info@suwar-magazine.org

- أين كنا؟ وأين صرنا؟

- أين كنا؟ وأين صرنا؟
Whatsapp
Facebook Share

 

*نبيل الملحم

 

- كنّا في دولة الطغيان.. نعم كنا، وصرنا في أزقة الطغيان، حواري الطغيان، أرصفة الطغيان، إمارات الطغيان.. نعم صرنا.

 

- كنا تحت حكم (ظل) العسكر، وصرنا تحت حكم (بساطير) العسكر، على تنويعات العسكر (ميليشيات من كل نوع وجنس وعرق ولقطاء).

 

- كنا نأكل الخبز المغموس بعرقنا (كفاف يومنا)، وصار خبزنا، يدنا الممدودة بالدعاء لمانح لقمتنا، نتسوله في مخيم لاجئ، وفي رصيف مقيم، ومن بوابات سفارات أمعنت في تلويث أكفاننا.

 

- كنا شعباً في طور التكوين، وصرنا قبائل، طوائف، مذاهب، كمشات بشر، يلوّحون بقبضاتهم في وجوه كمشات بشر، (جئناكم بالذبح).

 

 

- كنا، بأفواه نصف مفتوحة على الكلام، وصرنا بأفواه مكمّمة سوى بما يرأتيه مموّل هنا، وعابث هناك.. عثماني، قطري، روسي ، إيراني، ولكل مسطرته في تحديد مساحة فوهة أفواهنا.

 

- كنا، نصطاد السمكة بسنارتنا، وصرنا نشتهي علبة السردين الفارغة، أسماكنا هاجرت شواطئنا، وسنارتنا علقت بنا.

 

- كنا ما نسبته واحد على واحد، بنت يقابلها شاب، وصار لكل ثمان بنات شاب واحد، مقطوع من الأمل، مجرّد من حق البحث على البقاء (على قيد الحياة).

 

- كنا بفاسد واحد، هو (جهاز الدولة)، يستأثر بالفساد، وصار الفساد معمّماً، على الجميع، فمن لم يفسده الجوع، أفسدته الصيغة، ومن لم تفسده الصيغة أفسدته دول الحلفاء (كل الحلفاء ولكل حليفه).

 

- كنا دولة تحبو، تتأرجح بين العواصم، وتلعب على الحواف، وصرنا قبائل تبيد قبائل.. أعلامها أكثر من سكّانها، مُزق أعلام، وخرائط مقترحة، وأخرى جاثمة على القلب.

 

- كنا،  مُهدُدين بحريتنا، وصرنا مُهدّدين بوجودنا.. كل وجودنا باعتبارنا كائنات فقرية، كيماوية، لافرق.

 

- كنا تحت سقف الحزب الواحد.. المُنهك، المهتوك، القابل للتآكل بفعله، وبيده، وصرنا في أحزاب، تيارات، تكتلات، كلما زاد عددها قلّ شأنها، لاهي بالقبيلة، ولا هي بالقطعان.. لا هي بالراعي ولا هي بالأغنام.

 

- كنا 25 مليون (رأس)، وغدونا (15) مليون بلا رؤوس.. نتجول ما بين سفارة، وشاطئ، وبيت لجوء.

 

- كان لنا (لواء سليب)، وبتنا نرجو العثماني على سلب، الهلال الخصيب. 

 

- كنا نمدّ أيادينا إلى إسرائيل خفية، وبتنا نمدّد أجسادنا لأقدامها علناً في الضوء وما وراء الضوء.

 

- كنا واهمين، نقتات أوهامنا، وغدونا واقعيين، وليس ثمة من واقع يفيض واقعية عن الطين (فمنه ولدنا وإليه نعود).

 

- كنّا نُعرّف العهر بـ جسد مقابل مال، وكان شارع بغداد وحده، دليل البيع، وسوقه، وصرنا على الأزقة، وبوسع مارق، متابع أثر، مستطلع، العبور من منطقة المصنع إلى بوابة شتورا، حيث المرأة تساوي لقمتها.. وشيل ياشيّال.

 

- كنا ندعو الله أن ينصر العقل على النظام، فبتنا ندعوه أن ينصر فتح الشام على أحرار الشام، ومن ثم الزنكي على فتح الشام، ومن بعدها ينصر فاستقم على الزنكي المعوّج على باقي الاعوجاجات.

 

- كنا نتحاشى لعن الشيطان مراعاة لوجدان عابديه، وصرنا نلعن(...) نكاية بجرائم وارثيه. 

 

- كنا نقول غداً، وها نحن صرنا بلا غد، زماننا .. كل زماننا الماضي، صلاة وكفراً، توحيداً وتوثيناً.

 

- كنا نخاف (زوّار الفجر)، وبتنا بلا فجر ولا صباح ولا مساء، ولكل توقيت زوّاره، بلطات، وسواطير، ولكل متعته، من أكل الأكباد، إلى الاستمناع بشواء الناس.

 

- كان لنا الرحابنة (ثمة من يتباهى بشتيمتهم اليوم)، ولنا قوّة المثل في أغنية، في كتاب، في لوحة، في قيمة أو قوّة بيضاء، فسطونا على كل مثل فينا وانتهكناه، ، وبعدها لم يتبق منّا سوى تراشق اللعنات، وتخيّلوا حين يصل بشري ما، ليلعن كل البشرية، كلّها، (شعراءها، كتّابها، مبتكري علومها، فلاسفتها)، فلا يتبقى من ذاكرته سوى الجذام.

 

- كنا:

 

ولأننا نجرؤ على قول (كنا)، فثمة متسع لنا  في الماضي، الماضي وحده، وهو الماضي الذي يتراوح ما بين غولين، غول الدوغمائيين القوميين، بصلافتهم، وعنجهياتهم وبيرقراطييهم، وبين الإسلاميين، بكل ما أوتوا من قوّة وبأس على قطع لسان ويد الحاضر والتاريخ.. ولأننا نجرؤ على قول (كنا)، فللحكاية عنوان:

 

- ليتها ما كانت .. ليتنا لم نكن.    

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard