أنثى الكائن البشري فريسة وصيادة في الوقت ذاته

كان أجدادنا القدماء، في مرحلة ما من تاريخ البشرية، لا يعرفون شيئًا عن الرعي والزراعة، وكانوا يعتمدون في غذائهم على الجمع والالتقاط والصيد.
في تلك المرحلة، كان أغلب الصيادين من الذكور، لأن المرأة، في فترة الحمل والإنجاب والعناية بالأطفال، كان من الصعب عليها المشاركة في الصيد.
حتى الآن، لا يزال الصياد القديم كامنًا في داخل كل ذكر، لكن أدواته وأساليبه ونوعية الصيد قد تغيرت بشكل جذري عما كانت عليه في الماضي.
الحياة، بكل ما فيها من متع حسية وروحية، يمكن اعتبارها فريسة مغرية جدًا. والإنسان، إن لم يكن صيادًا، فلن يستطيع الحفاظ على وجوده المادي والروحي فيها، فالموت سيفترسه إن لم يستطع اصطياد لقمة عيشه، وكذلك اليأس والبؤس إن لم يصطد لحظات المتعة والراحة.
الصيد له كثير من الأشكال ولم يَعدْ مقتصراً على صيد الحيوانات من أجل الطعام، فمثلاً حين تلتقط أخطاء خصمك في حوار ما فأنت صياد! وحين تحصل على شيء ما تريده، أنت صياد! وحين تنجح في إغواء شخص يعجبك أنت صياد أيضاً، ويمكن اعتبار لا عب كرة القدم ماردونا الذي أدخل هدفاً بيده في شباك إنكلترا واحداً من أعظم صيّادي كرة القدم في العالم. ضمن هذا السياق يمكنني القول إنّ الأنثى صيادة أيضاً.
الآن، وبالرغم من عدم الحاجة المُلحّة لصيد الحيوانات من أجل تأمين الغذاء، لايزال كثير من الذكور حول العالم يقومون بالصيد "القتل" بهدف المتعة والحصول على نشوة النصر، وربما لأهداف أخرى تخصهم، بعضها قد يكون متعلقاً بأزمة نفسية ما.
اقرأ أيضاً:
حالة الصيد لدى الكائن البشري لا تقتصر على صيد الحيوانات بل على صيد أبناء جنسه أيضاً، والحرب أحد أبشع الأمثلة على وحشية الصياد القاتل لأبناء جنسه.
الحرب: أمهات يُنجبنَ ذكوراً ليقتلوا بعضهم بعضاً ويُفجعن أمهاتهن. أحياناً أشعر أنّ الحرب سببها العميق غير المدرك على مستوى الوعي عند الذكر هو الشعور بالنقص والعجز والغيرة من الأنثى لأنها قادرة على حمل كائن حي في داخلها، هذا الشعور يدفعهُ إلى الرغبة في جعلها متألمة ومكسورة من خلال قتل ما تُنجبه. الحرب ذكر السلام أنثى.
الصيد الممتع
مما لا شك فيه أنّه توجد أشكال كثيرة للصيد لا أخلاقية، فالمتحرش والسارق والمحتكر وما شابههم، كلهم صيادون قذرون وبلا أخلاق، لكن بالمقابل هناك صيد جميل وممتع، فمثلاً الذكر الذي تعجبه أنثى ما ويستخدم الأساليب اللطيفة وينصب الفخاخ الجميلة ليصطادها بدون خداع وكذب هو صياد أخلاقي.
الذكر غالباً هو من يبادر تجاه الأنثى. إذاً هو الصياد والأنثى هي الفريسة، هكذا يبدو المشهد للوهلة الأولى، ولكن الحقيقة هي أنّ الأنثى ذكية ولديها مهارة عالية في أنْ تكون صيادة وفريسة في الوقت ذاته، فحين ترى الذكر بطيئاً وبعيداً تنتظره بشكل غير مباشر ليقترب، ومع اقترابه تبتعد قليلاً لتثير فيه رغبة المطاردة، وحين تريد إنهاء رحلة الصيد، تجعل الذكر يشعر بأنه حاصرها ولم تعد قادرة على المقاومة والهرب، بعدها تَسقط في الشِباك. في تلك اللحظة يشعر الذكر بالنصر والفرح، ولا ينتبه أنه كان فريسة منذ البداية وتم اصطياده من حيث لا يدري.
برأيي الشخصي أنّ الانثى الناضجة والتي تتمتع بمستوى ما من الوعي والتجربة من المستحيل أنْ يتم اصطيادها جنسياً أو عاطفياً مالم تكن راغبة وراضية، إلا إذا تم استخدام الخداع والكذب والعنف والابتزاز معها، وهنا يصبح الصيد غير أخلاقي.
لا أرتاح حين أجلس وظهري مكشوف
حين أجلس في مكان عام ولا يوجد خلفي حائط أو أي شيء آخر يحمي ظهري، أشعر بعدم الراحة والتوتر قليلاً، والتفسير الوحيد المقنع بالنسبة إليّ لعدم راحتي وتوتري هو أنّ الصياد في داخلي متيقظ ولا يشعر بالأمان إنْ كان ظهري مكشوفاً لأنه قد يتعرض لهجوم ما.
تعلمتُ من خلال تجاربي في صيد الأنثى، التي أخفقتُ ونجحتُ فيها، ومن خلال الاطلاع على تجارب أصدقائي الذكور في صيد النساء، وتجارب صديقاتي مع ذكور حاولوا صيدهنّ، أنّ الأساليب التي قد تنجح وبشدة مع أنثى ما، قد تسبب فشلاً ذريعاً مع غيرها. وأنّ الأنثى يجذبها أسلوب الذكر في صيدها.
اكتشفتُ أيضاً أنّ هناك نساء كثيرات لا تَعنيهنّ الوسامة والمال والمكانة الاجتماعية للذكر، لأنّ الأنثى لا ترى فقط بعينها، بل بعقلها وعاطفتها وتعتمد أيضاً على حدسها، هذا ما يجعل مهمة صيدها جنسياً أو عاطفياً أو كليهما معاً أمراً صعباً.
أظن أنه لا يوجد رجل في العالم مهماً كان فقيراً على مستوى الشكل الخارجي والمادي والاجتماعي وغير ذلك، إلا ولديه أدوات وأساليب صيد تجعله قادراً على جذب أنثى ما، لفترة من الزمن أو ربما طوال العمر.
الصياد الجميل المحترف "أنثى كان أو ذكراً" هو الذي يستطيع أن يجعل فريسته عالقة في شباكه طوال العمر من خلال جعلها تشعر بالأمان والحب والاحترام ومتعة مشاركة الحياة معه.