info@suwar-magazine.org

ماذا لو سُبيت نساء بلجيكيات؟ الغضب الغائب عن مذبحة الإيزيديين

ماذا لو سُبيت نساء بلجيكيات؟ الغضب الغائب عن مذبحة الإيزيديين
Whatsapp
Facebook Share

 

لمجرد تشكيكه بـ "الهولوكوست"، كاد الفرنسي روجيه غارودي أن يُدفَن حيّاً، ربما لأن ضحايا الهولوكست انتصروا وباتوا يمثلون وول ستريت، ويمتلكون المفتاح الذهبي للعواصم، كل العواصم، بمن فيها "هوليوود" عاصمة الكاميرات والاحتفالات والسجّاد الأحمر الذي تخطوه رومي شنايدر والعزيزة الليدي غاغا.

ـ ولكن؟

لكن ماذا؟

لكن ليس لليزيدين سوى الرقص حول النار، والاستحمام بذاكرة ملاكهم الأول، ذاك الذي خلقه "الله" من نوره، وجعله رئيس الملائكة السبعة، ليكون "الملك طاووس" وسيطهم إلى الخالق.

ـ طاووس، ملك الكرامة، ذاك الذي رفض السجود لآدم طاعة لأمر الله بعدم السجود لغيره.

الله ما أبدع طاووسهم هذا.

ـ ليته لي، لا ليكون وسيطاً بيني وبين الله، بل ليكون "اللهي".

ما الذي حدث لهؤلاء.

ـ الذي حدث، هو فضيحة لهذا العالم الفضيحة.

 

 

في عام 2014، صعد تنظيم داعش (الأب الشرعي لجبهة النصرة وقد تحوّلت إلى هيئة، والهيئة إلى دولة)، صعد إلى جبل سنجار، لكنه لم يكن يرفع راية الله، بل راية جريمة مكتملة الأركان: قَتل، اغتصاب، تهجير، واستعباد.

وفيما كانت الشاشات العالمية تتابع مباريات كأس العالم، كانت نساء إيزيديات يُسحبن من شعورهن في قرى نُهبت أمام عيون أطفالهن.. أكثر من ستة آلاف امرأة وطفل تم سبيهم، بيعوا في أسواق العبيد، ووزّعوا على مقاتلي التنظيم كما تُوزّع الغنائم في غزوة وحشية.

 

 

لكن ماذا لو كانت هذه النساء بلجيكيات؟ أو إسبانيات؟ ماذا لو اقتحم مسلّحون متطرفون قرية فرنسية، قتلوا رجالها، وسبوا نساءها، وباعوهن في سوق علني على الإنترنت؟ كم دقيقة كانت ستنتظرها شبكات الأخبار الكبرى قبل أن تملأ شاشاتها؟ كم اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن كان سيُعقد؟ وكم بيان شجب، وكم فيلم وثائقي، وكم نصباً تذكارياً كان سيُقام لضحايا المجزرة؟

ـ لكن لأن النساء كنَّ إيزيديات، ولأن الجغرافيا اسمها "سنجار" لا باريس، ساد الصمت.

 

اقرأ أيضاً:

                 

                         بلاد الشام: أنطون سعادة أم شمعون بيريز؟

         

                       أيّ كان "الديلر" فـ "الكازينو" في "الكابيتول"

 

بعض وسائل الإعلام العالمية تكلّمت، لكنها سرعان ما طوت الصفحة، أما الإعلام العربي، فكان مشغولًا بتغطية الصراع الطائفي، وبتبرير المجازر بناءً على الولاء السياسي والديني.

 

التقارير الأممية (ومنها تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق بشأن سوريا والعراق) وثّقت شهادات مروّعة، فتيات في عمر 9 سنوات اُغتصبن، نساء بيعت مرات متكررة بين عناصر التنظيم، وأخريات أُجبرن على "الزواج" بمغتصبهن.. هذه جرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية، لكن لم تزل كثير من الحكومات تتعامل معها كأحداث طارئة في زمن الفوضى.

 

حتى اليوم، آلاف النساء الإيزيديات لا يزلن مفقودات.. البعض منهن لا زلن في قبضة من باعوهن، أو في بيوت من اشتروهن، أو خلف جدران الصمت والعار الذي فُرض عليهن.

 

الجريمة لم تنتهِ، بل تغير شكلها:

ـ من السبي الجسدي إلى السبي الرمزي؛ من الاغتصاب المباشر إلى اغتصاب العدالة.

ـ هل حياة المرأة الأوروبية أغلى من حياة المرأة الإيزيدية؟

ـ هل الإعلام ينتفض فقط عندما تكون الضحية شقراء وعينها زرقاء؟

ـ هل صمتُ العالم جزء من الجريمة؟

الجواب نعرفه، لكننا بحاجة إلى أن نقوله، وأن نصرخ به، وأن نكتبه، لأن السكوت عنه لا يُنقذ العالم من العار، بل يزجّه فيه أكثر.

 

حدث هذا لليزيديين واليزيديات، وسيحدث مع كل غد، وقوائم الضحايا ستطول، وكل ما تبقّى لنا هو:

ـ صرخة في وجه هذا العالم ابن القحبة.

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard