info@suwar-magazine.org

"ثورة" من باب الحارة

"ثورة" من باب الحارة
Whatsapp
Facebook Share

 

لحنكته وبُعْد نظره تُرفع له القبعات، هو الذي كان يحكم من قبره، كما قال ذات مرة الراحل الكبير رياض الترك، فقد أدرك أنَّ الحكم بالعصا ما عاد يجدي، لوحده، نفعاً، ولابدَّ من استخدام أدوات أخرى للاستمرار في سوقِ شعبه والتأثير عليه، وبالتحديد بعد التغييرات الكبيرة التي بدأت تطال العالم بُعيد تفكك الاتحاد السوفيتي وانتشار ثقافة التسليع والترفيه ودخول الفضائيات الى العالم العربي.

 

فأوعز، القائد الخالد، لمن هم دونه بدعم الدراما التلفزيونية وفتح الأبواب على مصراعيها لها، وليس للسينما الجادة أو المسرح، وبمعنى آخر لقد رسمَ دائرة محددة وواضحة المعالم والأهداف ليلعب فيها، وضمن حدودها، نخبة الفن والدراما، في سوريا، فالتزموا بها وفرحوا أيَّما فرح بذاك العطاء والدعم الكبير، وسواء أكان ذلك بوعي أو من دون وعي منهم فلا فرق.

 

اقرأ أيضاً:

 

                   عن الروح بين رونالدو وميسي

 

 وفي الآن عينه، وحتى يكتمل المشهد ويصفو، تم إبعاد وتهميش من لا يخدم أهدافه المضمرة تلك، وكان من بينهم، على سبيل الذكر وليس الحصر، الإعلامي المخضرم مروان الصواف والمخرج الكبير عمر أميرالاي، ممن يرون أنَّ الفن بالعموم، والاعلام بمؤسساته المختلفة، ليسا أدوات للترفيه أو لتسطيح الوعي ونشر المزيد من الجهل والتفاهة.

وقد حصد الابن، لاحقاً، ثمار ما زرعه الأب الخالد لتخريب الوعي وتنميطه وظهر ذلك جلياً في أقوال وأفعال شخصيات المعارضة السورية من صغيرها الى كبيرها مع وجود استثناءات قليلة جدا.

 

فكانت "ثورة" لم يشهد مثلها، من قبل، تاريخ البشرية، حيث أكلتْ أبنائها قبل أنْ تنجح في اسقاط النظام، وتميزت بالتفرق والتناحر الداخلي والسذاجة والاستسهال وعدم القدرة على فهم الواقع والتعامل معه كما يجب، وكان كل يغني على ليلاه، ولم يتكبد النظام السوري عناء تفريقهم أو بث الخلافات بينهم حيث تكفل ناشطوها مع ثلة من معارضيه بهذا الدور طوعاً، من دون اكراه، ولكن لماذا حدث كل ذلك؟

 

وماذا لو قُيضَ لذو بصيرةٍ أنْ يرى سلوك وطرق تعابير معظم الناشطين والناشطات، في الواقع وفي العالم الافتراضي، في مشهد واحد، لأدرك مدى تأثرهم العميق بالدراما السورية وبالأخص مسلسل باب الحارة، حيث الاستعراض والابتذال والسطحية واللغو والخلط الشنيع بين الأماني والممكنات، وبين الثورة والثرثرة، ولِمَ لا فالدراما السورية عظيمة، والشعب السوري عظيم، والثورة كذلك عظيمة، وما دمنا عظماء لهذا الحد علام احترق الأخضر واليابس، أمْ أنَّ لك رأياً آخر، عزيزي القارئ أو القارئة، فيما وصلنا له؟

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard