info@suwar-magazine.org

الاستغراب-أوكسيد نتاليزم في فيسبوك السوريين

الاستغراب-أوكسيد نتاليزم في فيسبوك السوريين
Whatsapp
Facebook Share

 

ملاذ الزعبي

"إذا اتخذنا من أواسط العام الثاني عشر بعد الألفين نقطة للانطلاق محددة تحديداً تقريبياً، فإن الاستغراب يمكن أن يناقش ويحلل بوصفه الخطاب الموحد للتعامل مع الغرب، التعامل معه بكتابة ستاتوسات حوله، وإجازة التعليقات عنه والتلييك عليها، ومن ثم وصفه وتحليله وتصفح صور نسائه واللجوء إليه والاستقرار فيه وتشجيع منتخباته الوطنية.. الاستغراب كأسلوب سوري للسيطرة على الغرب".

أحمد جوناثان، من مقدمة كتاب الاستغراب

بعيد وصوله لهولندا إثر رحلة طويلة بدأت من العاصمة الأردنية عمان وقادته إلى الجزائر فليبيا فالبحر المتوسط فإيطاليا ومنها إلى فرنسا ثم بلجيكا لينتهي به المطاف في بلد السهول الواطئة، طجّ صحفي من دير الزور ستاتوساً معلنا وصوله إلى هدف رحلته الأخير، وواصفاً السهول الممتدة حول المجاري المائية الوفيرة "ولكأنها أشبه بسهول مزروعة بالخضراوات على ضفاف تفرعات نهر الفرات". ولقد كان على حق في وصفه للمكان، خصوصا من وجهة نظر الديري، فقد كان الغرب ومنذ بدايات القرن العشرين مكاناً للرومانسية والكائنات الغربية المدهشة، والنساء الجميلات الشبقات، والذكريات والمشاهد الشابحة والتجارب الاستثنائية، وكان الآن في طريقه إلى التلاشي.

ربما لم يكن أبو أحمد الإدلبي يقصد سوءاً عندما كان يدافع عن خياره في الإقامة بالدنمارك رغم الفتوى التي أصدرها الشيخ راتب النابلسي بعدم جواز الإقامة في الغرب، كتب أبو أحمد في تعليق على فيديو محاضرة الشيخ راتب مدافعاً عن الأربطعشر ألف كرون التي يحصل عليها نهاية كل شهر "والله إني رأيت إسلاماً هنا ولم أرَ مسلمين"، استبعد أبو أحمد كل المسيرة الدينية التي مرت بها شعوب القارة الأوروبية عموماً والشعب الدنماركي خصوصاً، لم يكترث للكنيسة وانقسامها وللحروب الدينية وانشقاق مارتن لوثر والصراع على السلطة البابوية والإصلاح الديني وتطبيق العلمانية، وفرض عليهم رؤيته الدينية الخاصة. بكلمات أخرى فإن الغرب، بسبب الاستغراب، لم يكن، وهو ليس، موضوعاً حراً للفكر والعقل.

"تعوا لهون ولا تردوا على حدا، عم يعطونا رواتب شهرية وبيوت وحطوا ولادنا بالمدارس"، الجملة السابقة التي وضعتها أم علي الشاغورية كتعليق فايسبوكي لإنهاء نقاش مستعر كان يدور في مجموعة "أفضل طرق التهريب المضمونة- للسوريين حصراً" والتي تضم نحو 150 ألف عضو فقط لا غير. أم علي المقيمة بالسويد منذ ثلاثة أشهر لم تكن بحاجة للمزيد من الوقت لتطلق حكمها النهائي على الدولة الاسكندنافية، وهي إن كانت قد حولت مفهوم "المساعدات الاجتماعية" إلى "راتب شهري" فإنها لم تقم بأكثر من محاولة لهدم المفاهيم الغربية وتحويلها إلى مفاهيم سورية وصولاً لاستبناء هذا الغرب وامتلاك السيادة عليه. دعت أم علي السوريين إلى القدوم جماعات وأفراداً غير مكترثة لا بسكان البلاد الأصليين ولا بثرواتهم ولا بضرائبهم، فمنذ متى كان لهؤلاء الغربيين وجود أو قيمة، إلا من باب ما قد يقدموه لنا، نحن السوريون، "مركز هذا العالم".

بعد أسابيع فقط على حصول سلمان الحوراني على إقامة دائمة في ألمانيا، أنشأ صفحة فيسبوكية بعنوان "سوريون ضد العنصرية الألمانية"، وكتب في تعريف الصفحة "لأن ألمانيا دولة ذات طبيعة نازية، وشبعها يعاني من آفة العنصرية فإن علينا أن نحارب هذه الآفة". لم يكتف سلمان بالتعميم، بل تجاوز ذلك إلى التعامل مع الألمان وعاداتهم كمسألة جوهرانية ثابتة، لا تاريخية، وهي العادة التي ذهب إليها سوريون كثر قبله بتقديمهم لخلاصة أبحاثهم حول الشعوب الغربية بالطريقة ذاتها، حيث يبدي السوري دائماً اندهاشاً من هؤلاء الغربيين وكأنهم كتلة واحدة مصمتة متماثلة الخواص فهم قد أدهشوه "بعنصرية"هم أو "لطف"هم أو "برود"هم أو تعاطف"هم الخ.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard