثني الجامعات والمدارس من زيادة أيام العمل الأسبوعية وبقاء يوم الخميس يوم عطلة، وأتى ذلك بعد ضغط شعبي ورفض من إدارة جامعة إدلب تنفيذ هذا القرار، مما كان سيؤدي إلى مشكلة بين جامعة إدلب ورئاسة الوزراء. بالرغم من هذا الاستثناء إلا أنه ما يزال هناك مئات الموظفين الرافضين لهذا القرار، ويرون فيه أنه قرار غير صائب، وغير ضروري على الإطلاق.

 

في الحقيقة، أتى قرار حكومة الإنقاذ بزيادة عدد أيام العمل الأسبوعية بعد قرار أصدرته قبل أيام من هذا القرار[3]، يقتضي بزيادة رواتب الموظفين العاملين في المؤسسات الحكومية التابعة لها بنسبة 25%، وهي نسبة لا تكفي في ظل التضخم الحاصل بحسب رأي العديد من الخبراء الاقتصاديين، وبناء على ارتفاع الأسعار الكبير الحاصل في الأسواق.

 

في مقابلة أجريناها مع أحد موظفي رئاسة الوزراء -والذي رفض الكشف عن هويته-، أخبرنا أنّ الرواتب المقدّمة من الحكومة لا تسدّ رمق الموظفين بأيّة حال من الأحوال، وهناك فروق شاسعة بين رواتب حكومة الإنقاذ، ورواتب القطاع الخاص وقطاع المنظمات العامل في الشمال الغربي، وبالرغم من أن الموظفين كانوا على دراية بزيادة الرواتب إلا أنهم توقعوا زيادة أكبر من هذه النسبة التي على حد تعبيره "إبرة تخدير للموظفين في الوقت الحالي"، ويعتقد الموظف أن تكون هناك زيادة أخرى في الأشهر القادمة بنسبة 25 بالمئة إلّا أنّها لن تكون كافية مع استمرار التضخم، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية بشكل يومي دون رقابة أو حد للأسعار.

 

تعاني منطقة شمال غربي سوريا من أوضاع اقتصادية سيئة بنسبة تجاوزت 90% تحت خط الفقر بحسب أخر الدراسات، ويحمّل الكثير من الأهالي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) سابقاً، وذراعها المدني حكومة الإنقاذ، مسؤولية تردّي الأوضاع الاقتصادية، وانتشار الفقر، والبطالة بسبب السياسات المتبعة في تضييق الخناق على المستثمرين والتجار، وهروب رؤوس الأموال من المنطقة بسبب الخطف والابتزاز الممارس من قبل هيئة تحرير الشام، بالإضافة إلى نظام المحاصصة التي تتبعه حكومة الإنقاذ، وفرض الضرائب على المواطنين في الخدمات التي تقدمها الشركات المستثمرة للماء والكهرباء في المنطقة.

 

[1] https://syriansg.org/34324/

[2] https://syriansg.org/34413/

[3] https://syriansg.org/34321/

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard